الدكتور أحمد على سليمان مؤلف كتاب « كيف نتوضأ بأخلاق النبوة » صديق عزيز جمعتنى وإياه صدف الأيام. وبعد قرابة ست سنوات على معرفتى به، لم يكن مفاجئا لى أن يصدر عنه هذا الكتاب الذى فرغت من قراءته قبل أيام ، وتساءلت بينى وبين نفسى: ما الذى أضافه، المثقف، وعضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية الدكتور أحمد على سليمان للمكتبة العربية والإسلامية بكتابة (كيف نتوضأ بأخلاق النبوة). أعتقد أن أروع واصدق ما تفضل به المؤلف ، ويحسب له أنه استطاع ببساطة وفطرة سليمة أن « يؤنسن » النبى الكريم سيدنا محمد عليه السلام .. أنسنة النبى بين سطور مئتى وستين صفحة للكتاب تجلى فى اهتمام المؤلف أن نصحبه، للتعرف على محمد بن عبد الله الإنسان فى نبوته، والنبى فى إنسانيته .. كيف أحب النبى زوجاته ، عواطفه وكلامه وخطابه ويومه وطعامه وأرحامه وفرحه وحزنه . عطف سيدنا محمد - الإنسان فى نبوته والنبى فى إنسانيته - على الحيوان وتحريم تجويعه ، فما بالكم بتجويع الإنسان للإنسان ، وانصراف كثير من القادرين عن الرحمة بغير القادرين ! .. ومن المواضع المهمة فى كتاب الدكتور أحمد على سليمان الجزء الخاص بمظاهر اعتدال النبى الإنسان فى عباداتِه وحياتِه ككل، كلامُه وسكوتُه وضحكُه وبكائه .. قيمة هذا الطرح الجديد للدكتور أحمد على سليمان أنه يكشف عن الكثير من العلل الفكرية فى مجتمعاتنا المعاصرة. يميل الكثير من عامة المسلمين لتحميل نبينا الكريم ما لم يقله أو يعمل به ، وهذا من قبيل التشدد الذى يعتقد البعض أنه أليق بالأنبياء . وما لا يعرفه الكثيرون ، وقد أدركه المؤلف فى كتابه أنه لولا اعتدال الرسل فى دعوتهم للناس، ما استطاع نبى أو رسول أن يغير فى قومه، وهو يعلم انه جاء بدعوة ستهدم فى نظر البعض ما استقر بالعقول والقلوب قبلها من سنن الأولين ..
كذلك لم يغفل المؤلف عن صفة رائعة من صفات الحكماء وأجلهم الأنبياء، وهى صفة التغافل عن ما يمكن التغافل عنه. التغافل ليس سلوكا عابرا، ولكنه فى الحقيقة فلسفة حياة توفر لأصحابها سكينة يفتقدها من يلتهمهم التسرع والقلق والشك وتحميل النفس أعباء الظنون وثقل الوساوس .. التغافل عند أهل الحكمة أن تغض الطرف عن بعض ما لا يطيب للنفس كلما كان ذلك ممكنا .. ولا أنسى هنا مقولة لسيدنا على بن ابى طالب وردت فى نهج البلاغة يقول فيها « ثلث الحكمة فطنة ، وثلثاها تغافل «.
كل الشكر للدكتور أحمد على سليمان الذى اعتقد أن الله قد منحه من الصفات الطيبة ما سيعينه على انجاز الكثير من المؤلفات القيمة فى قادم العمر – أمد ألله فى عمره.