من عظمة الوحى 5
• لِمَ أُوثِرَ التَّعبيرُ بـ ﴿ﯠ﴾ دُونَ (لَنْ) فى قوله عز وجل: ﴿ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ﴾؟
• أُوثِرَ التَّعبيرُ بـ ﴿ﯠ﴾ دُونَ (لَنْ) فى قوله عز وجل: ﴿ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ﴾؛ لأنَّ ﴿ﯠ﴾ تُفِيد مُطلَقَ النَّفْيِ وامْتِدادَه فى كُلِّ الأزْمانِ، فى حِين أنَّ (لَنْ) مُتَمَحِّضَةٌ لنَفْيِ المُستَقبَلِ فقط؛ ولِذا كان التَّعبيرُ بـ ﴿ﯠ﴾ هو الأنْسَبَ لإطلاقِ نَفْيِ عَدَمِ إضاعَةِ الله أَجْرَ المُؤمِنِينَ فى أيِّ وقتٍ.
• لِمَ عَبَّرَ بـ ﴿ﯡ﴾ دُونَ (يُبْطِل) فى قوله عز وجل: ﴿ﯞ ﯟ ﯠ ﯡ ﯢ ﯣ﴾؟
آثَرَ النَّظْمُ الحكيمُ التَّعبيرَ بـ ﴿ﯡ﴾ دُونَ (يُبْطِل)؛ لِمَا بَيْنَهُما من فُروقٍ دَلالِيَّة:
• فـ (ضاعَ): فُقِدَ، وأُهْمِلَ؛ والشَّيءُ الضَّائعُ: المُهْمَلُ المَفقُودُ.
• و(بَطَلَ): من الباطِلِ الذى هو نَقيضُ الحَقِّ، وهو ما لا ثَباتَ له عِنْدَ الفَحْصِ؛ ومِنْهُ قوله عز وجل: ﴿ﮨ ﮩ ﮪ ﮫ ﮬ ﮭ ﮮ ﮯ ﮰ ﮱ ﯓ ﯔ﴾ [الحج: 62]، وأَبْطَلَهُ: غَيَّرَهُ وأَفْسَده؛ ومِنْهُ قوله عز وجل: ﴿ﯸ ﯹ ﯺ ﯻ ﯼ ﯽ ﯾ﴾ [الأعراف].
• وبذلك فإنَّ (ضَيَّعَ) يَفتَرِق عن (أَبْطَلَ) فى أنَّ (ضَيَّعَ) يأتى فى مُضادِّ (حَفِظَ)، أمّا (أَبْطَل) فإنَّه يأتى فى مُضادِّ (أَصْلَح).
• وبتَتَبُّعِ مَواضِع وُرُودِ هَذَيْنِ الفِعْلَيْنِ فى القُرْآنِ الكَريمِ يَتَبيَّنَ أنَّ الفِعْلَ (بَطَلَ) والمُتَعَدّى منه بصِيغَةِ المُضارعِ (يُبطِل) وَرَدا فى خَمْسَةِ مَواضِع فى القُرْآنِ الكَريمِ، كُلّها فى معنى الإفسادِ والتَّغْييرِ، فى حين وَرَدَ الفِعْلُ (أَضَاعَ) فى عَشْرَةِ مَواضِع فى القُرْآنِ الكَريمِ: تِسْعَة مَواضِع منها فى نَفْيِ فقدانِ الأَجْرِ، وإثباتِ حِفْظِه، ومَوضِع واحِد فى التَّعبيرِ عن عَدَمِ الحِفاظِ على الصَّلاة.
• وعلى هذا فإنَّه لَمّا كان السِّياقُ فى بَيانِ ادِّخارِ الله الأَجْرَ للمُؤمِنِينَ، وحِفْظِه لهم؛ فقد ناسَبَهُ التَّعبيرُ بـ ﴿ﯡ﴾ المُضادّ لـ(يَحْفَظ).
• وسبحان من هذا كلامه