رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

عندما تتأمل الواقع المعاصر.. وهو واقع بكل المقاييس ردىء وسخيف ومقرف.. ونتساءل ونتعجب.. ترى أين العقل فى كل ما يحدث؟ مجاعات وحروب وأمراض وتهديدات هنا وهناك.. ولماذا كل ذلك؟ الإجابة ببساطة أن العالم فقد عقله ويسير فى طريق الخسران. فالعالم يفقد ويخسر نفسه.. إنه فن التحطيم والقتل والدماء والدمار.. لقد خسر الإنسان نفسه.. وتلك هى المأساة.
فى رواية للعبقرى دوستويفسكى (فى قبوي) يقول:.. نستطيع أن نقول عن تاريخ العالم كل شىء، نستطيع أن نقول عنه كل ما يعن على البال ويدور فى الخيال. ولكن يستحيل علينا أن نقول عنه إنه مطابق للعقل: إن لساننا سيتلعثم منذ ننطق بأول حرف من هذا الكلام. وما الذى نلقاه فى كل يوم أيضاً؟ إننا نلقى كل يوم أناساً يظهرون لنا عقلاء حكماء، أناساً يحبون الإنسانية ويهدفون إلى أن يعيشوا حياة تستوحى العقل وتستلهم مبادئ الشرف بغية أن يؤثروا فى أقرانهم بالقدوة الحسنة، وأن يبرهنوا لهم على أن فى وسع الإنسان أن يلتزم فى حياته جانب الحكمة. ولكن ماذا يحدث عندئذ؟ إنكم تعرفون أن عدداً من محبى الحكمة هؤلاء ينتهى بهم الأمر عاجلاً أو آجلاً إلى أن يخونوا أفكارهم وأن يتورطوا فى قصص فاضحة!.
ينظر دوستويفسكى إلى الإنسان من الجانب الخفى أو المتوارى أو السلبى. فعلينا ألا ننظر أو ينحصر فكرنا فيما هو إيجابى.. بل هناك الجانب السلبى الذى يحلو للإنسان دوماً أن يبديه أو يظهره بشكل جلى بلا مواربة، فالإنسان راغب فى فعل ما هو أحمق وما هو حقير.. لماذا؟ تلك طبيعته.. هو يريد أن يقول إننى لى أكثر من وجه وليس وجهاً واحداً يود الجميع حصره فيه.. ومهما بذلنا أن نجعل الإنسان يعيش فى حالة من السعادة والفخامة إلا أننا نفاجأ بأنه يفعل ما هو شائن وحقير وبغيض كيف ذلك؟ إنه الإنسان!.
الإنسان المعاصر يحلو له أن يفقد ذاته! أن يعيش فى حالة من التعاسة.. إنه الاغتراب والتشيؤ.. يقول هيدجر: اللاماوى أصبح مصير العالم.. أصبح الإنسان بلا جذور، المتجول هو التجسيد الخاص للغريب الذى لم يفقد مأواه فحسب، بل فقد أيضاً وضعه فى الزمان على السواء وهو فى سعيه لكى يستعيد الأرض تخبط: باع روحه من أجل المال تارة، وباع نفسه الحقيقية من أجل أن يشترى نفساً زائفة تارة أخرى، وباع روحه من أجل الملذات الأرضية تارة ثالثة، وباع روحه للشيطان تارة رابعة، وباع نفسه لآلهة غير الله. صار مغترباً وهذا الوجود المغترب صار يتسيده ومن ثم طفق يعبده.. إنه فى هذا البيع قد تنازل عن ملكية ذاته. لقد اغترب.. إنه دخل بنفسه مصيدة اغترابه. وسوف نكمل الحديث عن ذلك الفقدان فى المقال القادم.

أستاذ الفلسفة وعلم الجمال
أكاديمية الفنون