رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
المشرف العام
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شوري
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
المشرف العام
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شوري

لأول مرة منذ عشرات السنين تقود مصر الموقف العربي الموحد، وتتصدر المشهد الإقليمي،  وتحاول أن تبلور رؤية عربية مشتركة هدفها إيجاد حل لأعقد مشكلة مرت على المنطقة من القرن العشرين وهي القضية الفلسطينية، فقد شاهد الجميع في البيت الأبيض تصريحات جلالة الملك عبد الله الثاني  ملك الأردن حين أكد أن مصر لديها رؤية دبلوماسية وحل لمشكلة قطاع غزة من دون تهجير أي فلسطيني من القطاع، ومن دون المساس بحق الشعب الفلسطيني الخالد بضرورة البقاء على أرضه ومحاولة  انتزاع المشكلة من جذورها والاعتراف بالدولة الفلسطينية وحق الشعب الفلسطيني أن يعيش بأمان على أرضه  وأن الشرق الأوسط الجديد الذي روج له نتنياهو  لن يحدث لوجود إرادة مصرية صلبة وواعية  وصاحبة رؤية دبلوماسية عاقلة بعيدة عن التصريحات العبثية والمتهورة فهي  تحاول أن تعبر بالأزمة إلى بر الأمان  فمنذ أن بدأت نغمات التهجير تتعالى  من الرئيس الأمريكي الجديد بدأت معها مصر حربا دبلوماسية كبيرة بتنظيم اتصالات مع كل دول العالم لمحاولة أن تحشد رأي عام عالمياً يناقض الرؤية الأمريكية كما أنها دعت مع المملكة العربية السعودية إلى عقد قمة عربية طارئة بالقاهرة بنهاية الشهر الجاري ليخرج الموقف العربي كله واحدا برفض قضايا التهجير ومساند الشعب الفلسطيني في حق تقرير مصيره والعيش بسلام فوق أرضه  , كما انكبت مصر بأجهزتها المختلفة لصياغة مشروع سيقدم إلى العالم لإعادة إعمار قطاع غزة من دون تهجير أي فلسطيني من أرضه لأن هذا المشروع –مشروع التهجير- سيكون له عواقب كارثية على كل دول المنطقة   

 

فمصر الدولة الكبيرة بقيادتها الحكيمة تدرك أن المعركة ليست فقط التهجير القسري للفلسطينيين ومحاولة تصفية القضية الفلسطينية وإغلاق ملف فلسطين للأبد ولكن القضية قد تكون أبعد من هذا بكثير وهو محاولة فرض واقع جغرافي جديد في منطقة الشرق الأوسط يكون هدفه فقط هو خدمة المصالح الأمريكية من دون النظر أيضا إلى مصالح شعوب المنطقة صاحبة الحق الأصيل في ثروات هذا الجزء الخصب من العالم ربما تسعى الولايات[P11]  المتحدة كما سعت دوما من خلال مخططات لخلق حالة من الفتن والصراعات بين شعوب المنطقة عملا بمبدأ فرق تسد لتحقيق أحلام الكيان في التوسع والاستيطان على أرض لم تكن يوما ملكا له .   
لسنا هنا بصدد رصد ازدواج المعايير الأمريكية لكن الإشارة إليها أصبحت واجبة بعد سلسلة من التضليل والكذب وعدم احترام الضمير الإنساني ولا حتي القانون الدولي والمعاهدات الأممية  في دفاعها عن إسرائيل  لقد طالب ترامب من أوكرانيا ما يقرب من 300 مليار دولار كانت قد دفعته الولايات المتحدة لأوكرانيا خلال حربها مع روسيا بحجة أن أوكرانيا لم تستطع كسب الحرب أو استعادة أي أراضي من روسيا فماذا عن تريليونات الدولارات التي قدمتها الولايات المتحدة لإسرائيل على نحو مباشر لتأمينها ومساعدتها الصمود في وجه حماس وتحقيق هدفها المنشود من الحرب  فقد رأينا أن إسرائيل ربما لم تحقق أي مكاسب ضد حركة حماس حيث أظهرتهم الكاميرات في أثناء تسليم الرهائن بنفس معداتهم وأسلحتهم ومظهرهم فماذا عن الأموال الطائلة التي دفعتها أمريكا لإسرائيل في صورة معدات عسكرية حديثة وأموال طائلة دفعت نقدا للتخفيف عن إسرائيل في وقت الحرب ناهيك عن محاولاتها الحثيثة لإيجاد مبرر قانوني لهم أمام العالم ماذا عن مليارات الدولارات التي قدمت كدعم مباشر لإسرائيل  لمحاولة إنقاذ اقتصادها من الشلل التام فهي دولة صغيرة يتوقف اقتصادها كليا عندما تقوم بحرب فها هي تعلن أنها تقوم بحرب دفاعية عن نفسها ضد حركة حماس فتجد نفسها مدانة في كل المحافل الدولة بجرائم إبادة جماعية وقيادتها صدر ضدهم أحكام من المحاكم الدولية الجنائية 

