رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
المشرف العام
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شوري
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
المشرف العام
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شوري

الأتعاب 4 آلاف جنيه والوثائق مزورة

المأذون المزيف.. فخ «ليلة العمر»

بوابة الوفد الإلكترونية

زواج القاصرات والأثرياء العرب أشهر الزيجات

«أزهريون»: العقود صحيحة شرعًا وباطلة قانونًا

«نقيب المأذونين»: منتحلو الصفة أفسدوا «الرباط المقدس»

 

غاب الضمير وانعكس ذلك على الرباط المقدس، حتى وصل الأمر للتلاعب فى وثائق الزواج والطلاق، وذلك بهدف التربح من تزوير تلك المحررات الرسمية، وتزايدت المخاوف من «المأذون المزيف»، الذى شاع اسمه بعد وقوع عدد من منتحلى صفة المأذون الشرعى فى قبضة الأمن، بعد أن تبين أن الوثائق المحررة من قبل بعض المأذونين «مضروبة»، الأمر الذى آثار حفيظة البعض وأدخل عليهم الشكوك ليهرعوا للتأكد من صحة قسيمة الزواج الخاصة بهم خوفًا من الوقوع فى فخ «المأذون المزيف».

وقائع «المأذون المزيف» انتشرت كثيرًا فى الآونة الأخيرة، خاصة مع تحديد سن الزواج بـ18 سنة للفتاة، فى حين ما زال الكثيرون- خاصة فى المحافظات- مصرين على زواج القاصرات دون هذه السن، وهو ما يتم عادة بدون وثائق رسمية، فيما وقع البعض فى فخ المأذون المزيف، مما أثار حفيظة المأذونين ورجال الدين، بالإضافة للمواطنين خوفًا من بطلان عقود زواجهم، وهو ما أثار العديد من التساؤلات حول: مصير الوثائق المزيفة أمام العدالة، والإجراءات التى يجب أن يتخذها المواطنون لعدم وقوعهم فى قبضة «المأذون المزيف».

بعض المواطنين وقعوا فى هذا الفخ ومنهم شيماء. م، ربة منزل من الإسكندرية والتى حكت مأساتها قائلة: «تعرضت للخداع واكتشفت بعد كتابة عقد الزواج، أنه ليس زواجًا رسميًا، حيث تم على يد شخص انتحل صفة المأذون، وكان زوجى أخبرنى أنه متزوج من أخرى ويعانى من مشكلات معها، والورق كان يشبه القسيمة الحقيقية، لكنه غير رسمى، وأنكر زوجى معرفته بالموضوع، وبعد وصول الأمر للنيابة، اعترف منتحل صفة المأذون أنه عقد 3 زيجات بنفس الطريقة من قبل».

وأضافت شيماء: «رفعت دعوى أمام المحكمة، للخلع من زوجى، وتعويض مدنى بسبب عدم تقنين زواجنا، مكنتش أتوقع أنى أكون واحدة من ضحايا المأذون المزيف، وأنصح كل سيدة وفتاة التأكد من مأذون المنطقة والتأكد من توثيق وثيقة الزواج فى وزارة العدل».

مأساة أخرى بطلتها تدعى سناء، قالت إنها تزوجت من زميلها فى العمل بعد طلاقها من زوجها الأول عام 2011، رغم أنها كانت ترفض الزواج منه كونه متزوجًا ولديه أولاد، حتى لا تكون سببًا فى خراب العلاقة بينه وبين زوجته وأولاده، ولكن والدته أخبرتها بأن علاقته بزوجته شبه منتهية، ونجلها يريد الزواج من أخرى، لذلك وافقت على الزواج، وتم تحديد موعد عقد القران الساعة 6 مساء، وتفاجأنا بدخوله المنزل ومعه المأذون الساعة 1 ظهرًا، مبررًا تقديم الموعد بأن المأذون مسافر، اقتنعنا ووافقنا، وطلب من زميل لهما فى العمل الشهادة على العقد، وآخر من العائلة، وبالفعل تم عقد القرآن وكانت الوثيقة زى الرسمية تمامًا».

وتابعت: «لما ذهبت أستخرج نسخة مميكنة من القسيمة، قال لى موظف السجل المدني «ملهاش أصل»، واكتشفت ذلك بعد مرور 8 سنوات من الزواج، والأكثر من ذلك أن زوجى سرق القسيمة الأصلية، ولما ضغط زميلنا شاهد العقد عليه اعترف بعدم رسمية القسيمة وأنها مزورة، وأثبتت النيابة تزوير القسيمة».

