رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى

لقد كانت وزارة الأوقاف المصرية في حاجة ماسة إلى قيادة مستنيرة وقادرة على إحداث تغييرات جوهرية تعيد لها تنظيمها وتطور من أدائها.

 وفي هذا السياق برز اسم فضيلة الشيخ أحمد حسن الباقوري، الذي حمل راية الوزارة في واحدة من أكثر الفترات حيوية في تاريخ مصر الحديث، حيث تزامن عمله مع عهدي الرئيسين محمد نجيب وجمال عبد الناصر، تاركا إرثا ثريا من الإصلاحات والتحديثات التي رسخت لمكانة الوزارة في خدمة المجتمع والدين.

ولد الشيخ الباقوري في قرية باقور بأسيوط عام 1907، وتلقى تعليمه في الأزهر الشريف حتى حصل على الدكتوراة في البلاغة والأدب من كلية اللغة العربية عام 1939، مؤكدا منذ بداياته شغفه بالعلم واللغة. ع

مل مدرسا بالمعاهد الأزهرية في القاهرة وشبين الكوم، ثم وكيلا لمعهد أسيوط، حتى ارتقى إلى عضوية مجمع اللغة العربية ومجمع البحوث الإسلامية، وقد ألف أكثر من عشرين كتابا، مما يعكس ثراء فكره وعمق علمه. 

ومنح الشيخ جوائز وتكريمات عديدة، منها جائزة نهرو من الهند، وشاح النيل من الطبقة الأولى، وجائزة الدولة التقديرية عام 1966، كما تولى رئاسة جمعيات الشبان المسلمين ومثل مصر في العديد من المؤتمرات الدولية في الهند وباكستان وإندونيسيا، قبل أن يرحل عن عالمنا في 25 أغسطس 1985، تاركا إرثا علميا وإصلاحيا خالدا.

كان عمله في وزارة الأوقاف مثالا للإصلاح الحقيقي على جميع المستويات؛ فقد أصدر القوانين التي أعادت تنظيم الأوقاف، ونقلت إدارتها من العشوائية إلى الحوكمة المحكمة، مثل قانون رقم 180 لسنة 1952 بإلغاء نظام الوقف على غير الخيرات، والقوانين اللاحقة التي حسنت إدارة الأعيان والحقوق، ونظمت مصارف البر، مؤكدا حرصه على أن تصب جهود الوزارة في خدمة المجتمع بشكل فعال وعادل. 

كما اهتم الجوانب التنظيمية الداخلية، فأنشأ لجانا وتفتيشات للوقوف على أداء الوزارة، وأصدر قرارات مهمة لتعزيز الشفافية والكفاءة، من تفويض رؤساء الفروع في الإيجار والتعاقدات، إلى إنشاء مراقبات في مختلف المحافظات مثل أسيوط، بني سويف، القاهرة، المنصورة، كفر الشيخ والإسكندرية، لتسهيل إدارة الأوقاف وضمان متابعة دقيقة لكل صغيرة وكبيرة.

لقد تميز الشيخ الباقوري أيضا في إدارة وتنمية أملاك الأوقاف، فتمكن من تمكين الجيش من استغلال بعض الأملاك لمصلحة الوطن، وأصدر قرارات لتنظيم استخدام الأوقاف وتطويرها، وضم المستشفيات والعيادات التابعة للوزارة، وحرص على تنظيم العلاقات مع الجهات الأخرى لضمان تحقيق المنفعة القصوى للمجتمع، مع مراعاة مبادئ العدالة والشفافية في توزيع الثروات الوقفية. 

كما اهتم بالإصلاح في مجال الدعوة والشؤون الدينية، فأصدر قرارات لتنظيم شؤون المساجد والموظفين والعاملين بها، وشجع على نشر العلم، مثل نشر كتاب "المختصر النافع في فقه الإمامية"، وأسس صناديق للقروض الحسنة لموظفي الأوقاف لمساندتهم في حياتهم اليومية، مؤكدا حرصه على جانب العناية بالإنسان قبل أي شيء آخر.

إن سيرة الشيخ أحمد حسن الباقوري تبرز لنا نموذجا للقيادة المصرية الأصيلة، قيادة تجمع بين العلم والدين والعمل الوطني، وتضع مصلحة الوطن والمواطن في المقام الأول. 

لقد استطاع عبر رؤيته الثاقبة وإيمانه العميق بأهمية الإصلاح أن يترك بصمة واضحة في وزارة الأوقاف، ويحولها إلى مؤسسة منظمة وقادرة على خدمة المجتمع بكل نزاهة وكفاءة، لتظل جهوده مثالا يحتذى به في تاريخ الإصلاح الإداري والديني في مصر، مشعلا نورا على درب كل من يسعى لتطوير وطنه وخدمة دينه.