مسار القهوة
«أنا كلمتى لا يمكن تنزل الأرض أبدًا».. «خلاص هتنزل المرة دى»
(إفيه عابر) أطلقه الفنان عبدالفتاح القصرى فى فيلم «ابن حميدو» ولا يزال موجودًا حتى الآن، ويردده الجميع على سبيل السُخرية فى مواقف كثيرة، لكنه يلقى الضوء على مفهوم أكثر عمقًا،
إذ تعد المشاركة فى اتخاذ القرار داخل الأسرة من أهم المعايير والمعتقدات والقيم الديمقراطية، فالديمقراطية، بمعناها العام، طريقة فى الحياة يستطيع فيها كل فرد فى المجتمع أن يتمتع بتكافؤ الفرص عندما يشارك فى الحياة الاجتماعية.
وعملية اتخاذ القرار داخل الأسرة تتأثر ببناء القوة أو السلطة بما يميز كل أسرة من الأخرى، إذ تتحدد العلاقات الاجتماعية على أساس نظام السلطة القائمة فيها. وثمة أنماط أربعة للسلطة الأسرية فى المجتمعات المختلفة، النمط الأول هو نمط الأسرة الأبوية التى يكون للأب فيها سلطان واسع ويتولى مسئولية أمورها الاقتصادية والاجتماعية، والنمط الثانى هو نمط الأسرة الأمومية وتكون السلطة فيها للأم نتيجة لأغراض اجتماعية مهمة مثل وراثة الأرض أو وظيفة الأم أو مكانتها، والنمط الثالث هو نمط الأسرة البنيوية ويتولى السلطة فيها أحد الأبناء وبخاصة بعد وفاة الأب أو مرضه الشديد، أما النمط الرابع فيتمثل فى نظام السلطة القائم على المساواة، إذ تقوم العلاقة بين أفراد الأسرة على أساس ديمقراطى فيشتركون فى مناقشة شئونها واتخاذ القرارات الخاصة بها.
وفى هذا السياق يمكن للدراما، بما تحظى به من كثافة مشاهدة مرتفعة، ومن إقبال مختلف أفراد الأسرة، وبما تقدمه من أسر درامية مختلفة ومن سلوكيات شخصيات متعددة، أن تؤدى دورًا فعالًا فى دعم نموذج اتخاذ القرار القائم على المساواة بين أفراد الأسرة، وعلى حرية المشاركة وإبداء الرأي، فى إطار نمط اتصالى يقوم على التوجه الديمقراطى. وقيام الدراما بهذا الدور يشكل مساهمة فعالة منها فى دعم السلوك الديمقراطي، وتعليم المشاهد هذا السلوك أو المبادئ التى تقوم عليها الديمقراطية بوجه عام، بما يسهم فى التطور الديمقراطى للمجتمع.
وهذا الدور المهم ينبغى أن تقوم به الدراما فى دعم الأسلوب الديمقراطى وإثرائه فى اتخاذ القرار داخل الأسرة المصرية، بما يسهم فى دعم التطور الديمقراطى وإثرائه للمجتمع بوجه عام، وبما يعمل على إثارة اهتمام المشاهد بموضوع أسلوب اتخاذ القرار داخل الأسرة فى إطار الأحداث والشخصيات والحوار الدرامى فى كل عمل، مع تقديم الأعمال الدرامية لهذا الموضوع بموضوعية، ومناقشته من كافة أبعاده، وتوضيح مزايا الأسلوب الديمقراطى فى اتخاذ القرار وأهميته لاستقرار حياة الأسرة ولإثراء العلاقات بين أفرادها.
وفى النهاية، فإن مناقشة موضوع أسلوب اتخاذ القرار داخل الأسرة فى الدراما تتطلب تخصيص الوقت الكافى من الأعمال الدرامية لمناقشة الموضوع مناقشةً شاملة، مع عدم الاكتفاء بتقديم النماذج المختلفة لأسلوب اتخاذ القرار داخل الأسرة، والاهتمام بالتأكيد على خطورة انفراد أحد أفراد الأسرة باتخاذ هذا القرار، وتأثيره السلبى على حياة الأسرة، ومعاناتها نتيجةً لذلك، مع الربط الواضح بين هذه المعاناة والانفراد باتخاذ القرار بما يؤكد مساوئ هذا الأسلوب لدى المشاهد.
أستاذ الإعلام المساعد بكلية الآداب–جامعة المنصورة
[email protected]