وتعليقًا على ذلك قال محسن السبع، المحامى بالنقض، والخبير القانونى فى قضايا الأحوال الشخصية، إن ظاهرة المأذون المزيف تحدث فى 3 أنواع من الزواج، وهى زواج القاصرات وعادة ما تسمى بعقد الزواج العرفى، بالإضافة لزواج الأجانب والأثرياء العرب من المصريات، حيث يتم عقد القرآن داخل المنزل أوأحد الأماكن، بدلًا من مكتب زواج الأجانب بوزارة العدل وفقًا للقانون.

وأضاف: «الحالة الثالثة التى تنتشر فيها ظاهرة «المأذون المزيف»، هى حالة زواج الرجل بأكثر من 4 سيدات، مؤكدًا أن الزواج فى هذه الحالة باطل أمام القانون والشرع، ويرتكب المأذون حينها جريمة تزوير محررات رسمية، ومن حق الزوجة رفع دعوى أمام المحكمة بالتعويض المدنى.

وأشار إلى أن زواج القاصرات والزواج من ثرى عربى أو أجنبى لا يعتبر تزويرًا، لأن عقد الزواج توافرت به الأركان والشروط، أما فى حالة وجود ختم النسر على الوثائق دون شرعية المأذون فهذا يضعه تحت طائلة تزوير محررات رسمية.

 

جرائم

وأثار ياسر القرشى، الذى ادعى على خلاف الحقيقة أنه مأذون شرعى، جدلًا كبيرًا على مواقع التواصل الاجتماعى خلال الفترة الماضية عقب الحديث عن مشروع قانون الأسرة الجديد، إذ كتب على صفحته على موقع فيسبوك، معلومات مضللة عن المشروع تحت عنوان «اتجوزوا بسرعة يا شباب»، تسببت فى الهجوم على مشروع القانون، ثم تبين وفقًا لبيان النيابة العامة أنه ليس معه صفة رسمية من الحكومة لممارسة العمل كمأذون شرعى وتحرير عقود زواج وشهادات طلاق، فأمر النائب العام المستشار حمادة الصاوى بإحالته إلى المحاكمة الجنائية لمعاقبته عما نسب إليه.

وادعى القرشى فرض رسوم كبيرة على الشباب المقبل على الزواج، وفقًا لمشروع قانون الأسرة الجديد، ما أدى إلى إثارة الهجوم على القانون وتكدير السلم العام وإلحاق الضرر بالمصلحة العامة.

كما نجحت الأجهزة الأمنية بوزارة الداخلية، فى ضبط أحد الأشخاص بمنطقة النزهة لقيامه بتزوير المحررات الرسمية والعرفية للنصب والاحتيال على المواطنين.

وأكدت معلومات وتحريات الإدارة العامة لمكافحة جرائم الأموال العامة قيام أحد الأشخاص بمزاولة نشاط إجرامى تخصص فى تزوير المحررات الرسمية والعرفية «وثائق الزواج والطلاق- الشهادات الصحية»، عن طريق انتحال صفة مأذون وإنشاء مكتب «بدون ترخيص» كائن بدائرة قسم شرطة النزهة بالقاهرة، والترويج لنشاطه على مواقع التواصل الاجتماعى بقصد الاستفادة المادية.

وعقب تقنين الإجراءات تم استهدافه وضبطه وبحوزته عدد كبير من وثائق الزواج والطلاق وإخطارات عقد قران «مزورة»- أكلاشيه- لافتة إعلانية- 2 هاتف محمول» بفحصهما فنيًا تبين احتواؤهما على دلائل تؤكد نشاطه الإجرامى».

 

50 محضرًا

وأشار إسلام عامر، نقيب المأذونين إلى أنه خلال الآونة الأخيرة ظهرت حالات عديدة تؤكد وجود عقود زواج مزيفة، خاصة عند طلب الزوجين القسيمة بعد عقد القرآن بفترة زمنية.

وأضاف نقيب المأذونين، أنه تم تحرير 50 محضرًا بعقد زواج مزيف، فى الإسكندرية وحدها، مشيرًا إلى أن هناك زوجة لم تجد قسيمة الزواج حتى الآن، رغم مرور عام كامل على زواجها، موضحا أن معالجة هذه القضية تتم بالمصادقة على عقد الزواج المزيف.

