عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حكاية وطن

بعد انتقال البرلمان المصرى إلى مقره الجديد بالعاصمة الإدارية سيظل مبناه الحالى فى قلب القاهرة قيمة تاريخية ومعمارية شامخة ورمزا لقيم كافح من أجلها الشعب المصرى سنين طويلة.

فقد شهد هذا المبنى الذى يضم مجلس النواب والشيوخ أحداثا مهمة فى تاريخ مصر الحديث ومسيرة العمل الوطنى بها، منذ افتتاحه فى عام 1924 ليستقبل أول برلمان مصرى حديث بعد صدور دستور 1923.. وعقدت بداخل هذا المبنى الجلسة الأولى لمجلسى الشيوخ والنواب فى يوم السبت 15 مارس 1924.

وهذا المبنى شاهد حى على وقائع أكثر من مائة عام من الحياة السياسية والنيابية فى مصر. ويحمل المبنى قيمة فنية ومعمارية عامة، فقد شيد على طراز جمع بين الأساليب المعمارية الأوروبية فى أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين وبين التأثيرات الإسلامية فى العمارة والفنون.

مع مطلع عام 1924 كان الزعيم سعد زغلول ملء السمع والبصر.. زعيم الأمة وقائدها السياسى. خاض أول معركة انتخابية تمحضت عن كفاح الشعب المصرى وصدور دستور 1923. تتبعت الأمة بلهفة إجراءات التمهيد للانتخابات، وتألفت اللجان الشعبية فى مختلف المدن والقرى، وكان اهتمام الناس عظيما إن دل على شىء فإنما يدل على ارتقاء النضج السياسى فى البلاد.

بدأت المعركة الانتخابية فى أبريل 1923، واستمرت إلى 12 يناير 1924، تميزت بظهور الأحزاب لأول مرة، فكانت معركة طويلة، حامية الوطيس، ونال فيها الوفد 90٪ من مقاعد النواب، وفشل فى الانتخابات أشهر خصوم سعد، وسقط رئيس الوزراء يحيى إبراهيم باشا، إلا أن سقوطه يعد شهادة ناطقة بنزاهته ومحافظته على حرية الانتخابات وعدم تدخل الحكومة فى ظل الدستور الجديد واكتساح حزب الوفد وزعيمه، شكل سعد زغلول وزارته الوحيدة، التى سميت وزارة الشعب واستمرت عشرة أشهر من 28 يناير 1924 حتى 24 نوفمبر.

كان افتتاح البرلمان يوما مشهودا فى تاريخ مصر الحديث، فلأول مرة منذ الاحتلال عام 1882 اجتمع نواب البلاد وشيوخها المنتخبون انتخاباً حرا فى برلمان تتمثل فيه سلطة الأمة.. حيث كانت قد جرت انتخابات مجلس الشيوخ يوم 23 فبراير 1924، وفاز فيها أيضا الوفد فى معظم الدوائر. وقد أعاد افتتاح البرلمان إلى الأذهان حفل افتتاح مجلس النواب الأول الذى اجتمع عام 1881 فى عهد الثورة العرابية، وكان أول مجلس نيابى كامل السلطة شهدته مصر الحديثة، ثم عصفت به يد الاحتلال فألغى عام 1883، وظلت البلاد بلا دستور 40 عاما إلى أن ظهرت به سنة 1923.

ووقع حادث مروع عصف بالحياة الدستورية والوزارة معا، كما عصف بحقوق البلاد وبوحدة مصر والسودان، هذا الحادث هو مقتل السير لى ستاك باشا، سردار الجيش المصرى وحاكم السودان العام فى 19 نوفمبر 1924، ارتجت البلاد لهذا الحادث المروع، وتوقع الناس له عواقب خطيرة، إذ كان هدفه شخصية من أكبر شخصيات إنجلترا السياسية والعسكرية فى مصر والسودان. وثارت الحكومة البريطانية، وأخذت تهدد البلاد وحكومتها، وتحمل حملة شديدة على سعد زغلول واتهمته بتهييج الشعور بريطانيا، وحملته ووزارته مسئولية الحادث، وعرض سعد زغلول على الملك استقالته من الوزارة فى 23 نوفمبر 1924.

وكتب محمد حسنين باشا رئيس تحرير جريدة السياسة، لسان حال الأحرار الدستوريين فى كتابه «مذكرات فى السياسة المصرية»، واصفا استقبال الأحرار الدستوريين للهزيمة فى الانتخابات البرلمانية.. كان سعد زغلول بطل مصر بلا منازع.

وانتقل الأمر من  النظر إلى سعد على أنه زعيم سياسى له رأيه الذى يناقش إلى أنه نبى الوطنية المرسل من قبل السماء، والذى يجب أن تنحنى له الجباه، فقد أصبحت كلمة سعد وحياً وقد وجب تنفيذ أمره أيا كان.. وهذا ما أدى بالشيخ الغاياتى إلى أن يقول يوما فى خطاب ألقاه: «إذا رشّح الوفد حجرا وجب انتخابه».