عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

لوجه الله

لم أستغرب ولم يشغلنى كثيرًا.. الإعلان عن تدشين ذلك الكيان «المريب» «تكوين».. ولم أشغل بالى كثيرا بأهدافه المعلنة فى «ورقة سلوفان».. ولا مَن وراءه أو ممولُه.. فمثل تلك الكيانات.. مهما اختلفت أشكالها وأدواتها.. تكفيك أسماء من يمثلونها.. لتعرف حقيقتها وأهدافها.. ولن أتطرق للسؤال الساذج: من سمح وكيف سمح لها بالظهور؟.. فالمفترض أنه لا عقبات أمام أى حركة فكرية.. هذا هو المفترض.. أيا كان نوع هذا الفكر.
ورغم أن من وراء هذا الكيان يدَّعون أن هدفهم تنويري، وأنهم يسعون إلى تجديد الخطاب الديني.. فكثير من منتقديهم أعلنوا أن توجههم غير حميد، ويستهدف الطعن فى الدين والسنة النبوية المطهرة.. وبالطبع للمنتقدين الحق فى ذلك، فمسألة تجديد الدين التى أشار إليها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كانت تأتى على يد أنبياء فى الماضي، ثم على يد علماء أجلاء وهبوا حياتهم لعلوم الدين واللغة وعلى دراية تامة بشروط الاجتهاد والقياس.. لا الهوى.. لا يتصور أن يقوم بها اليوم ملحد أو لادينى ومنكر للسنة النبوية أو مدان بازدراء الدين الحنيف.. ومدَّعٍ لم يقرأ قوله -عز وجل- «النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوّاً وَعَشِيّاً وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ» ليخرج علينا منكرًا عذاب القبر.
كل هذا لا يشغلني.. فالإسلام دين متين، والمولى -عز وجل- تعهد بحفظه، وقد يفضح من يحاده بأتفه الأمور.. من «البعوضة» لزجاجة «جعة» خارج المشهد.. وما خفى كان أعظم.. وأثبت التاريخ أن كل ما أسسه أعداء الدين كان على «شفا جرف هار».. وكل ما كونه المكونون كان أهون من بيت العنكبوت.
لكن ما يشغلنى فعلا.. هى تلك اليد الخفية التى تدعم.. وتطلق وتروج وتحشد لكل تافه، وكل ما يشغل أبناء هذا الوطن عن مستقبل وطنهم. 
وهى نفسها اليد التى استبعدت كل صاحب فكر جاد.. وأفسحت الطريق أمام كل فاشل، حتى بات الفشل مدعاة للسؤدد والرفعة.. وبات الشرف والنبوغ علامة فقر وعوز.. سنوات طويلة شُغلنا فيها بكل غث وتافه.. سنوات طويلة لم يُكرم فيها عالم.. أو يرفع مجتهد.. سنوات طويلة لم نر حديثًا ينفع الناس.. سنوات طويلة لم يشغلنا بحث فى علم أو تعليم أو صناعة أو زراعة.. ثرثرنا فى كل شيء إلا ما يجب الحديث فيه.. سنوات طويلة حاصرنا فيها التافهون.. وأصحاب وجوه كريهة من الأَكَلَة على كل الموائد.. وأبواق إن دعت لنبى لكفر به الناس.
 ما يشغلنى ليس هذا أو ذاك بكل تفاهاتهم وشبهاتهم.. فإن كانت حركة فكرية.. فأهلا بها ونحن لها جاهزون.. -وإن كنت أشك أن هذا زمان الحركات الفكرية الجادة أيا كان توجهها-.. والرد على ما يثيرونه من شبهات.. جاهز منذ أكثر من ألف عام.. فلن يأتوا بأكثر مما جاء به أمثالهم من أهل الكلام والملاحدة فى القرون الأولى.. لكن يجب أن ندرك أولا الفارق بين المناظرات الفكرية.. وبين العبث والفوضى.. فإن كانت المناظرة بين نظيرين.. فهذا والله ما نبغي، أما أن تترك ساعات البث للعبث والسفسطة، ويطلق المرجفون ليحدثوا البسطاء عن ابن اسحاق وابن هشام وعلوم الرجال والجرح والتعديل.. ويلوون ألسنتهم بالكلام ليحسبهم الجاهل على شيء.. فتلك والله الطامة الكبرى.. ونية السوء المبيتة.. ورغم حاجة بلادنا اليوم للكثير من العمل والإخلاص والقليل من الكلام والسفسطة.. إلا أنه لا مانع من كشف حقيقة هذا وذاك؛ لدرء الفتن، علنا ننتهى من العبث.  
لكن هل يسمح السامحون لأصحاب الفكر الجاد بالرد على ما يثيره أهل الشبهات؟!!.. هل يدرك هؤلاء ردة الفعل العكسية للبسطاء إن حاربتهم فى آخر ما تبقى لهم؟!