وأشار إلى أن المأذون المزيف يتقاضى أموالًا بمتوسط 3 آلاف إلى 4 آلاف جنيه لكل حالة، لافتًا إلى أن المواطن لا يعرف إذا كان مأذون رسمى أم لا، وأكد أن الزواج بالعقود المزيفة «سليم»، لتوافر أركان الزواج بها، أما قانونيا فهى ليست رسمية.

 

أركان وشروط

وأكد الشيخ إبراهيم سليم، رئيس مجلس إدارة صندوق المأذونين، أن الزواج له أركان وشروط، متى تحققت أصبح شرعيًا حتى لو كان المأذون مزيفًا.

وأشار إلى أنه إذا وجد أحد علماء الأزهر الشريف، أو أصحاب الفضيلة، يجوز أن يلقن صيغة عقد القران وفقًا للبروتوكولات المتفق عليها، ويوثقه مأذون الناحية، ولا يوجد شيء تحت مسمى «عقد بتوكيل مأذون»، حيث إن وزارة العدل خصصت 4500 مأذون شرعيًا للعمل فى المناطق السكنية، مؤكدًا أن هؤلاء المأذونين يمتلكون سجلات موثقة من الوزارة.

ولفت إلى أن هناك وثائق زواج غير رسمية تباع، ويستخدمها البعض بصفة غير قانونية، فى حالات الحفاظ على معاش الوالدين، أو فى حالة زواج الأم وإخفاء زواجها أمام القانون حتى لا يتعرض بكرها المعيل لأداء الخدمة الوطنية «الجيش»، وعادة ما يستعينون بمأذون غير شرعى، أو شخص مجهول الصفة ليلقنهم صيغة عقد الزواج فقط.

وأردف، أن مشاهد انتحال صفة المأذون أمر متكرر فى محافظة الإسكندرية وحدث معه شخصيًا ويظهر فى البرامج وعلى السوشيال ميديا ومواقع التواصل الاجتماعى بصفة واسم «المأذون الفرفوش» وتم تقديم بلاغات ضده بانتحال صفة مأذون.

وأوضح «سليم» أن المأذون هو موظف عام وقائم بخدمة عامة ولا يصح أن ينتحل أحد صفته، ولكل منطقة مأذون خاص بها وهو المسئول عن تحرير عقود الزواج داخلها، مشددًا على أنه لا بد أن يكون أحد أئمة الأزهر الشريف موجود وحاضر عقد الزواج ليقوم بتلقين الصيغة الشريعة.

واستطرد قائلاً: إن ظاهرة المأذون المزيف بدأت فى الظهور بعد تغيير قانون سن الزواج من 16 عامًا إلى 18 عامًا، وشاعت فى زواج القاصرات، وهناك حالات كثيرة لم يتم التصديق على عقود الزواج فيها قانونًا وتعتبر أوراقًا مزيفة، لافتًا إلى أنه فى تلك الحالات يتم التصادق على العقد من وقت تاريخ الزواج القديم.

وأشار إلى أن المأذون الشرعى يعين من قبل وزارة العدل ويكون هناك كارنيه خاص بكل مأذون ويتم ذكر المنطقة التى يعمل بها، وقسيمة الزواج هى ضمان وحماية للزوجة فى المقام الأول لضمان حقها فى الميراث والأولاد وكافة الحقوق الشرعية والقانونية، موضحًا أن وثيقة الزواج هى عبارة عن ورقة بيضاء وعليها علامة مائية وتحت صورة الزوجة توجد دمغة، وهى وسائل التحقق من صحة وثيقة الزواج.

وأكد أن المأذونين طالبوا بإنشاء نقابة لهم وقدموا مشروع قانون ينظم أعمالهم مثل النقابات المهنية لحفظ حقوقهم وممارسة المهنة والقضاء على ظاهرة منتحلى الصفة، كما اقترح «المأذون الإلكترونى» للقضاء على «المأذون الزيف»، بحيث يتم ميكنة توثيق عقود الزوج، عن طريق تقديم الخدمة بالموقع الإلكترونى لوزارة العدل، ومن ثم يتم إنشاء تطبيق يحمل جميع أسماء المأذونين المعتمدين لدى الوزارة.

وأوضح أن هذه العملية تنظم عمل المأذون وتحفظ المواطنين من التعرض لمنتحلى صفة المأذون الشرعى، فأعمال المأذون تعتبر من أعمال القضاء التى كان يقوم بها القاضى قديمًا، ونظرًا لتخفيف الضغوط عليهم، تم إقرار مهنة المأذون لينوب عن القاضى الشرعى، لذلك يسمى بالمأذون.

