رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى

حكاية وطن

يعد العدوان الثلاثى على مصر عام 1956، حاولت الإدارة الأمريكية استغلال موقف مصر الضعيف مادياً، وتحولت من سياسة الترهيب خلال العدوان الثلاثى إلى الترغيب بعد العدوان، وأرسلت الإدارة الأمريكية لمصر معونة بلغت قيمتها 6 ملايين جنيه مصرى، وكان الجنيه المصرى فى ذلك الوقت أعلى قيمة من الدولار الأمريكى، كان هدف أمريكا من وراء إرسال هذا المبلغ للرئيس جمال عبدالناصر، هو التأثير على موقف مصر من قضية العروبة ومساندة الجزائر، وإرضاء فرنسا وحلفائها فى الغرب الذين أساءهم موقف مصر، ورأوا أن حكم «ناصر» بمثابة شوكة فى ظهر المصالح الاستعمارية الأجنبية فى المنطقة، لكن «ناصر» أعطاهم درساً للتاريخ وحصل على المعونة وأمر ببناء مبنى تخصص له الملايين الستة، يكون شاهداً على «لعبة الغرب»، ودرساً للأجيال القادمة ألا تضطرهم الحاجة للتخلى عن الأشقاء العرب والرضوخ للغرب، ووضع حجر الأساس لـ«برج القاهرة» عام 1956، بتصميم المهندس المعمارى اللبنانى «نعوم شبيب» واستغرق البناء خمس سنوات، ليخرج «البرج» على شكل «زهرة لوتس» ترتفع لـ187 متراً فى سماء القاهرة، ويتخطى ارتفاع الهرم الأكبر بالجيزة بـ43 متراً!

فى هذا الوقت كانت الولايات المتحدة الأمريكية، تقدم مساعدات لمصر عرفت باسم «المعونة» وكانت تقدر بنحو 50 مليون جنيه فى حين كانت الموازنة العامة للدولة ملياراً و100 مليون جنيه، وتحصل مصر على الـ50 مليون المعونة فى صورة مواد تموينية، مثل القمح واللحوم والدواجن، والشاى والبن، والتى كانت تقدمها الولايات المتحدة من أجل بسط نفوذها وتأثيرها فى الشرق الأوسط كقوة عظمى ناشئة بعد الحرب العالمية الثانية، ونريد أن يكون لها مكان كبير وسط القوى العظمى وقتها: بريطانيا وفرنسا.

كانت الولايات المتحدة تحاول مراراً وتكراراً مع مصر من أجل التدخل فى شئون مصر الداخلية والتأثير على القرار المصرى حتى تدور فى فلك السياسة الأمريكية، وتحويل مصر إلى دولة تابعة ترسم سياساتها وتوجهاتها بناء على توجهات ورؤية الإدارة الأمريكية ولكن الرئيس جمال عبدالناصر رفض هذا التدخل ووضع حداً لتلك المخططات الأمريكية. انتهز الرئيس عبدالناصر كلمته مع الجماهير ووجه رسالة للولايات المتحدة قال فيها: «إذا كان الأمريكان فاهمين إنهم بيدونا شوية معونة علشان يتحكموا فينا وفى سياستنا، أنا بقولهم إحنا مستعدين نقلل استهلاكنا من المواد الغذائية فى سبيل أن نحافظ على استقلالنا اللى حاربنا علشانه، فلا يمكن أن نبيع استقلالنا بملايين المعونة».

أعود إلى «برج القاهرة» أو برح الجزيرة نسبة لموقعه، فقد أسماه العرب «شوكة عبدالناصر» وأطلق عليه المصريون «وقف روزفلت» وما بين كلا الاسمين «وقف القاهرة» لسنوات وسنوات.

والذى افتتح فى أبريل عام 1961، ويتكون من 16 طابقاً، ويضم فى قمته «المطعم الدائر» وهو مطعم سياحى يرتكز على قاعدة «ترس» تمكنه من الدوران والاستمتاع بمشهد بانورامى من سماء القاهرة، يتيح للزوار رؤية مقربة لمناطق القاهرة.

ويقف برج القاهرة الذى تم تشييده بقرار من «عبدالناصر» بمثابة توثيق لموقف مصر السياسى أمام الضغوط الأمريكية علي قرارات مصر تجاه القضايا العربية والأفريقية، ورمزاً لتحدى «ناصر» ضد التدخل الأجنبى، وتعبيراً عن فخر مصر وقيمتها العربية ونهضتها القومية.