رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى

حكاية وطن

ليس بالشهادة الجامعية وحدها نجد نوابًا أكفاء تحت القبة؟ مع قرب الانتخابات البرلمانية هناك مطالبات بعدم السماح بالترشح إلا للحاصلين على مؤهل عال، ورغم أن هذا الطلب الذى نادى به فئة قليلة من النواب وأفراد المجتمع مخالف للدستور الحالى الذى تطلب أن يكون المرشح للبرلمان حاصلًا على شهادة إتمام التعليم الأساسى، الأمر الذى يتطلب تعديلًا دستوريًا للأخذ بالشهادة الجامعية، إلا أن الواقع والممارسة تحت قبة البرلمان كشفت عن نواب لم يحصلوا على شهادة جامعية، ولكنهم كانوا فرسانًا فى الممارسة للأداء البرلمانى تحت القبة، وفى لجان البرلمان تتزين بها المضابط، ويرويها التاريخ، وتتحدث عنهم الدوائر، وتحترمها الحكومات، ويقدرها المنافسون والخصوم، وأشاد بها الإعلام، وحكت عنها الصحف، وارتقت بالممارسة بالبرلمانية، وضربت لها الحكومة تعظيم سلام.

التحول السريع فى كراسة أداء النواب الذين أثروا الأداء البرلمانى لن يحتاج إلى مجهود للبحث عن الفلاح الفصيح فكرى الجزار الذى صال وجال تحت القبة متحدثًا فى السياسة الداخلية والخارجية ومقدمًا لكل آليات الرقابة البرلمانية، ومفجر القضايا الخطيرة، عجلت إحداها بإنهاء مسيرته البرلمانية، عن طريق فخ نصب له أعداء الديمقراطية.

وعبدالرحيم الغول زعيم نواب الصعيد الذى كان يتحكم فى تجديد استمرار رئيس البرلمان وهيئة المكتب، وهذا سر يكشف لأول مرة لثقة مبارك فيه لأنه كان جنديًا فى مكتب مبارك قائد القوات الجوية واستمرت علاقته به حتى جاء مبارك نائبًا لرئيس الحزب الوطنى «السادات» وعمل الغول بالداخلية بعد خروجه من الجيش، وتعرف على مبارك وبدأ مسيرته بالبرلمان التى امتدت لعدة فصول تشريعية، وكان أداؤه تحت القبة يجبر المتابعين على الصمت، وعرف بأنه أبو محصول قصب السكر لتصديه لقضايا مزارعى هذا المحصول الاستراتيجى، كما كان حائط الصد الأول للحزب الحاكم والحكومة فى مواجهة المعارضة لأنه كان مفوهًا لا يجد صعوبة فى إطلاق الكلام كالرصاص.

كما كان النائب عبدالمنعم العليمى الذى قدم تعديلات على جميع مشروعات القوانين التى تمت مناقشته خلال فترة عضويته فى المجلس، وكان عضوًا مشهورًا فى اللجنة التشريعية ربما كان أشهر من أعضاء اللجنة مع أصحاب الأسماء الرنانة المخصصين فى القانون رغم أنه لا يحمل مؤهلًا عاليًا، ولم يتعرف أحد على مؤهله الدراسى إلا من خلال اللواء أحمد سعيد صوان أحد مساعدى وزير الداخلية فى ذلك الوقت والذى كان نائبًا عن الوزير فى مناقشة مشروع متعلق بالمرور فى اللجنة التشريعية، وعندما حاصره النائب العليمى بتعديلاته التى أجهضت مشروع الحكومة، حاول مساعد الوزير إحراجه قائلًا له أنت موظف فى الداخلية وتبين أنه يعمل فى إحدى إدارات المرور بالغربية المضابط يشير إلى تعديلات عديدة أسهم فيها العليمى غيرت مسار العديد من القوانين لاستفادة المواطنين منها.

أما البدرى فرغلى فكان أسطورة المتحدثين تحت القبة، وكانت الحكومة تخشى مواجهة رغم أنه كان عاملًا فى ميناء بورسعيد، وقدم استجوابات أحرجت الحكومة، ومنها استجواب عن الاقتصاد رد عليه الدكتور عاطف صدقى، ولأهمية وصدق الأرقام التى استند عليها فرغلى قال له رئيس الوزراء أشك أنك صاحب هذا الاستجواب الذى كاد أن يسقط الحكومة لولا أغلبية المجلس المنحازة لها! البدرى كان يحرج الوزراء، والوحيد الذى قال للوزير كمال الشاذلى، أنت وزير بدون حقيبة. وكانت طلبات الإحاطة والأسئلة التى يعلنها فى الجلسات تجعل الحكومة تعقد الاجتماعات المسبقة لكتابة ردود عليها قبل مواجهته لصد الهجوم الذى يجيده فرغلى.

وكذلك النائب أحمد طه الذى كان يتبنى القضايا الاجتماعية والإنسانية للمواطنين وكانت سببًا فى نجاحه عدة دورات دون أن يتكبد مليمًا واحدًا فى الدعاية الانتخابية، وغير هؤلاء نواب كثيرون لا يحملون مؤهلات عليا، ولكنهم درسوا فى جامعة الحياة، وتعاملوا مع الموقع النيابى بأنه خدمة للشعب وليس تجارة مع السلطة.

استعراض نواب بدون مؤهل لا يعنى أنه القاعدة، فالارتقاء بالمستوى التعليمى للمرشح قبل خوضه الانتخابات مهم ولكن لا يشترط أن يكون الجميع مؤهلات عليا، فهناك كوادر تجيد السياسة بالتعليم المتوسط الذى لا يتجاوز الإعدادية أو الثانوية العامة وما يعادلها لأن بعضهم تدرب فى مدرسة الحياة، أو فى المجالس المحلية التى تعتبر مركز تدريب نواب المستقبل والتى نأمل أن تعود قريبًا.

الحديث عن مؤهلات النواب يجعلنا نؤكد أن غالبية الدساتير والقوانين الانتخابية اتجهت إلى اعتبار شرط الكفاءة العلمية أحد القيود الواردة على مبدأ حرية الترشح بصفة عامة كالدستور الفرنسى والأمريكى، فيما رفضت أخرى أن يكون هناك تميز بين المرشحين لعضوية البرلمان بسبب الكفاءة العلمية كالدستور اليابانى، وبالرجوع إلى دستور مصر عام 2014، نجد أن المادة 102 منه لم تشترط مستوى علميًا معينًا، فمن يترشح لعضوية مجلس النواب يشترط فقط أن يكون حاصلًا على شهادة التعليم الأساسى على الأقل. إذن الحديث عن المؤهل الجامعى للترشح للبرلمان يحتاج لتعديل دستورى.