رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى

بعد أيام قليلة، سنحتفل بذكرى تأسيس حزب الوفد الجديد، الذي أعيد تأسيسه في الرابع من فبراير عام 1978، بعد سنوات طويلة من غياب الحياة الحزبية الحقيقية في مصر. 

هذا التاريخ ليس مجرد يوم على التقويم، بل هو لحظة فارقة في تاريخ العمل السياسي الوطني المصري، لحظة استعادة للأمل في تعددية سياسية حقيقية بعد عقود من الهيمنة الحزبية الواحدة. 

حينها، في عهد الرئيس أنور السادات، عاد الوفد ليعلن عن نفسه من جديد تحت قيادة فؤاد سراج الدين، مؤكدا أن الفكر الوطني الليبرالي لم يمت وأن قيم الديمقراطية والحرية والوطنية المصرية ما زالت حية، تنتظر الفرصة لتتجلى وتؤثر في حياة الناس والمجتمع.

حزب الوفد الجديد ليس مجرد تنظيم سياسي، بل هو امتداد طبيعي للفكر الذي بدأه سعد زغلول عام 1918، الفكر الذي قال إن مصر لا تبنى إلا بالحرية، وأن المشاركة السياسية هي جوهر المواطنة، وأن الدفاع عن الوطن لا يكون بالكلام فقط، بل بالعمل على استعادة استقلال القرار الوطني والحفاظ على الهوية المصرية في كل مرحلة من مراحل تاريخها. 

هذه القيم ظل الوفد يحملها في قلبه منذ أكثر من قرن، وعاد ليؤكدها بعد سنوات من الانقطاع، ليكون صوتا معتدلا وحكيما في خضم السياسة المصرية التي شهدت تحولات كبيرة.

الديمقراطية الليبرالية كانت وما زالت حجر الزاوية في فكر الوفد الجديد، التعددية الحزبية، الفصل بين السلطات، احترام حقوق الإنسان، كلها لم تكن مجرد شعارات مكتوبة على أوراق، بل كانت التزاما حقيقيا تجاه المجتمع المصري. 

الوفد الجديد لم يكتف بالمشاركة في الانتخابات، بل حرص على نشر ثقافة الحوار، وإتاحة الفرصة لكل صوت ليسمع، مؤمنا بأن مصر تحتاج إلى تعدد الآراء لتبقى قوية ومتطورة. 

هذه القيم، التي قد تبدو للبعض بسيطة، هي في الحقيقة صمام الأمان لأي مجتمع يسعى للعدالة والاستقرار، والوفد كان ولا يزال مثالا حيا على أن المبادئ يمكن أن تصمد أمام كل التحديات إذا ما ارتبطت بالهوية الوطنية.

الوطنية المصرية في فكر الوفد كانت وما زالت أعمق من مجرد شعارات وطنية، هي شعور بالانتماء للأرض، بالاعتزاز بالهوية، بالاهتمام بالتنمية المستدامة، وبالحفاظ على تاريخ وحضارة مصر. 

الوفد الجديد لم ينس أن التاريخ يعلمنا درس الصبر والعمل المتواصل، وأن الوطنية لا تقاس بالكلمات فقط، بل بالجهد اليومي الذي يبذل من أجل رفعة الوطن وازدهاره. 

تعلمت على يد مدرسة الوفد حب الوطن، حب تراب مصر، وأن كل خطوة نحو تحسين الحياة السياسية والاجتماعية هي خطوة نحو خدمة هذا الوطن العظيم.

بالطبع، لم تكن رحلة الوفد الجديد سهلة أو خالية من التحديات، بعد عودته إلى الساحة السياسية، واجه الحزب ضغوطا سياسية جعلت أحيانا من نشاطه أمرا صعبا. 

في يونيو 1978، قرر الحزب تجميد نشاطه مؤقتا لمواجهة الظروف الصعبة، وفي سبتمبر 1981، تعرضت قياداته للاعتقال ضمن حملة قمعية واسعة. 

ومع كل هذه المصاعب، ظل الوفد يؤمن بقيمه، ويستمر في دور التوعية السياسية، مؤكدا أن التحديات لا تعني الاستسلام، بل هي فرصة لإعادة التأكيد على المبادئ والثبات على النهج.

اليوم، حين أنظر إلى تاريخ الوفد الجديد، أشعر بفخر عميق؛ فالحزب لم يكن مجرد كيان سياسي، بل مدرسة تعلمنا منها معنى الانتماء والعمل من أجل الوطن، كيف نحب مصر بلا شروط، وكيف نحافظ على هويتها رغم كل المتغيرات. 

قيم الوفد، سواء الديمقراطية أو الوطنية، هي قيم تستمر في تشكيل الوعي السياسي للمصريين، وتمنح المجتمع القدرة على الحوار، والتمسك بالمبادئ، والعمل بروح وطنية حقيقية. 

الوفد الجديد لم يكن مجرد استعادة اسم قديم، بل كان إعادة لإشعال شعلة الفكر الوطني الليبرالي في مصر، شعلة تحمل معها الحرية، والكرامة، والانتماء العميق للأرض والشعب.

وفي ذكراه المقبلة، أشعر وكأننا نحتفل ليس فقط بتاريخ الحزب، بل بتجربة وطنية بأكملها، تجربة تعلمنا فيها أن الديمقراطية ليست شعارا فارغا، وأن الوطنية ليست مجرد كلمات تقال، بل هي ممارسة يومية وحياة مشتركة. 

حزب الوفد الجديد يذكرنا دائما بأن مصر بحاجة لكل صوت وقرار شجاع ومسؤول، وأن تاريخها العريق مسؤولية كل جيل يحمل فكره ومبادئه، وأن استمرار الفكر الوطني الليبرالي هو الضمان لاستمرار الوطن حرا، مستقلا، ومفتوحا على آفاق المستقبل.