رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيسا التحرير
ياسر شورى - سامي الطراوي

فقه النجاة فى لحظات المأزومية وأوقات الشدائد يعتمد على (علم يرفع، ووعى يجمع، وعمل يدفع)، والوعى إدراك بالواقع المحيط ومعرفة تامة بالمخاطر والقدرات وهو ما يطلق عليه «إدراك الوقت وواجب الوقت»، والوعى جرس إنذار فى مواجهة المخاطر وحائط صد عند النوازل والشدائد، والوعى يقظة وانتباه وإدراك للذات قوة وضعفا، والمتأمل يجد بأن كل الرسالات السماوية كانت لإيقاظ الوعى، بل إن نزول الإنسان للأرض كان مقرونا بإيقاظ الوعى لديه بعداوة إبليس له ولزوجه فقال ﴿وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ، وَلَكُمْ فِى الْأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَىٰ حِينٍ﴾، كما أن مجادلة إبراهيم لقومه وحديثه عن الشمس والقمر والكواكب مدخل للوعى بوجود الإله الواحد الأحد، كما أن تكسيره لأصنامهم هدفه إحداث صدمة المعرفة لليقظة من الغفلة، وطلب موسى  مشاركة أخيه هارون فى رسالته وعى، وتفضيل يوسف للسجن الموحش عن بيت العزيز المورف وعى، وإدراكه للسنوات العجاف بعد السمان وعى أثمر نجاة، وقبول النبى  شروط صلح الحديبية المجحفة وعى بالمآل وأستشراف للفتح المبين،.. ولقد ضرب أصحاب الرسول نموذجا فريدا للوعى خاصة عند النوازل و الشدائد، وإليكم هذا المشهد الذى يبين أهمية الوعى فى مواجهة المخاطر فى الحاضر والمستقبل، ففى بيعة العقبة الثانية أقبل أهل يثرب يبايعون رسول على نصرته والزود عنه، فإذا بسيدنا «أَسْعَدُ بن زُرَارَة» يبرز ملمح مهم من ملامح صناعة الوعى فى قومه وهو الوعى بمآل الأقوال والأفعال فقال: «رويدًا يا أهل يثرب، فإنا لم نضرب إليه أكباد المطيِّ إلا ونحن نعلم أنه رسول الله، وأن إخراجه اليوم مفارقة العرب كافَّة وقتل خياركم وأن تعضَّكُم السيوف، فإما أنتم قوم تصبرون على عضِّ السيوف إذا مسَّتكم، وعلى قتل خياركم، وعلى مفارقة العرب كافَّة فخذوه، وأجركم على الله، وإما أنتم تخافون من أنفسكم خيفة، فذروه فهو أعذر لكم عند الله.»
والمشهد الأخر الحقيق بالتأمل ما فعله سيدنا أبو بكر عند وفاة الرسول  فقد فقد الكثيرون من صدمة الخبر فقدانٌ للوعى، لكن أبا بكر الصديق صانع الوعى بخطورة اللحظة يقول: «أَلا مَنْ كَانَ يَعْبُدُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّ مُحَمَّدًا قَدْ مَاتَ، وَمَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ حَيٌّ لاَ يَمُوتُ» ثم تلا قول الله تعالى : ﴿إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ﴾ وقوله: ﴿وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِى اللَّهُ الشَّاكِرِينَ﴾ فجاءت اليقظة بعد الغفلة والوعى عند الأزمة .
وفى عصرنا ومع شدة النوازل وكثرة الأعداء وتفشى الوباء وجب أن نذكر بأهمية الوعى كفريضة غائبة، وعى حقيقى يدرك التحديات ويتوقع المخاطر ويدفع الشائعات وينسج روابط اللحمة والتعاون، وعى يدرك قيمة الغرس والبناء ويعظم العلم والعلماء وعى بالقدوة الحسنة والنماذج الفارقة وعى يدفع بالقيم الأخلاقية إلى قيم جمالية ويحارب القبح والشذوذ ويعيد ترتيب الأولويات ويستشرف المستقبل.