السراج الوضاء على أرض الكنانة
ذكرى تأسيس الجامع الأزهر.. قِبلة العالم الإسلامى

يحتفل الجامع الأزهر الشريف بمناسبة مرور ١٠٨٥ عامًا منذ بداية تأسيسه، بعد أن قرر المجلس الأعلى للأزهر، فى مايو 2018 برئاسة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، اعتبار مناسبة افتتاحه فى السابع من رمضان عام 361هـ يومًا سنويًّا للاحتفال بذكرى تأسيس الجامع الأزهر.
الجامع الأزهر الشريف، قبلة العالم الإسلامى ومنارة العلم والحضارة الإسلامية مسجدًا أثريًا عريقا، أحد أهم معالم القاهرة، ويرتبط به المصريين وغير المصريين ويقصده المسلمون من جميع أنحاء العالم.
كما أن الجامع الأزهر هو السراج الوضاء على أرض الكنانة وتأسيسه يوم تاريخى لا ينسى ولا يمحى من ذاكرة التاريخ، واجه الغزاة والطامعين وقاد الثائرين الذين ناهضوا لتحرير البلاد من الحملات الاستعمارية.
يعود تاريخ بناء الجامع الأزهر إلى بداية عهد الدولة الفاطمية فى مصر، وأقيمت أول صلاة جمعة فيه عام 361 للهجرة، ومنذ ذلك التاريخ وهو منارة للعلم والثقافة، ومنهل للعلماء والطلاب والباحثين، ومقصد للدارسين من كل بقاع الأرض.
ويعد العصر المملوكى من أزهى وأفضل العصور التى عاشها الأزهر الشريف، حيث تسابق حكام المماليك فى الاهتمام بطلاب الأزهر وشيوخه، وتوسعوا فى الإنفاق عليه والاهتمام به والإضافة إلى بنيته المعمارية.
شيوخ الجامع الأزهر
تعاقب عليه حتى الآن اثنان وأربعون عالمًا، كان أولهم الشيخ محمد بن عبدالله الخراشى، وآخرهم الدكتور أحمد الطيب، كان أطولهم مكوثًا فى المنصب الشيخ عبدالله الشبراوى، حيث مكث 34 عامًا، وأقصرهم مدة عبدالرحمن النواوى حيث مكث شهرًا واحدًا، وتولى المنصب مرتين 6 شيوخ هم: محمد المهدى العباسى وشمس الدين الأنبابى وحسونة النواوى وسليم البشرى ومحمد المراغى وعبدالمجيد سليم.
أروقة الجامع الأزهر الشريف
بلغت أروقة الجامع الأزهر أكثر من ألف رواق على مستوى الجمهورية، ومنذ أكثر من ألف عام والجامع منارة للعلوم الشرعية، وانتشرت الحلقات والدروس والمجالس الدعوية والمحاضرات الأسبوعية التى تنظمها إدارة الأروقة للمصلين والطلاب من المصريين والوافدين الأجانب، فى الفقه والحديث والتفسير والعبادات والمعاملات، والتراث الإسلامى، وأمهات الكتب، والدروس المخصصة لطلاب جامعة الأزهر، من خلال أروقته النوعية، وهى: رواق العلوم الشرعية، رواق الفكر والثقافة، رواق التدريب، رواق الإعلام والاتصال، رواق المتون، رواق الدعوة، رواق القرآن، ورواق اللغات الأجنبية.
الأزهر مَنْبَع الوطنية على مرّ العصور
إن تاريخ الأزهر الشريف جامعًا وجامعة، ودور علمائه فى مختلف نواحى الحياة المصرية ليزخر بالمواقف الكثيرة الخالدة التى كان الأزهر فيها فى مقدمة الأحداث، حاملًا لمشاعل الهداية والتقدم، صادعًا بالحق، لم تمنعه الزعامة العلمية من الزعامة الوطنية؛ حيث كان الأزهر على مدار تاريخه يمثل المنبع الأصيل للوطنیة والقلعة الحصينة للدفاع عن القضايا العربية والقومية بل والإنسانية.
ففى أروقته وحول أعمدته ظهرت الحركات التى طالبت بالحريات والحقوق العامة، وناضلت فى سبيل رفع المظالم وترسيخ قواعد العدل، وفيها ولدت الثورات الشعبية والانتفاضات التى واجهت السلطات والأحزاب الحاكمة الجائرة، وفيها نشأ علماء أفذاذ تألفت منهم جبهة سياسية معارضة جعلت دستورها الأخلاق والآداب القرآنية، وقد نجحت هذه الجبهة نجاحًا عظيمًا، وكان من مظاهر هذا النجاح إسقاط بعض الحكومات العثمانية الجائرة فى مصر إبَّان الحكم العثمانى، وفى القضاء على بعض الأحزاب المملوكية الحاكمة المُتسلِّطة التى أنَّت المجتمعات فى مصر من مظالمها وطغيانها.
مواقف الأزهر من قضايا الأمة
كان للأزهر الشريف مواقف وطنية كثيرة منذ بداية إنشائه وهو يدافع عن الأمة، فوقف فى وجه الاستعمار الفرنسى والبريطانى على مصر، ورفض نقل السفارة الأمريكية إلى القدس بعد قرار أمريكا، ودفاع عن الشعب الفلسطينى، ودعم مسلمى البوسنة والهرسك ضد الاحتلال، فضلاً عن الدفاع عن الهوية الإسلامية من الأفكار المتطرفة
فلسطين
احتلت فلسطين أولوية الأزهر على المستويين المحلى والدولى، فلم يتوان الأزهر الشريف أن يدافع عن الفلسطينيين وحقوقهم من بداية الاحتلال، مؤكدًا أن استهداف المدنيين فى فلسطين هو جريمة حرب، ودعا المجتمع الدولى للقيام بواجبه الإنسانى.
الأزهر أكد دعمه للقضية الفلسطينية وأن عروبة القدس وإسلاميتها مسألة محسومة تاريخا ودينا وواقعا، كما أن ما حدث فى غزة لا يمكن تخيله ولا وصفه، فقد تجاوز مرحلة الجرائم والمجازر، موضحًا أن قتل الأطفال والنِّساء والشباب والشيوخ دون أن يقترفوا أى ذنب سوى أنهم تمسكوا بالبقاء فى أرضهم ووطنهم ورفضوا الخروج منها.
الحرب العالمية الثانية
فى الحرب العالمية الثانية 1939، رفض شيخ الأزهر آنذاك محمد مصطفى المراغى، مشاركة مصر فى الحرب العالمية الثانية ورفض تأييدها، معلناً أن مصر لا ناقة لها ولا جمل فى هذه الحرب، والكثير من المواقف الوطنية للأزهر الشريف.