عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
عاطف خليل

لوجه الله


 

 

أثبت التاريخ أن اتصال الحضارة.. وانتقال علومها من جيل إلى جيل.. أهم بكثير من القمة التى وصلت لها تلك الحضارة.. وربما هذا ما دفع الرئيس الصينى شى جين بينغ للتفاخر بحضارة بلاده.. عندما داعبه الرئيس الأمريكى السابق دونالد ترامب.. بأن الحضارة المصرية أعرق من حضارة بلاده.. فكان رده القاطع لكن حضارتنا الوحيدة المتصلة عبر التاريخ ليومنا هذا.
نعم اتصال الحضارة هو الأهم.. ورغم آلاف السنين من انقطاع الحبل السرى بين مصريى اليوم وحضارة أجدادهم.. إلا أن الكارثة الحقيقية التى واجهت استمرار حضارتهم.. كانت فى جهل وسذاجة الأبناء.. واعتقادهم أن ارثهم الثمين.. مجرد كنوز ذهبية فى المقابر أو منحوتات بارعة.. جاهلين أن كنزهم الحقيقى كان فى البرديات التى أتلفوها.. أو منحوها للصوص الغرب دون مقابل باعتبارها أوراق لا قيمة لها.. فرحنا وتغنينا كثيرا بعظمة الآثار المصرية.. وأتلفنا البرديات التى حملت لنا أسرار بناء هذه الحضارة.. فوقفنا فى مؤخرة الركب نتسول التقنية.. بعدما كنا أسيادها يوما ما.
فبجانب أهمية البرديات المصرية القديمة فى كشف فصول تاريخنا.. كانت العلوم المتقدمة أهم ما حملته تلك البرديات.. أضعناها واحتفى بها العالم لتملأ جامعاتهم ومتاحفهم بل ومراكزهم العلمية والبحثية.. ومن يظن أن علوم قدماء المصريين كانت مجرد أسس.. أو لا تصلح للبناء عليها جاهل.. أقل من أن يسمح له بمجرد الكلام أو إبداء رأى.. فتقنيات البناء الخضراء الحديثة، وعلوم الفلك والفضاء، ومواد البناء الحديثة، والبرمجيات والخوارزميات، والأدوية والعلاجات الحديثة، وتقنيات الطاقة المتجددة.. كلها مجالات يمكننا تطوير صناعات متقدمة فيها.. تتفوق بمراحل على ما وصلت إليه الحضارة الغربية اليوم.. بل إن الكيمياء المصرية القديمة يمكن استخدامها اليوم فى تخليق مواد جديدة قادرة على استعادة مجد الماضى..هذا فقط إن أردنا.. أو استطعنا قراءة ما لدينا من علوم نجهلها، ولفائف مكدسة فى مخازننا(فى انتظار أقرب كارثة ماسورة مجارى تغرقها كغيرها).
خلال رحلة بحثى عن كنوز مصر الحقيقية.. هالنى حجم البرديات المنهوبة من حضارتنا.. فما يتواجد منها بشكل معلن فى يد الغرب يتخطى 200 ألف بردية أكثرها فى علوم.. الرياضيات كبردية رايند التى تتضمن 87 مشكلة رياضية وحلولها.. وبرديتى موسكو وبرلين.. وفى الفلك برديات كارلسبرج وبروكلين وهاريس.. وفى الطب بردية إدوين سميث التى تحتوى على معلومات عن جراحة الدماغ وعلاج الجروح، وبرديات إبرس ولندن.
وهذا ما يدفعنى للتساؤل بكاء على اللبن المسكوب.. لماذا لا تدشن الدولة المصرية مشروعا قوميا تحت عنوان «كشف كنوز الفراعنة».. يقوم بالأساس على حركة ترجمة نشطة.. يتم فيها إخراج كل ما لدينا من لفائف وبرديات فى شتى العلوم ومجالات الأدب والفنون والاجتماع.. وترجمتها للغة العربية.. العربية فقط.. على أن يوجه نتاج تلك الترجمات لكل جهة فى مجال تخصصها.. لتكون تحت أعين باحثين حقيقيين.. وفتح المجال أمامهم للبناء عليها.. ولماذا لا يقرر بعضها على طلاب المدارس أيضا.. فأقل ما يمكن أن يحققه هذا المشروع.. هو تسجيل حقوق مصر العلمية والأدبية فى علوم اليوم.. وربط الأبناء بالأجداد من جديد.. ولتكون أقل اعتذارًا يمكن تقديمه للأجداد العظماء عن بيع أجسادهم للأغيار.. فكل نهضة تبدأ بالترجمة.. وكل حضارة تبدأ بالعمل الجاد والإخلاص للوطن. نعم علومهم القديمة قادرة على الدفع بنا لمقدمة ركب الحضارة.. فقط إن أخلصنا النوايا.. وعدنا لجذورنا.. ومن ابتعد عن أصله سهل اجتثاثه.