عاجل
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
المشرف العام
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شوري
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
المشرف العام
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شوري

مقامُ الخيرية من المقامات الرفيعة التى اختص الله بها أمة الإسلام، يقول تعالى: {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَّهُم مِّنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأكثرهُمُ الْفَاسِقُونَ}.

وهذه الخيرية مشروطة بالأمر بالمعروف هو جِماع كل خير، والنهى عن المنكر وهو جماع كل شر، فها هو سيدنا عمر بن الخطاب قال فى حجّة حجّها ورأى من الناس رِعَة سيئة، فقرأ هذه: {كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} الآية، ثم قال: «يا أيها الناس، من سره أن يكون من تلك الأمة، فليؤد شرط الله منها».

ونظرًا لأن الشر قد انتشر وفشى فى سلوك الناس من قولٍ وفعلٍ، وجب أن نُذكر بأن «صناعةَ الخيرِ» و«الخيرية» بمفهومها الواسع «فريضة إسلامية»، ففريضة الخيرية عِمَادُها الحسن والجمال والمعروف والإحسان والمودة والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، وهى محلُ الميزان بأقل وحدةٍ للقياسِ –وهى الذرة– يقول تعالى: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ}. ويقول أيضا: {وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ وَآتُواْ الزَّكَاةَ وَمَا تُقَدِّمُواْ لأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللّهِ إِنَّ اللّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِير}، لذلك كانت وسيلةِ الفلاحِ عبادة وفعل خير خالصان لله – سبحانه وتعالى– يقول تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}، وعن أنس بن مالك -رضى الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ مِنَ النَّاسِ مَفَاتِيحَ لِلْخَيْرِ مَغَالِيقَ لِلشَّرِّ، وَإِنَّ مِنَ النَّاسِ مَفَاتِيحَ لِلشَّرِّ مَغَالِيقَ لِلْخَيْرِ، فَطُوبَى لِمَنْ جَعَلَ اللهُ مَفَاتِيحَ الخَيْرِ عَلَى يَدَيْهِ، وَوَيْلٌ لِمَنْ جَعَلَ اللهُ مَفَاتِيحَ الشَّرِّ عَلَى يَدَيْهِ».

ولقد دلت الآثار النبوية عن معالم فريضة الخيرية والتى تتجلى فى الكثير من أفعال الخير نذكر منها: «خير العبادة أخفها»، «خير المجالس أوسعها»، «خير دينكم أيسره»، «خير النكاح أيسره»، «خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى»، «خير العمل ما نفع به. وخير الهدى ما اتبع»، «خير ما ألقى فى القلب اليقين. خير الناس أنفعهم للناس»، «خير الأصحاب عند الله خيرهم لصاحبه»، «خير الرفقاء أربعة، خير الطلائع أربعمائة، وخير الجيوش أربعة آلاف»، «خيركم من تعلم القرآن وعلمه»، «خيركم خيركم لأهله»، «خيركم من يرجى خيره ويؤمن شره»، «خير بيوتكم بيت فيه يتيم مكرم»، «خير المال سكة مأبورة وفرس مأمورة»، «خير مساجد النساء قعر بيوتهن».

وعليه فما أحوجنا فى هذا الزمان الذى اشتد فيه البلاء وزادت الفتن وأصبح القبح جمالًا والشر مألوفًا أن ندعو للخيرِ فهو فريضةُ هذا الزمان، نَحتاج لصناعة الخير لنفرج عن المكروبين ونُيسر عن المعسرين ونواسى المكلوبين ونُطعم الفقراء والمساكين ونكسو العرايا والمحتاجين، ونفتح طاقات النور للهداية والرشاد، ونؤلف بين قلوب العباد، نُصلح بينهم ونقضى عنهم ديوانهم ونقوم على حوائج الضعفاء فيهم، ونتماسك ونتحد ونتعاون على البر والتقوى،هذا هو طريق نجاتنا ومضمار.

ورحم الله القائل: «إن هذا الليل والنهار خزانتان، فانظروا ما تضعون فيهما، فالأيام خزائن للناس ممتلئة بما خزنوه فيها من خير وشر، وفى يوم القيامة تفتح هذه الخزائن لأهلها؛ فالمتقون يجدون فى خزائنهم العز والكرامة، والمذنبون يجدون فى خزائنهم الحسرة والندامة».

من علماء الأزهر وأئمة وزارة الأوقاف