أزمة الدواجن تتصاعد.. والأسعار تشعل فى الأسواق

شهدت أسعار الدواجن والبيض ارتفاعًا ملحوظًا فى الأسواق المحلية خلال الأيام الأخيرة، وذلك عقب تصريحات مثيرة للجدل أدلى بها نائب رئيس الاتحاد العام لمنتجى الدواجن، ثروت الزيني، والتى تحدث فيها عن نفوق نحو 30% من الثروة الداجنة بسبب أمراض وبائية.
ومن جانبه، قال الدكتور عبد العزيز السيد، رئيس شعبة الثروة الداجنة بالغرفة التجارية بالقاهرة، إن أسعار الدواجن شهدت ارتفاعًا بنحو 5 جنيهات للكيلو فى المزارع، ليصل السعر إلى ما بين 92 و93 جنيهًا للكيلو فى المزرعة، بينما يصل السعر للمستهلك إلى نحو 102–105 جنيهات للكيلو، حسب المنطقة.
وأشار إلى أن أسعار البيض شهدت كذلك زيادة ملحوظة خلال الأسابيع الثلاثة الماضية، مؤكدًا أن التغيرات العشوائية فى الأسعار سواء بالارتفاع أو الانخفاض دون مبرر اقتصادى واضح تضر بالسوق، حيث أن انخفاض الأسعار بشكل كبير يؤثر سلبًا على المنتجين واستمرار الصناعة، بينما تؤدى الزيادات المبالغ فيها إلى تحميل أعباء إضافية على المستهلك.
واقترح السيد إعادة تفعيل آلية لتحديد سعر شهرى منضبط للدواجن والبيض، بالتعاون بين الغرف التجارية، واتحاد المنتجين، والجهات الحكومية المختصة، وذلك فى ظل استقرار أسعار مدخلات الإنتاج نسبيًا، مع إمكانية مراجعة هذه الأسعار إذا طرأت متغيرات مؤثرة.
أكد رئيس شعبة الثروة الداجنة أن الحديث عن نفوق 30% من الدواجن غير دقيق، موضحًا أن وجود الأمراض والفيروسات أمر معتاد فى القطاع، لكن نسب النفوق تظل محدودة ويتم التعامل معها عبر بروتوكولات علاج وتحصين معروفة.
وأضاف أن مثل هذه التصريحات قد تؤدى إلى حالة من البلبلة فى الأسواق ورفع غير مبرر للأسعار، مؤكدًا ضرورة توخى الدقة عند الحديث عن أرقام تتعلق بالأمن الغذائى القومى.
فى ظل استمرار الجدل حول أسباب النفوق الجماعى للدواجن فى مصر، خرج الدكتور أحمد البنداري، عضو مجلس نقابة البيطريين، ليكشف عن حقائق صادمة تتعلق بواقع الثروة الداجنة، خاصة فى المزارع الخاصة والريف، مؤكدًا أن الأزمة ليست وليدة فيروس جديد، بل نتيجة تراكمات طويلة من الإهمال، وسوء التنظيم، واستخدام علاجات غير مطابقة للمواصفات.
نفى الدكتور البندارى ما تم تداوله بشأن وجود «فيروس منظم» قضى على 30% من الثروة الداجنة فى مصر، كما صرّح به ثروت الزيني، نائب رئيس الاتحاد العام لمنتجى الدواجن، مؤكدًا أن الحقيقة أكثر تعقيدًا من ذلك.
وأوضح أن هناك مجموعة من الفيروسات معروفة وموجودة فى مصر منذ أكثر من 15 عامًا، مثل فيروس «الجمبورو»، مشيرًا إلى أن التربية العشوائية، والعلاج غير المدروس، واستخدام المضادات الحيوية غير المطابقة، كلها عوامل رئيسية فى ارتفاع معدلات النفوق بين الطيور.
وأشار البندارى إلى أن العديد من مزارع القطاع الخاص لا تستعين بأطباء بيطريين مؤهلين، وتُدار بشكل عشوائى دون أسس علمية، وهو ما يؤدى إلى تفشى الأمراض بسرعة بين الطيور، بسبب غياب التشخيص الدقيق والمعالجة السليمة.
وأضاف أن البعض يلجأ مباشرة إلى إعطاء الدواجن أدوية أو مضادات حيوية دون إجراء أى فحوصات أو تشريح لمعرفة نوع المرض، مما يؤدى إلى نتائج عكسية، تصل إلى نفوق كامل القطيع.
أعرب البندارى عن قلقه من تفشى الأدوية البيطرية المغشوشة، وإضافات الأعلاف غير المطابقة للمواصفات، والتى تُطرح فى الأسواق دون رقابة حقيقية، رغم خطورتها على صحة الدواجن وسلامة السلسلة الغذائية.
وأكد أن هذه المنتجات غير المرخصة يتم تسجيلها بطرق ملتوية وتُباع بحرية، ما يجعل سوق صناعة الدواجن فى مصر فى أيدى «غير مؤهلة»، بحسب وصفه.
وفيما يخص تربية الدواجن فى القرى والنجوع، قال البندارى إن أحد أبرز أسباب النفوق فى هذه المناطق هو شراء دواجن مصابة من الأسواق، ودمجها مع الطيور السليمة، ما يؤدى إلى انتشار سريع للأمراض ونفوق القطيع بأكمله.
وحول انتشار فيروس «الجمبورو»، أوضح أنه فى السنوات الماضية تم التعامل مع الفيروس على أنه إنفلونزا طيور نتيجة غياب التشخيص الدقيق، وهو ما أدى إلى استخدام أدوية خاطئة وبالتالى حدوث نفوق جماعى.
وشدد على أهمية اللجوء إلى التشريح البيطرى عند ظهور أعراض مرضية على الطيور، بدلًا من اعتماد أصحاب المزارع على «التخمين والعلاج العشوائي».
وتطرق البندارى إلى أمر يبدو بسيطًا لكن له أثر بالغ، وهو انقطاع مصدر الإضاءة فى المزارع، مشيرًا إلى أن هذا العامل قد يسبب خللاً كبيرًا فى نمو الدواجن، إذ تعتمد على الإضاءة كمحفّز للنمو والتغذية.
أعرب الدكتور البندارى عن استغرابه من تصريحات وزارة الزراعة التى تنفى وجود «وضع وبائي»، فى الوقت الذى تنتشر فيه الفيروسات منذ أكثر من عقد ونصف، وتساءل: «أين ذهبت 31 مليار جرعة تحصين تم توزيعها بين عامى 2023 و2024، فى ظل هذا الحجم من النفوق؟»، فى إشارة إلى وجود فجوة كبيرة بين أرقام التحصينات الرسمية والنتائج على أرض الواقع.