مسجد سادات قريش.. معلم إسلامي شاهد على التاريخ في قلب بلبيس

مسجد «سادات قريش» من أهم المعالم الإسلامية البارزة في مدينة بلبيس، ويعتبر من أقدم الجوامع في مصر، وأطلق عليه الاسم تكريمًا لشهداء المسلمين من صحابة رسول الله ﷺ في معركتهم ضد الرومان عند الفتح الإسلامي لمصر.
مسجد سادات قريش تحفة أثرية في قلب بلبيس إحدى أقدم مدن العالم
ويقع مسجد سادات قريش في وسط مدينة بلبيس، ويمثل نموذجًا أثريًا وإسلاميًا مهمًا في مصر والعالم الإسلامي كافة، خاصة وأن مدينة بلبيس تحتل المكانة الخامسة بالنسبة للمدن في العالم، من حيث القدم والبناء والناحية الأثرية، وتضم عدد من المساجد الأثرية منها: «أمير الجيوش، وعثمان بن الحارث الأنصاري، والمقرقع، والأمير مدين».
مسجد سادات قريش 1400 عام من التاريخ وتخليد لذكرى شهداء الفتح الإسلامي
يقول الشيخ هاني حسين الزعبلاوي، أمام وخطيب المسجد، إن مسجد سادت قريش يتمتع بمكانة تاريخية وآثرية ممتدة لأكثر من 1400 عام، فهو من أقدم المساجد في مصر، حيث تم بناؤه عام 18 هجرية/ 641 ميلادية، وسُمي بمسجد سادات قريش؛ تكريمًا لشهداء المسلمين من صحابة رسول الله في معركتهم ضد الرومان في أولى الفتوحات الإسلامية في مصر، والتي دارت على أرض بلبيس بقيادة عمرو بن العاص في عهد الخليفة عمر بن الخطاب، واستشهد فيها نحو 250 شهيدا 40 منهم من صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم و210 من التابعين رضي الله عنهم من قبيلة قريش والتي تنتسب للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، وقُتل في هذه المعركة 1000جندي روماني وتم أسر 3000.
بلبيس أرض مُباركة شهدت مرور الصحابة وتوارثت قيم العدل والكرم
وأشار الزعبلاوي، إلى أن وصول الجيش الإسلامي إلى مصر آنذاك، كان لرفع الظلم عن أهل مصر من الحُكم الروماني الطاغي؛ ونشر العدل والمسامحة بين أهلها الطيبين، خاصة وأن أرض بلبيس بوركت بمرور الصحابة والتابعين أفراد الجيش الإسلامي، ودفن فيها شهداه الأطهار بأرضها؛ لذلك توارث أهلها الأخلاق الحسنة والطيبة والكرم حتى يومنا هذا، ومن المعروف عن أهلها أنهم من أشهر وأمهر التُجار على مستوى مدن ومحافظات الجمهورية.
مسجد سادات قريش تحفة معمارية إسلامية بتصميم فريد وأعمدة أثرية
ونوه الزعبلاوي إلى أن المسجد تم تشيده على الطراز الإسلامي القديم، وسقفه من الخشب، ومساحته مستطيلة الشكل، ويضم 3 صفوف من الأعمدة الرخامية بعدد 18 عمود منهم عمودان بمحراب المسجد الذي بناه صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم، والأعمدة مُقسمة إلى أربع أروقة موازية لحائط القبلة، وتيجان الأعمدة مختلفة الأشكال.
السيدة زينب مكث شهر في بلبيس لعبادة المولى في مسجد سادات قريش
وذكر أمام مسجد سادات قريش، أن السيدة زينب بنت الإمام علي رضي الله عنهما، مكثت في بلبيس وفي هذا المسجد لمدة شهرًا، تتعبد فيه ربها، وذلك بسبب رؤية في منامها؛ رأت فيها جدها النبي محمد ﷺ يأخد بيدها حتى جاءت إلى أرض بلبيس، واستقبلها أهلها بكرم ومودة وترحاب.
مسجد سادات قريش مزار إسلامي عالمي يُلقب بـ «البقيع الثاني»
وأوضح أن مسجد سادات قريش، له أهمية كبرى لدى المسلمين سواء في الداخل والخارج، ويزوره وفودًا من مُسلمي: «بنجلاديش والهند وباكستان»، وقيل له «أي الزعبلاوي» إنه قبل توليه أمامة المسجد المبارك؛ أن زواره من خارج مصر كانوا يتطلعون لزيارة قبور الصحابة المدفونين في المساحة المجاورة للمسجد والبالغ عددهم 40 من الصحابة و210 من التابعين رضي الله عنهم، ولذلك أطلقوا عليه «البقيع الثاني» تبركًا بمكانة المسجد وقدسيته.
مسجد سادات قريش أول قبلة في إفريقيا وروحانية تشبه روضة النبي ﷺ
وأكد الشيخ هاني الزعبلاوي، أهمية مسجد سادات قريش المُبارك لدى عائلات وأسر بلبيس، والذين يصرون على أداء صلوات الجنائز لمواتهم في هذا المسجد، للتبرك بأرواح صحابة رسول الله ﷺ المدفونين في محيطه، فضلًا عن مكانة قٍبلة المسجد والتي تعد أول قٍبلة في قارة أفريقيا ويُضبط على مٍحرابه الذي بناه الصحابة كافة مساجد القارة، خاصة وأن مٍحراب مسجد سادات قريش هو بنفس الشكل والمضمون لٍمحراب المسجد النبوي من حيث الشكل والتصميم، ولذلك عندما تزور المسجد وتنظر لمحرابه تستشعر روحانيات طيبة كأنك في روضة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
