رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى

في يوم 27 أبريل من عام 1936، وقع مصطفى النحاس باشا معاهدة تاريخية بين مصر وبريطانيا، وهي المعاهدة التي مثلت خطوة محورية في مسار كفاح مصر نحو الاستقلال الكامل. 

ربما يرى البعض اليوم أن هذه المعاهدة كانت مجرد صلح واقعي تحت ضغط الظروف السياسية، لكن بالنسبة للوفديين في ذلك الوقت، كانت بمثابة إعلان أولي لاستعادة سيادتهم الوطنية، رغم أن الطريق أمام الاستقلال التام كان لا يزال طويلا وصعبا. 

لقد علمتنا تجربة ذلك الزمن أن الدبلوماسية المصرية، حتى في أحلك الظروف، تستطيع أن توازن بين الواقعية والمثالية، وأن تحول الضغوط الخارجية إلى فرص لبناء الدولة وتعزيز مكانتها على خريطة العالم.

الوقائع التاريخية لتلك المرحلة كانت مليئة بالتحديات، فمصر في الثلاثينيات كانت تكافح لتستعيد جزءا من سيادتها الضائعة بعد عقود من الاحتلال، وكان على رجال الوفد أن يتخذوا قرارات صعبة، بين الحفاظ على المصالح الوطنية وبين الواقع السياسي الدولي القاسي. 

ومع ذلك، استطاع مصطفى النحاس وفريقه أن يضعوا حجر الأساس لمسار الاستقلال الحقيقي، وتركوا للأجيال القادمة مثالا على أن التضحيات المؤقتة قد تؤدي إلى نصر دائم. 

إن النظر إلى هذه المعاهدة اليوم يذكرنا بأن أي دولة، مهما كانت قوة طموحاتها، تحتاج إلى صبر وحكمة وحنكة سياسية في مواجهة الضغوط الدولية.

وبالطبع، لا يمكن الحديث عن معاهدة 1936 دون ربطها بما تحقق لاحقا من إنجازات وطنية عظيمة، أبرزها تحرير سيناء. ففي 25 أبريل 1982، وبعد جولات طويلة من التفاوض والسياسة والدبلوماسية المدروسة، رفعت مصر علمها على أرض سيناء، معلنة استعادة كامل سيادتها على أراضيها. 

هذا الحدث لم يكن مجرد حدث عسكري أو سياسي فحسب، بل كان تتويجا لسنوات من الصبر والكفاح، وشهادة حية على قدرة الدولة المصرية على حماية حقوقها والحفاظ على ترابها. 

إن القوات المسلحة المصرية، عبر كل مراحل التاريخ، كانت دائما رمزا للبطولة والفداء، وتاريخها مليء بالملاحم التي كتبها أبطال يدافعون عن وطنهم بلا كلل أو ملل.

من تجربتي الشخصية، وأنا صغير في مدرسة الوفد، تعلمت معنى حب الوطن الحقيقي، فقد علمتنا المدرسة أن الوطن ليس مجرد مساحة على الخريطة، بل هو الإنسان، والتاريخ، والثقافة، والتضحية. 

كل درس في حب الوطن كان محفورا في قلبنا، وكل حكاية عن بطولات الجيش المصري كانت تزرع فينا الفخر والاعتزاز، مدرسة الوفد غرست في احترام تضحيات الأجيال السابقة، وأكدت أن الدفاع عن الوطن واجب وطني قبل أن يكون شعورا شخصيا.

اليوم، ونحن نواجه تحديات العصر الحديث، تظل الدروس التي نستقيها من تاريخنا الوطني مهمة جدا، الدبلوماسية المصرية المعاصرة، وهي تتعامل مع ملفات حساسة ومعقدة على الساحة الدولية، يمكنها أن تستلهم من تجربة معاهدة 1936 قدرة الوفد على الموازنة بين المصالح الواقعية والطموحات الوطنية. 

كما أن القوات المسلحة، التي لطالما كانت درعا للأمن والاستقرار، ما زالت تلعب دورا حيويا في حماية وطننا، ليس فقط على الحدود، بل في الداخل أيضا، حيث تعمل على بناء الدولة ودعم جهود التنمية الوطنية.

إن استعادة سيناء وتحريرها لم يكن مجرد انتصار عسكري، بل كان درسا في الصبر والمثابرة والتخطيط الطويل الأمد، درسنا التاريخ أن النصر الحقيقي لا يتحقق بين ليلة وضحاها، وأن تحقيق السيادة الوطنية يتطلب رؤية واضحة، وإدارة رشيدة، ووفاء للدماء التي روت تراب الأرض. 

وهذه الدروس تبقى حية في وجدان كل مصري يشعر بالفخر بوطنه، ويعرف أن حريته واستقلاله لم يمنح لهما بسهولة، بل كان وراءهما كفاح طويل وتضحيات جسيمة.

وعندما أفكر في معاهدة 1936 وفي تحرير سيناء، أرى أن روح الوفد ومبادئه ما زالت حية فينا، في كل جهد نبذله من أجل وطننا، في كل موقف نحمي فيه حقوق مصر، وفي كل لحظة نرفع فيها راية العزة والفخر على ترابها. ه

ذه الروح تعلمنا أن حب الوطن ليس مجرد شعارات، بل هو أفعال يومية، وهو التفاني في خدمة الوطن، وهو الإيمان العميق بأن مصر تستحق منا كل جهد وتضحيات، ومن هنا، يصبح التاريخ ليس مجرد ذكريات، بل درس مستمر يوجهنا نحو المستقبل، ويذكرنا دائما بأن الوطن أغلى من كل شيء.