مواطنون لـ الحكومة الميزانية خربانه
أسعار كل السلع «فى العالي» وقيمة الفلوس «فى النازل»
أسبوعان من العذاب مع نفاد رواتب أبريل على تكاليف العيد
لا يوجد بيت فى مصر الآن إلا ويعيش أزمة ميزانية شهر أبريل، التى تعد بحق أصعب ميزانية يواجهها البيت المصرى بسبب قبض رواتب الشهر مبكرًا قبل العيد، ليفاجأ الجميع بأن الشهر قد بدأ والرواتب قد نفدت بالكامل على لوازم العيد.
ومما زاد الأزمة، موجة ارتفاع الأسعار لكافة السلع المترتبة على رفع أسعار البنزين، ليعيش ملايين الأسر من الموظفين ومحدودو الدخل والأرزقية، أزمة شديدة الوطأة تتمثل فى طول الأيام المتبقية من الشهر دون رصيد كاف متبق من «مرتب العيد»، ولم تفلح شطارة «الستات» فى الموازنة وتوزيع راتب أبريل والحفاظ على الدخل لآخر يوم فى الشهر، حتى يحين موعد قبض الشهر الجديد.
هذا بالنسبة لأصحاب الرواتب الثابتة، بينما يعيش الأرزقية وهم الأغلبية الذين يعيشون اليوم بيومه، ويكتسبون من عرق جبينهم ويخرجون إلى «أكل العيش يوميا على الله».
سألنا إحدى ربات البيوت فبادرتنا بسيل من الشكاوى والصرخات إلى الحكومة التى لا تحكم الرقابة على الأسواق وتترك المواطنين فريسة لجشع التجار والذين انتهزوا فرصة رفع أسعار البنزين لرفع كافة السلع، وقالت «الميزانية أصلا خربانة وصرفنا المرتب بالكامل على العيد ولوازمه، ولم يتبق إلا القليل يدوب يكفى فواتير الكهرباء والمياه والتليفون، أما الطعام فلنا الله وأدينا مقضينها «أورديحي».
ومع بداية شهر أبريل، كان الجميع يترقب بداية شهر جديد وأمل فى تخطيط جيد لميزانياتهم. لكن لم يكن الحال كذلك بالنسبة لقصتى حسام فتحى ومروة جمال، اللذين كانا يعيشان لحظة فارقة فى حياتهما المالية بعد أن فاجأتهم تكاليف العيد المبالغ فيها، حيث وجد حسام ومروة أنفسهما فى مواجهة صدمة مالية باقى الشهر الذى انتصف بالكاد، ومازال هناك حوالى أسبوعان بلا ميزانية.
منذ بداية الشهر، وضع «حسام» خطة محكمة لإدارة أمواله، فكان دائمًا يتبع نفس النهج، سحب جزء من مرتبه من بطاقة الفيزا بدلًا من سحب المبلغ الكامل، وكان يأمل أن يبقى على تواصل مع ميزانيته الشهرية دون أن يواجه أى ضغط مادى. قال حسام وهو يسترجع تلك الأيام: «كنت أدرك تمامًا أن العيد يأتى بتكاليف إضافية، لذلك قررت أن أكون حريصًا فى سحب الأموال، كى لا أتعرض لضغوط مالية مفاجئة».
لكن الأمور لم تسر كما كان يخطط. فمع مرور الأيام، استهلكت الزيادة فى النفقات جزءًا كبيرًا من الأموال التى كان قد خصصها للضروريات. الهدايا، الطعام، والسفر لزيارة العائلة أخذت معظم ميزانيته، وبدلاً من التوفير كما كان يأمل، وجد نفسه مديونًا ببعض المصاريف غير المتوقعة. رغم محاولاته فى تقليل النفقات، كانت المفاجأة غير سارة: فرحة العيد تبعتها حسابات مالية متعبة.
أما «مروة»، فقد كان وضعها مختلفًا تمامًا. تلقت المعاش فى بداية الشهر، وكانت تعتقد أن لديها ما يكفى للاحتفال بالعيد وتغطية احتياجاتها طوال الشهر، فكانت متحمسة جدًا للاستمتاع بالعطلة، فكرت أنها ستتمكن من تدبير أمورها بعد العيد، لكن الواقع كان قاسيًا. قالت مروة فى حسرة: «لم أكن أتصور أننى سأجد نفسى فى هذا الوضع. أنفقت كل شيء على العيد، من الهدايا إلى الطعام والمأكولات الخاصة. وعندما بدأ الشهر الجديد، فوجئت بأنه لا يوجد لدى ما يكفى من المال لتلبية احتياجاتي».
كان لدى «مروة»، رغبة شديدة فى إسعاد نفسها وعائلتها بالعيد، فقررت أن تبذل جهدًا فى تجهيز كل شيء لاحتفالاتها. لكن مع انتهاء أيام العيد، واجهت حقيقة مريرة فكانت قد استهلكت كل ما تملكه، مما دفعها للندم على قراراتها المالية.
حسام ومروة ليسا وحيدين فى هذه التجربة، فالكثير من الناس، خصوصًا فى فترات الأعياد، يواجهون تحديات مماثلة فى إدارة أموالهم، فعادة ما يكون العيد قد يكون وقتًا للفرح والاحتفالات، لكنه أيضًا وقت لتفشى الإنفاق المبالغ فيه، مما يؤدى إلى ضغوط مالية كبيرة قد تؤثر على باقى الشهر. فى كثير من الأحيان، ينسى الناس أن تلك المصاريف تأتى مع تبعات تؤثر على حياتهم المالية فى الأسابيع المقبلة.
ندى صابر، باحثة فى مجال إدارة المنزل واقتصاديات الأسرة، قالت يجب على الجميع، وخاصة ربات البيوت، أن يكونوا أكثر وعيًا عند التخطيط لمصاريف العيد. العيد ليس فقط عن الاحتفالات والمأكولات، بل عن إدارة ميزانية عقلانية تأخذ فى الحسبان الشهر بأسره.
وأضافت: من الضرورى تحديد موازنة محددة للأعياد، بحيث لا تتجاوز تلك الموازنة المبالغ التى سيتم إنفاقها خلال الأشهر التالية. تقسيم الدخل إلى عدة أقسام، واحتساب المصاريف الأساسية، قد يساعد كثيرًا فى تجنب المفاجآت المالية.
وأشارت الباحثة إلى أنّ حالة «حسام» مثل ملايين المصريين، فيجب النظر إلى كل تفصيل، حتى وإن كان يبدو صغيرًا، وأن الإنفاق يجب أن يكون مدروسًا، أما مروة، فقد اكتسبت درسًا قاسيًا مفاده أن الفرح لا يمكن أن يكون على حساب الاستقرار المالى، وأنه يجب التوازن بين الاستمتاع بالمناسبات وبين الالتزام بمسؤوليات الشهر الجديد.
وأَوضحت أن التخطيط المالى الجيد هو الحل الأمثل لتجنب الصدمات المالية بعد الأعياد. فرحة العيد يمكن أن تستمر طالما تم التعامل مع الميزانية بعناية وحرص. مع الوعى بالإنفاق والتخطيط المسبق، يمكن للجميع الاستمتاع بالأعياد دون أن يؤثر ذلك سلبًا على باقى الشهر.