الموسيقار حسن شرارة: الاحتفال بأم كلثوم يؤكد أهمية الفن الراقى

صاحبة العصمة قيمتها تخطت الغناء وأصبحت حالة استثنائية
كانت سببًا فى خروج والدى عطية شرارة من الالتحاق بالجيش
الموسيقار العالمى حسن شرارة، يعد من أهم عازفى الكمان التى أنجبتهم مصر، ليس فقط لكونه ابن الموسيقار العظيم، عطية شرارة، لكن لكونه حالة فنية خاصة فى عالم الموسيقى فهو قائد أوركسترا الإذاعة ورئيس لفرقة موسيقية خاصة ومؤلف موسيقى، تربى فى بيئة فنية أثقلها بدراسته الأكاديمية فى معهد الكونسرفتوار.
عمل شرارة مع العديد من النجوم، أبرزهم كوكب الشرق، حيث عمل مع فرقة أم كلثوم، خلال أغنية (الثلاثية المقدسة)، وكان وقتها طالب بمعهد الكونسرفتوار.
«الوفد» التقت الموسيقار العالمى حسن شرارة، الذى حدثنا عن كواليس عمله مع «أم كلثوم».
وقال الدكتور حسن شرارة، عازف الكمان العالمى وعميد معهد الكونسرفتوار الأسبق، إن الفن الراقى هو الذى يضمن البقاء، مشيرًا إلى أن هذا الرقى هو السبب فى الاحتفال بأم كلثوم بهذا الشكل.
وتحدث «شرارة» عن تجربة كوكب الشرق أم كلثوم، والتى وصفها بأنها الأهم والأبرز فى القرن العشرين.
لأنها تمكنت من البقاء والحفاظ على استمرارية الإبداع حتى الآن.
وأوضح أنه كان له الشرف أن يتعاون معها خلال أغنية «الثلاثية المقدسة»، الحان الموسيقار الكبير رياض السنباطى، ويقول وقتها كنت طالبًا فى معهد الكونسرفتوار فى السنوات النهائية.
وأكد أن هناك العديد من العوامل التى تجعل أغانى كوكب الشرق تعيش عبر أزمان مختلفة، أولها انتقاء الكلمات، موضحاً أن أم كلثوم كانت تتدخل فى كل كلمة لا تعجبها فى الأغنية، لافتاً أنها كانت تتقن خروج الكلمات والمصطلحات، مؤكداً أن أم كلثوم كانت تختار الحروف والكلمات التى كانت تجيد نطقها، بالإضافة إلى بحثها الدائم عن قوة الألحان، موضحاً أن أم كلثوم لحن لها أعظم الملحنين، أبرزهم رياض السنباطى ومحمد القصبجى وزكريا أحمد، موضحاً أن هؤلاء الملحنين علموا أم كلثوم الكثير، لافتاً إلى أن توظيف هذا الصوت كانت مسئولية الملحنين، مؤكداً أن أم كلثوم كانت عبارة عن آلة موسيقية غالية ونادرة ولن تتكرر، مضيفاً أن الأغنية الواحدة كانت تحتاج إلى سنة لكى تظهر للنور ما بين كتابة للأغنية وتلحينها عمل بروفات لها.
وأكد أن أم كلثوم كانت تأخذ شهراً كاملاً تتدرب يومياً على غناء الأغنية قبل أن تغنيها أمام الجمهور، موضحاً أن بعد هذا المجهود تكون هى والفرقة الموسيقية استطاعوا حفظ الكلمات واللحن بصورة متقنة، موضحاً أنه عمل مع أم كلثوم، ووقتها كان الملحن رياض السنباطى يلحن لها أغنية، مؤكداً أنها كانت تحترمه بصورة كبيرة وهو كان بمثابة أستاذ لها، وهى كانت تقول له «يا بابا»، وهو كان يعلمها كيفية الغناء بصورة سليمة.
وأكد أن قيمة «أم كلثوم» ليس فى الغناء فقط، لكنه تخطى ذلك لتصبح قيمتها فى التقدير الأدبى والمعنوى، بمعنى أنها كانت صاحبة العصمة.
وأضاف «شرارة» أن شخصية «أم كلثوم» تخطب مجرد كونها مطربه لكنها كانت قيادة بمعنى الكلمة، هى التى كانت تمضى أجازات الموظفين الذين كانوا يعملون معها وهم فى ذات الوقت موظفون فى الحكومة، وكان توقيعها يعطى الموظف إجازة من الحكومة؛ لكى يذهب لعمل بروفة معها، كما أنها كانت سببًا فى خروج والدى عطية شرارة م الالتحاق بالجيش.
وأوضح أنه من أحد أسباب نجاح أم كلثوم، التزامها بالوقت بصورة حازمة، مضيفاً أنه ذهب إليها وهو طالب كان ميعاده الساعة 12 ووصل الساعة 12 إلا ربعًا ولم يجد أحداً، ثم فتح الاستديو فوجد الجميع متواجداً، ثم فهم بعدها أن ميعادها يذهب إليه قبلها بنص ساعة أو ساعة لكى يشرب قهوة ويجهز آلاته الموسيقية قبل البروفة.
كما أنها كانت تقدر مجهودات الشباب، لافتاً أنه كانت لديه بروفة أوركسترا مع فرقة مكونة منه هو ومجموعة من أصدقائه، فذهب إليها لكى يستأذنها للذهاب للبروفة، وسألته من صاحب الأوركسترا وأنا أعطيكم إجازة، فجاوبها هو والدكتور مصطفى ناجى وعدد من الشباب، فعندما علمت أنهم أصحاب الأوركسترا، سمحت لهم بالإجازة، موضحاً أن تقديرها للشباب جعلها تتنازل عن حضورهم للبروفة فى مقابل أنهم يهتمون بمشروعهم.
وأوضح أن أم كلثوم كانت لديها كاريزما وحضور قوى، موضحاً أنها عندما تغنى تسحر من امامها، مضيفاً أن حضورها يفرض على المتلقى أن يستمع لها بتركيز شديد، مؤكداً أن أم كلثوم علامة من علامات مصر مثلها مثل الهرم، وستظل ذلك مهما مضى العمر والزمن، كما أن عبدالوهاب ومحمد فوزى ورياض السنباطى كملحن، سيظل ذكراهم مستمراً.
وأوضح أن هناك بعض المطربات يقومون بتقديم أغانى «أم كلثوم»، مثل مى فاروق وريهام عبدالحكيم وإيمان عبدالغنى، وهم ناجحون جداً وفتحوا أبواب الشهرة بأغنياتها، وهذه ظاهرة غريبة، متسائلاً: هل اللحن هو الذى يشهر المغنى ولا المغنى هو من يشهر اللحن، ولكن هنا بمجرد ما قاموا بتقليد وتقدم أغانى أم كلثوم حصلوا على الشهرة.