إن ازدواج المعايير الأمريكية في التعامل مع إسرائيل على طوال تاريخ مواجهتها مع العرب لن يجديها نفعا وعليها كدولة صاحبة قيادة عالمية أن تجد للدولة الوليدة بعد الحرب العالمية الثانية فرصة للعيش بسلام وسط شعوب المنطقة وأن نغمات الازدراء والتعالي لن تجدي نفعا في عالم يتشابك فيه المصالح وتتقاطع فيه الرؤى وربما تدرك الولايات المتحدة جيدا ان عرب الامس ليسوا عرب اليوم وقدرات الدول العربية قد زادت بشكل ملحوظ من بعد الحرب العالمية الثانية  , ولذاك ربما وقع أكثر من 150 سيناتور أمريكياً مذكرة للرئيس الأمريكي جاء فيها كارثية التصور الذي يتبناه ترامب حتى على إسرائيل نفسها فلا استقرار لإسرائيل من دون استقرار لكل دول المنطقة , حيث رفع النواب خطابا موجها إلى ترامب يحثونه فيه عن التراجع عن تصريحاته , جاء فيه_الخطاب_ أن مثل هذه الخطوة " لن تكون غير قابلة للدفاع عنها أخلاقيا فحسب" بل إنها ستضر بالمكانة العالمية للولايات المتحدة وتعرض القوات الأمريكية للخطر وتؤدي إلى زيادة الإرهاب " 

وجاء فيها أيضا أن تعليقات ترامب "تهدد فرصة الولايات المتحدة للعمل مع شركائنا العرب " 

وأكد الموقعون على الخطاب ضرورة أن تلعب الولايات المتحدة أكثر من أي وقت سبق دورا بناء في حل الصراع العربي الإسرائيلي.

ففي النهاية يصبح  الإشادة بالدور المصري واجباً وحقاً فمنذ اندلاع فتيل الحرب في غزة منذ عام ونصف لعبت مصر دورا تاريخيا من أجل إعادة الاستقرار للقطاع والتوصل إلى اتفاق الهدنة ووقف إطلاق النار مرورا برفض قاطع لتهجير الشعب الفلسطيني من أرضه ومحاولة تصفية القضية الفلسطينية , فها هي مصر يكتب تاريخها بأحرف من ذهب أنها رفضت تصفية القضية  ورفضت حتى مجرد  السكوت على الأحلام التوسعية المريضة لدولة الاحتلال فمصر هي التي أفسدت مخطط الشرق الأوسط الكبير, فمصر بقيادة الرئيس السيسي هي التي واصلت الليل بالنهار للعمل والتنمية لتستعد للمرحلة الراهنة كدولة صاحبة قوة في الدفاع عن السلام العالمي والاستقرار الإقليمي فمصر كما كانت دوما طوال تاريخها صمام أمان المنطقة والعالم  كله .


 [P11]