رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى

فى الحومة

لقد تحدثتُ فى المقالِ السابقِ، «معًا للبناءِ لا للهدمِ»، عن خطورةِ السوشيالِ ميديا وضرورةِ الاستخدامِ الأمثلِ لها، لما تملكه من فوائدَ عديدةٍ فى التواصلِ والمعرفةِ، ومن السرعةِ والانتشارِ والوصولِ إلى ملايينِ البشرِ فى وقتٍ وجيزٍ. ولا شكَّ أن هذا العالمَ لا يمكنُ أن نتجاوزه، فلقد سيطرتْ تلكَ الأدواتُ الحديثةُ على نمطِ حياتِنا، وأصبحَ من الصعبِ الفكاكُ منها، بل أصبحتْ إدمانًا لدى قطاعٍ عريضٍ من مجتمعِنا العربيِّ. وليسَ بخافٍ على أحدٍ ما يسببه ذلكَ من تأثيرٍ على الصحةِ النفسيةِ والعقليةِ من اضطراباتِ النومِ وعدمِ التركيزِ والتوترِ والقلقِ والاكتئابِ والعزلةِ الاجتماعيةِ، التى أفقدتْ الكثيرَ من الناسِ الطبيعةَ البشريةَ لكونِه كائنًا اجتماعيًّا، وأصبحَ لا يستطيعُ التعاملَ الواقعيَّ مع مجتمعِه. وبذلكَ انتشرتْ أمراضُ الاكتئابِ والتفككِ الأسريِّ، وأصبحَ ظاهرةً مجتمعيةً خطيرةً يجبُ معالجتُها، وهذه مسؤوليةٌ يتحملُها الجميعُ.

لقد فقدَ الإنسانُ خصوصيتَه بما تضعُه تلكَ المنصاتُ من اشتراطاتِ السماحِ للدخولِ إلى المعلوماتِ والصورِ الشخصيةِ، هذا بخلافِ البرمجياتِ الخبيثةِ والفيروساتِ التى تقومُ بسرقةِ المعلوماتِ الشخصيةِ والاحتيالِ الماليِّ. ولا ريبَ أن هذهِ المشكلاتِ وغيرها معلومةٌ للكافةِ، ولكنْ أصبحنا أسرى لتلكَ الأدواتِ التى أصبحتْ أداةً للعصرِ. ومن ثَمَّ، يجبُ ألَّا نتركَ هذا الأمرَ دونَ توعيةٍ مجتمعيةٍ جادةٍ تقومُ بها كافةُ المؤسساتِ للممارسةِ الرشيدةِ لتلكَ المنصاتِ.

والحقيقةُ ما استوقفنى لكتابةِ هذا المقالِ هو ما حدثَ هذا الأسبوعَ من انتشارِ العديدِ من المحتوياتِ المضللةِ التى تحملُ أخبارًا كاذبةً وشائعاتٍ دونَ التحققِ من صحتها، وانتشارِ تلكَ الموضوعاتِ دونَ النظرِ إلى ما قد تمثلُه من دعاوى للفوضى والبلبلةِ وتضليلِ الرأيِ العامِّ وتكديرِ السلمِ والأمنِ وإحداثِ فتنةٍ طائفيةٍ.

المحتوى الأول: انتشارُ خبرِ قيامِ إرهابيينَ بإلقاءِ قنبلةٍ أمامَ نادى الشرطةِ بكورنيشِ النيلِ بالمنيا، وهذا المكانُ لا يبعدُ عن منزلى بـ 200 مترٍ، وهو خبرٌ كاذبٌ ومضللٌ. وانساقَ خلفَه روادُ الفيسبوكِ بإضافاتٍ واجتهاداتٍ أحدثتْ بلبلةً لعدةِ ساعاتٍ فى المنيا، وأصدرتْ وزارةُ الداخليةِ بيانًا بذلكَ. وهذا الموضوعُ يؤثرُ على السياحةِ والاستثمارِ، فالناسُ لا تدركُ أبعادَ وخطورةَ تلكَ الموضوعاتِ ونشرَها بدعاوى الخوفِ على الوطنِ. وهذه المسائلُ لا يجبُ التعرضُ لها إلا ببياناتٍ رسميةٍ.

المحتوى الثانى: هو لسيدةٍ مسيحيةٍ نشرتْ استغاثةً فى بثٍّ مباشرٍ تناشدُ فيه إنقاذَهم من المسلمينَ بقريةِ منشأةِ الحوصليةِ، أبو قرقاص، المنيا، من تدميرِ منزلِهم وتدعو لمشاركةِ هذا البثِّ. ولقد قامَ الكثيرونَ بمشاركةِ البثِّ، وهو أمرٌ مخالفٌ لحقيقةِ الواقعِ، فلقد تجمهرَ أهالى القريةِ، مسلموها ومسيحيوها، اعتراضًا على تركيبِ تغذيةٍ لشبكةِ المحمولِ لتفادى الأمراضِ الخبيثةِ والخطيرةِ الناتجةِ عن تلكَ الشبكاتِ وفقًا للمعلوماتِ المتداولةِ لديهم عن مخاطرِ شبكاتِ المحمولِ. وليسَ هناكَ خلافٌ طائفيٌّ كما ادعتْ تلكَ السيدةُ، ولقد أعلنتْ الكنيسةُ الأرثوذكسيةُ بيانًا بذلكَ. وخطورةُ مثلِ تلكَ الموضوعاتِ أنه لا يمكنُ تصويبُها؛ لأنها وضعتْ على تلكَ الشبكةِ العنكبوتيةِ، فكلُّ من يراها سوفَ يعتقدُ صحةَ ما بها من أخبارٍ.

المحتوى الثالث: موضوعُ الدكتورةِ نوالِ الدجويِّ والنكبةِ التى أصابتْ تلكَ العائلةَ، وقد تكونُ السوشيالُ ميديا سببًا فى تفاقمِ تلكَ المشكلةِ.

والحقيقةُ أننا إزاءَ مشكلاتٍ عديدةٍ تهددُ أمنَ وسلامةَ المجتمعِ، فيجبُ وضعُ ميثاقٍ وقانونٍ يضمنُ عدمَ نقلِ أو كتابةِ أو تصويرِ أيِّ موضوعاتٍ تعرِّضُ أمنَ وسلامةَ الأشخاصِ والبلادِ للخطرِ، مع عملِ حملاتِ توعيةٍ مجتمعيةٍ تشاركُ فيها كافةُ مؤسساتِ الدولةِ والمجتمعِ المدنيِّ.