رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى
رئيس حزب الوفد ورئيس مجلس الإدارة
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس التحرير
سامي أبو العز
رئيس التحرير
ياسر شورى

حكايات إحسان عبدالقدوس

طفولته كانت صعبة..
هكذا يؤكد والدى رحمه الله..
يقول: أمى عندما أنجبتنى كانت مطلقة ووحيدة فى هذه الدنيا، وعندما جاء أوان وضعى كانت بمفردها ويشاء القدر أن الإنسانة التى وقفت إلى جوارها أثناء ولادتى صديقة لها وفنانة مثلها إسمها «إحسان كامل»، وتأثرا بهذه الصداقة والوفاء أطلقت إسم «إحسان» على أبنها الذكر!!
وهو إسم بناتى!!
ولو كان بجوارها رجلًا لتغير أسمى بالتأكيد، لكن هذا قدرى!!
والاسم «إحسان» سبب لى العديد من المشاكل والسخرية، وفى صغرى كان من يكرهوننى من الأولاد يسخرون منى قائلين «البنوتة أهو»!!
وهو فى بدايات عملى فى الصحافة كانت تصلنى رسائل بإسم الآنسة «إحسان»!!
قبل أن يعرف القراء أننى واحد ذكر!!
وزاد الطين بلة أننى اكتشفت عند زواجى أن الشقيقة الكبرى لشريكة عمرى إسمها «إحسان»، ولذلك هربت من هذا الاسم إلى «سانو» فى حياتى الخاصة وبين أصدقائى المقربين وأفراد أسرتى، واحتفظت باسم «إحسان» للصحافة وحياتى العامة.
وعندما ظهرت على وش الدنيا كانت أمى مازالت ممثلة مغمورة وفقيرة.. أما أبى «محمد عبدالقدوس» فهو فنان بحق وحقيقى وصاحب مزاج يختفى بين الحين والآخر ولا أحد يعلم مكانه حتى يظهر من جديد.
ووضعتنى أمى التى لا تملك قوت يومها فى ملجأ للأيتام، وقضيت هناك عدة أسابيع حتى ظهر أبى عندما علم أنه أنجب وكاد أن يطير من الفرحة وأخذنى إلى بيت العائلة وكانوا سعداء بالمولود الجديد الذى هو أنا وعلى رأسهم رب الأسرة جدى «أحمد رضوان».
وكان جدى الذى عشت فى كنفه من رجال الدين ويعمل قاضيًا شرعيًا وله صلة وثيقة برجال ثورة ١٩١٩.. وعشت مع جدى فترة بـ«الدراسة» بجوار «الحسين»، حتى بنى بيتا جديدًا بالعباسية يتكون من عدة طوابق.
وطفولتى كلها قضيتها فى الطابق الثانى من هذا المنزل مع عمتى وأولادها.. واسمها «نعمات هانم» وكانت بمثابة أمى الثانية وهى التى أشرفت على تربيتى حتى دخولى الجامعة وبعدها ذهبت للعيش مع أمى الحقيقية «روزاليوسف».
وأسرة جدى الذى عشت معه طفولتى كلها وجزء من المراهقة بالعباسية كانت محافظة تسودها تقاليد عجيبة منها مثلًا تقبيل الأيادى!!
فلا أكتفى فقط بتقبيل يد من هم أكبر منى، بل وضيوف جدى كمان!!
وعندما يأت ضيف إلى منزلنا ينادينى جدى لكى أسلم عليه، وتقبيل يده إحترامًا لشخصه الكريم، وكنت أتضايق وأنا صغير من ذلك، لكن إرضاء جدى أراه أمرا واجبًا حتى ولو أتعبنى تقبيل الأيادى!!
وكنت أذهب إلى أمى «روزاليوسف» كل أسبوع، وأجد هناك نوعية من الناس مختلفة تمامًا أغلبهم من الأدباء والصحفيين والفنانين، فكنت أصافح الواحد منهم وأقوم بتقبيل يده ورفعها على رأسى كما أفعل فى بيت جدى!! وسط دهشتهم الشديدة، ولم يطل هذا الأمر كثيرًا.. فقد شاهدتنى أمى وأنا أقوم بتقبيل الأيادى ونهرتنى بشدة بعد انصراف الضيوف قائلة: أبوك وأمك هما فقط من تقبل أيديهم.. توفى جدى بعد ذلك ووفاته أعفتنى من تقبيل الأيادى، وكنت حريصًا جدًا على تقبيل يد أمى ورفعها على رأسى حتى آخر يوم فى حياتها.
أما أبى فكان يرفض ذلك، وكلما حاولت تقبيل يده يسحبها بسرعة قائلًا: عيب يا ولد!!
محمد عبدالقدوس