 

جريمة انتحال صفة

ومن جانبه، قال أيمن محفوظ المحامى، إن وقائع المأذون المزيف نتج عنها ضحايا كل ذنبهم أنهم وثقوا فى شخص كل المظاهر الخارجية توحى بأنه يحمل صفه مأذون شرعى، مضيفًا أن هذا الشخص يقوم بفتح مكتب وهمى لتسهيل أعماله الإجرامية بهدف التربح غير المشروع، دون النظر فى حجم الكوارث التى قد يسببها بأفعاله الإجرامية، وبالتالى فالجناه يستحقون عقوبة جريمة انتحال الصفة طبقًا للقانون، والتى جرمها بنصوص المواد من 155 وحتى 159، بشأن اختلاس الألقاب والوظائف والاتصاف، وانتحال شخصية الغير بدون حق، ووضع عقوبة كل من انتحال شخصية الغير سواء كانت ملكية أو عسكرية، لأى غرض بدعوى النصب أو السرقة أو لإنهاء مصالح خاصة تصل للحبس 3 سنوات والغرامة.

وتابع، أنه يحق لكل متضرر من فعل الجانى المأذون المزيف، أن يقيم دعوى تعويض عما أصابه من ضرر مادى أو معنوى، طبقًا لنص المادة 163 من القانون المدنى المصرى، فالمتضررون من أفعال هذا المجرم عليهم سرعة تصحيح وضعهم القانونى إما بكتابه عقود زواج رسمية جديدة أو التصادق على عقود الزواج الوهمية، من خلال أى مأذون حقيقى يحمل وثائق حكومية تسمى دفتر التصادق على عقد الزواج ويصبح الزواج سارى من تاريخه الفعلى شرعًا وقانونًا وليس من التاريخ الحديث، لأن الزواج هو انعقاد أراده الزوجان بالشروط الشرعية والقانونية.

وأشار إلى أن التوثيق ليس شرطًا لصحة العقد وعدم التوثيق لا يعنى بطلانه، طالما اكتملت شروطه وأركانه الشرعية والقانونية، فالزواج قد أحله الله كرابط شرعى بين الزوجين فإن انطبقت الشروط والأركان الصحيحة لعقد الزواج تنعقد رابطة الزوجية بغض النظر عن القالب القانونى لعقد الزواج، سواء كان رسميًا أو عرفيًا، أو سواء كان موثقًا من الحكومة أو غير موثق، ففى الحالتين أفتت المؤسسة الدينية بحل الزواج إذا كانت شروطه متوافرة بغض النظر عن توثيقه من عدمه، والشروط تتمحور فى الإيجاب والقبول وعدم وجود موانع شرعية أو نظامية والشهود والمهر وغيرها من الشروط الأخرى.

وأوضح «محفوظ»، أن الزواج الرسمى هو الموثق فى المحكمة الذى يحرره المأذون على وثيقة رسمية تضمن الحقوق المالية للمرأة، والزواج العرفى يضمن الحقوق الشرعية الأخرى للزوجين، فيجوز فى حالة الزواج الرسمى والعرفى أن تقام دعوى الزنا، ولا يجوز للرجل الزواج بأكثر من 4 زوجات، وكذلك لا يجوز للزوجة فى الحالتين الزواج بآخر إذا لم تطلق من زوجها.

 

زواج صحيح

وفى ذات السياق، قال الدكتور أحمد حمد ماهر الطرهونى، من علماء الأزهر الشريف، إن الزواج فى حالة الوقوع على يد المأذون المزيف صحيح، طالما وجد الولى والشهود ووقع الإشهار، واكتملت أركان الزواج، ولكن يجب تقنين الوضع القانونى، بحيث لا تضيع حقوق الزوجة، بالذهاب للمحكمة أو المأذون الشرعى الخاص بالمنطقة وإبرام عقد الزواج من جديد.

وهو ما أكده أيضًا الدكتور أيمن أبوالخير، من علماء وزارة الأوقاف، موضحًا أن حالات الزواج التى يبرمها المأذون المزيف صحيحة 100% وتعامل معاملة «الزواج العرفى»، حيث يوجد الكثير من الحالات التى يتم فيها إشهار الزواج دون عمل عقد رسمى نظرًا لصغر سن العروس، وهذا الأمر منتشر فى محافظات الصعيد وبعض محافظات الوجه البحرى.