هل يجب أن تذكرنا حرارة الصيف بأهوال جهنم؟
تشهد مصر درجات حرارة مرتفعه لم تسجلها من قبل في تاريخها، وذلك نتيجة للاحتباس الحراري، ومنذ بداية فصل الصيف يواجه الناس صعوبة شديدة في التكيف مع درجات الحرارة، ودائما ما يقال لنا أن نتذكر حر جهنم عندما نواجه حرارة الصيف، ونستعيذ من عذابها، فما صحة ذلك؟
قال الدكتور حسين بن عبدالعزيز آل الشيخ، إمام وخطيب المسجد النبوي، إنه على المسلم تتبع السنن الكونية، والتعلم منها والاستعداد من خلالها للأخره، وأخذ العظات والعبر، وبالنسبة لشدة الحرارة في فصل الصيف نجدها تُشير إلى حر جهنم في دار القرار.
وأضاف أن الناس تواجه حرارة الشمس بوسائل مختلفة، وهى مجرد شمس زائلة بعد عدة ساعات، فما بال الإنسان بالنار الخالدة، فعلى الإنسان أن يتذكر ما عليه فعله لحفظ نفسه من حرارة جهنم التي لا تفنى، وقد أوصانا الله- جل وعلا: (وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ) الآية 203 من سورة البقرة.
وشدد على وجوب المسارعة بالتوبة الصادقة إلى الرحمن قبل فوات الأوان وقبل الانتقال من هذه الدنيا الفانية، يقول- جل وعلا-: {أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ لِيَوْمٍ عَظِيمٍ يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} الآية 4،5 من سورة المطففين.
فيما قال أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، : "سيدنا النبى محمد صلى الله عليه، أخبرنا أن النار من شدة ما تأكل فى بعض؛ طلبت من ربنا أن يكون لها تنفيسا فى الدنيا وهو اللي بيحصل فى موجات الحر الشديد".
وأكد أنه يستحب عند مواجهة الحر أن ندعو: اللهم أجرنا من حر جهنم.. اللهم أجرنا من عذاب النار.. اللهم خفف عنا الحر الشديد.. واحفظ إخواننا من العاملين فى الشمس الحارة".
ما يقال عند اشتداد الحر
أما ما يقوله الإنسان عندما يشتد عليه الحرُّ فقالت دار الإفتاء المصرية أنه ورد عن حضرة النبي أنه بقول: "لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّه" وأنه يدعو الله تعالى بقوله: "اللهم أجرني من حَرِّ جهنم".وذلك لما روي عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِذَا كَانَ يَوْمٌ حَارٌّ أَلْقَى اللَّهُ تَعَالَى سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ إِلَى أَهْلِ السَّمَاءِ وَأَهْلِ الْأَرْضِ، فَإِذَا قَالَ الْعَبْدُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، مَا أَشَدَّ حَرَّ هَذَا الْيَوْمِ، اللَّهُمَّ أَجِرْنِي مِنْ حَرِّ جَهَنَّمَ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِجَهَنَّمَ: إِنَّ عَبْدًا مِنْ عِبَادِي اسْتَجَارَنِي مِنْكِ، وَإِنِّي أُشْهِدُكِ أَنِّي قَدْ أَجَرْتُهُ» رواه البيهقي في "الأسماء والصفات"، وذكره أيضًا مختصرًا في "الاعتقاد"، وابن السنّي وأبو نعيم في "عمل اليوم والليلة".
وأضافت دار الإفتاء أن الشرع الشريف قد رغب في الاستجارة من النار وطلب الوقاية منها بالعفو والمغفرة؛ حيث قال الله تعالى: ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾ [البقرة: 201]، وقال تعالى: ﴿الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾ [آل عمران: 16].
وعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: " مَا اسْتَجَارَ عَبْدٌ مِنَ النَّارِ سَبْعَ مَرَّاتٍ إِلَّا قَالَتِ النَّارُ: رَبِّ، إِنَّ عَبْدَكَ فُلَانًا قَدِ اسْتَجَارَكَ مِنِّي فَأَجِرْهُ.. الحديث" أخرجه الإمامان أبو يعلى وإسحاق بن راهويه في "المسند"، والإمام البيهقي في "الدعوات الكبير".
كما يجوز للإنسان أن يدعو بغير هذا الدعاء من الأدعية التي يباح الدعاء بها عندما يحصل للإنسان ما يقلقه أو يزعجه؛ رغبةً في أن يدفع الله تعالى عنه هذا الأمر ومشقته؛ ففي السُّنَّة النبوية المطهرة كثيرٌ من الأدعية والأذكار التي يلتجئ بها العبد إلى الله تعالى عند وقوع ما يُفْزِعُه أو يقلقه متضرعًا راجيًا من ربه تعالى أن يكتب له السلامة والنجاة؛ فمنها: ما جاء عن عبد الله بن عمر، عن أبيه رضي الله عنهما، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا سمع صوت الرعد والصواعق، قال: «اللَّهُمَّ لَا تَقْتُلْنَا بِغَضَبِكَ، وَلَا تُهْلِكْنَا بِعَذَابِكَ، وَعَافِنَا قَبْلَ ذَلِكَ» رواه الترمذي في "سننه"، والنسائي في "عمل اليوم والليلة"، والإمام أحمد في "مسنده"، والحاكم في "المستدرك".
ومنها ما يقال عند الكرب والهم: "هو الله، الله ربي لا شريك له"؛ لما جاء عن ثوبان رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا راعَه شيء قال: «هُوَ اللهُ، اللهُ رَبِّي لا شَرِيكَ لَهُ» رواه النسائي في "السنن الكبرى"، وأخرجه أبو داود وابن ماجه في "سننهما" والطبراني في "المعجم الكبير" عن أسماء بنت عميس رضي الله عنها.