مسجد سادات قريش تاريخ عريق وتجديدات عبر العصور
وأضاف؛ تبلغ مساحة المسجد 3000 متر، منهم 1500 متر مخصصة للصلاة، وتم تجديد المسجد في العهد العثماني على يد الأمير مصطفى الكاشف والذي أنشىء المأذنة عام 1003 هحرية، وتعاهد عليه الخلفاء الراشدين منهم الخليفة المأمون في العصر العثماني، وأقام فيه 40 يوما اعتنى خلاله بالمسجد وقام على أعماره والاهتمام به.
ترميم مسجد سادات قريش للحفاظ على أصالة التاريخ وإبراز لقيمته الأثرية
وحديثًا؛ تم تغير بابه الرئيسي ليتناسب مع مكانته التاريخية، وتم ترميم المأذنة بعد سقوط جزء منها، والحجارة المتآكلة في الجزء العلوي من المأذنة التي تضم نقوشا من الرسوم الهندسية الأثرية، وتحكيل العراميص وتنظيفها، وذلك للحفاظ على المادة التاريخية للمباني الأثرية، وإبراز قيمتها وأصالتها، بإعتبارها تعكس حقبة زمنية وفترة في تاريخ مصر.
مسجد سادات قريش.. إقبال كبير في رمضان واهتمام متزايد من وزارة الأوقاف
والمسجد يكتظ بالمصلين في جميع الفرائض كما أوضح أمامه الشيخ هاني الزعبلاوي؛ وتزداد الأعداد في صلاتي الجمعة والتراويح في شهر رمضان والتي تمتد الصفوف لخارجه من كثرة المصلين والمُريدين، مؤكدًا أن وزارة الأوقاف أهتمت بالمسجد اهتمامًا كبيرًا هذا العام، حيث أوفدت له خلال شهر رمضان المبارك الجاري نحو 30 أمام من افضل أئمة وخطباء مركز ومدينة بلبيس، وذلك لإلقاء الدرس الديني بعد صلاة العصر يوميًا، وأربعة من أفضل الأصوات الجميلة لأداء سنة صلاة التراويح، بالإضافة إلى عقد «المقارئ القرآنية» بعد صلاة الجمع يلتف حولها أعداد كبيرة من الأهالي لتعليم ومُدارسة كتاب الله عز وجل، فضلًا عن عودة «الكتاتيب» من جديد تحت رعاية الدكتور أسامة الأزهري، وزير الأوقاف، لحفظ القرآن الكريم ومعرفة معانيه، والتعرف على أصول الدين الإسلامي من خلال المنهج الوسطى الأزهرى على أيدى نخبة مختارة من المحفظين، وذلك بعدد 3 مرات أسبوعيًا أيام «الأحد والثلاثاء والخميس» طوال العام.
الشرقية بوابة مصر الشرقية وموطن لأربع عواصم تاريخية
ومن جانبه، صرح الدكتور مصطفي شوقي مدير منطقة آثار الإسلامية بالشرقية، من قبل للوفد، أن محافظة الشرقية هي واحدة من أهم محافظات الوجه البحري وتحديدًا في منطقة شرق الدلتا، حيث تعتبر مدخل مصر الشرقي، وخط الدفاع الأول عن مصر، ومنفذًا للبعثات التجارية والحملات العسكرية المتجهة إلى ناحية الشرق، والتي شهدت أربع عواصم هامة على مدار التاريخ المصري القديم، وهي: تل بسطة «برباست»، ومدينة أواريس «عاصمة الهكسوس»، ومدينة بررمسيسو ومقرها «قنطير»، ومدينة تانيس ومقرها «صان الحجر»، وتمتاز الشرقية، بانها تضم أكثر من 120 تل أثري ما بين مملوك للاثار وخاضع لقانون حماية الآثار.
بلبيس أقدم مدن مصر وعاصمتها السابعة عبر التاريخ

وذكر أن مدينة بلبيس من مدن محافظة الشرقية، وتعد واحدة من أقدم مدن مصر وأحد أهم المدن التاريخية بها، ولها أهمية إستراتيجية كبرى لكونها البوابة الشرقية لمصر ومعبر للوافدين عليها في العصور الأولى، وكانت إحدى مقرات الهكسوس، ومقرًا لحكم الكثير من حكام مصر القديمة لمدة 145 عام منهم رمسيس الأول والثانى، وكان يطلق عليها العاصمة السابعة.

مطالب بترميم أعمدة مسجد سادات قريش والحفاظ على مكانته التاريخية
وطالب السيد بكر من أهالي منطقة المسجد، والقيادي الكبير بلجنة الوفد بندر بلبيس؛ المسؤولين بضرورة إلقاء نظرة اهتمام للمسجد المُبارك الذي بناه عمرو بن العاص، ويحتل المركز 13 في تاريخ المساجد الإسلامية على مستوى العالم من حيث القدم؛ داعيًا بضرورة الإهتمام بترميم وتأهيل الأعمدة الرخامية الموجودة في المسجد حتى تعود رونقها، ومظهرها الأثري كما كانت عليه عند بناء وتشيد المسجد.







