رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

باختصار

قوة جديدة ضربت بجذورها فى باطن المجتمع المصري، وأصبحت ذات تأثير لا يمكن تجاهله أو تغاضى ما يدور على صفحاتها عبر مواقع التواصل الاجتماعى.. إنها جمهورية السوشيال ميديا، فإنه لا يمكننا غض الطرف والبعد عما يدور فى العالم الافتراضى خاصة إذا كان يمس حياتنا وأمور بلادنا.

تلك الجمهورية المستقلة تحركها الأيادى الخفية أو الأغراض الشخصية أو تصفية الحسابات أو حتى تكدير سلم المواطنين والتأثير على الجبهة الداخلية والرأى العام أحيانا لصالح جهات أو دول أو منظمات لها حسابات تضر بالبلاد والعباد.

ويأتى الانسياق خلف الترندات والهاشتاجات وتداولها دون فهمها والتعليق عليها بصورة أو بأخرى يزيد الأمور تعقيدا ويؤثر أحيانا على متخذ القرار الذى قد يضطر إلى اللجوء لإجراءات عاجلة إرضاء للرأى العام حتى وإن كانت غير منصفة.

وباتت الحملات المنظمة عبر التواصل الاجتماعى بصفحاته المختلفة سواء كانت مدفوعة أو غير مدفوعة طريقة تعبير سلمية جديدة فى ظاهرها بصرف النظر عن حقيقة أغراضها، وأصبحت نتائجها مضمونة مما عزز تكرارها والتأكيد عليها وزيادة متابعيها وناقليها سواء كانت تستهدف الدولة أو الحكومة أو المسؤولين أو الفنانين ولاعبى الكرة والشخصيات العامة وحتى فى النزاعات بين الأفراد.

لا ننكر أن بعض هذه الحملات تكون أحيانا مفيدة لبعض المظلومين ومسلوبى الحقوق الذين يفشلون فى عرض مظالمهم ومآسيهم، وخصوصا المرضى وضحايا الإهمال الطبى والبلطجية ومآسى الطلاب وأولياء أمورهم مع وزارة التعليم، وقصص وحكايات المواطنين فى دواوين الوزارات والمصالح الحكومية ويجد مثل هذا النوع غالبا طريقا سريعا للحل بعد ضغط السوشيال ميديا.

لكن هناك حملات توجه سهامها إلى الدولة وإنجازاتها وتشويه مكتسباتها يستخدم أصحابها النقد الهدام الذى لا يرتكز على القيم الأخلاقية ولا المعايير القانونية، غير مدركين أنهم يتعاملون مع وسائل إعلام دولية، وأنهم فى صراعهم–حتى وإن كانوا على حق- تصيب سهامهم الدولة نفسها وتؤثر عليها بصورة سلبية فى الخارج.

هنا تكمن الخطورة التى يجب التوقف أمامها طويلا، فلابد من أن نفرق بين خلافنا مع الحكومة مثلا أو أحد مسؤوليها وبين مصر الوطن الأكبر.. الحكومة أشخاص وسياسيات تتغير ويتغيرون معها، يأتون ويرحلون وتبقى مصر.

يجب أن نفرق بين حب مصر وحب الحكومة، فالنوع الأول فرض عين علينا جميعا لأن الوطن هو الحماية والأمن والأمان والاستقرار ورمز الهوية والتاريخ والحضارة والفخر، ومستقبل الأجيال القادمة وعزوتنا بين الأمم والشعوب، لذا فإننا مطالبون بأن نعمل على تركيز دعائمه واستقراره داخليا وتحسين صورته خارجيا، وأن يبقى أهله فى رباط إلى يوم الدين، بل إننا مطالبون أن نستخدم السوشيال ميديا للدفاع والتصدى عن بلادنا ضد أى محاولة تشويه خارجية تستهدف النيل من الوطن، مشاكلنا تطرح داخليا وتناقش هنا، أما إثارتها وتدويلها على السوشيال ميديا فتلك خيانة تستوجب العقاب.

النوع الثانى وهو حب الحكومة، فذلك ليس فرضا على المواطنين، فالحكومة أفراد والاختلاف والاتفاق معها واجبان ومتغيران حسب المواقف والسياسات والخلاف مسموح والنقد أيضا، وحتى المطالبة بتعديل المسارات، لكن فى النهاية لست مجبرا على حب الحكومة تحت أى ظرف من الظروف.

هناك نموذج مشرف لحب الوطن شهدته دولة الإمارات العربية المتحدة التى تعرضت لإعصار مدمر خلال الأيام الماضية وظهر العديد من مقاطع الفيديو والصور التى وثقت الكارثة الطبيعية، حيث غرقت السيارات فى الشوارع وداهمت المياه المنازل وأدت العواصف الرعدية إلى العديد من الكوارث، وتكتل الشعب الذى يحب بلده ويضحى من أجلها ضاربا أروع الأمثلة فى إظهار دولته بطريقة قوية غير متأثرة بغضب الطبيعة ومدافعا عن صورتها فى الخارج، ولم يوجه مواطنا واحدا سهامه للدولة على السوشيال ميديا متهمها بالفشل أو «الغرق فى شبر ميه».

باختصار.. آن الأوان لندرك قيمة الكلمة وخطورتها فى السماوات المفتوحة، فمصر تستحق من أهلها كل الحب والتقدير والتفانى فى خدمتها والدفاع عنها داخليا وخارجيا تحت كل الظروف.. نعم كلنا مطالبون بأن نحب مصر ولسنا مطالبين أن نحب الحكومة.

[email protected]