رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

على مائدة القرآن

الطريق إلى السماء (٢)

بوابة الوفد الإلكترونية

ولمَّا كان لمقام القُرب من الله هذه العظائم من الثواب والعطايا فى الدنيا والآخرة فإنه قد غدا مجالًا يتنافس فيه المتنافسون من التائقين إلى ذلك المقام لكى يُحصِّل كلٌّ بحسب اجتهاده وجِدِّه على قدر سعيه من القرب: (أولئك الذين يدعون يبتغون إلى ربهم الوسيلة أيهم أقرب ويرجون رحمته ويخافون عذابه).

ويكون ذلك التنافس فى الأسباب التى تقود إلى القرب من الله، وهى:

أولًا: معرفة الله تلك المعرفة الواجبة لذاتها: (فاعلم أنه لا إله إلا الله)، لكونها عبادة جزاءها الجنة: (مَنْ مات وهو يعلم أنه لا إله إلا الله دخل الجنة)، كما أنها طريق وباب للعلم قبل القول والعمل، وبذلك عَنْون البخارى أحد أبواب صحيحه الجامع.

كما أنها استجابة للحض الإلهى على تلك المعرفة واجبة الحمد: (وقل الحمد لله سيريكم آياته فتعرفونها) فى صفاته بمقام القلب، وبآيات أفعاله وآثارها فى مقام النفس، وآيات عظَمَته الكونية.

وهذه المعرفة كما يقول حجة الإسلام الغزالى: أفضل المعارف، بل إن معرفة سائر الأشياء أيضاً إنما تشرف لأنها معرفة لأفعال الله عز وجل، أو معرفة للطريق الذى يقرِّب العبدمن الله عز وجل، أو الأمر الذى يسهل به الوصول إلى معرفة الله تعالى والقرب منه.

فهى تقرّب إلى الله من جهتين: 

١.تجعل إيمان العارف فى زيادة واضطراد يلزم عنها مزيد شوق ومحبة وتعظيم ولزوم عبودية وسعى للقرب: (الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم ويتفكرون فى خلق السموات والأرض ربنا ما خلقتَ هذا باطلًا سبحانك).

٢.إصلاح القلوب وتنقيتها وتهيئتها للقرب عندما يستقر فيها تلك المعرفة بالعظمة والخشية والرجاء والتوكل وما يحبه تعالى من الاعتقادات والأعمال والأقوال والإرادات. 

ثانيًا: العبادة والعمل الصالح الذى يقرب صاحبه من الملكوت لأن العبادة توأم الإيمان والمعرفة وطريق الكمال المُوصل إلى مقام القرب والارتقاء نحو العلو: (إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه)، كما أن العبادة تقرب صاحبها من مناجاة القرب مع الله: (يقول الله تعالى قسمتُ الصلاة بينى وبين عبدى نصفين نصفها لى ونصفها لعبدى، ولعبدى ما سأل. 

فإذا قال الحمدلله رب العالمين. قال حمدنى عبدى، فإذا قال الرحمن الرحيم. قال أثنى على عبدى، فإذا قال مالك يوم الدين. قال مجَّدنى عبدى، فإذا قال إياك نعبد وإياك نستعين، قال هذه بينى وبين عبدى ولعبدى ما سأل، فإذا قال اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين. قال هؤلاء لعبدى ولعبدى ما سأل).

ثالثًا: الرياضة النفسية والروحية، وتكون بحمل النفس على المشقة البدنية ومخالفة الهوى بالتقرب إلى الله: (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا)، وذلك بصيانة النفس عن الغفلة ومقارفة الخطايا والآثام وشكلية العبادات والغش والنفاق فى المعاملات.

لكن هناك معوِّقات يجب إزاحتها عن طريق القرب من الله، وذلك مثل:

١. محبة شياطين الإنس والجن الصارفين عن صالح الأعمال. 

٢. سوء الظن بالله خاصة عند الابتلاءات مما يترتب عليه الجزع والتبرم والاعتراض على القضاء.

٣. أمراض القلوب كالحسد والخديعة والحقد والمكر السيئ، فالقلب الملوث بالأدران والأسقام غير قابل للسير إلى الله فى طريق القرب الذى لا يدركه إلا: (من أتى الله بقلب سليم) إذ كيف يشهد القلب تجليات أنوار القرب وهو محجوب بحجاب كثيف من الأدران؟

٤. الانقياد لشهوات النفس وأهوائها: (ولا تتَّبع الهوى فيضلك عن سبيل الله).

٥. ضعف الإرادة الذى يُسقط فى فخ الشكلية الطقوسية بمنأى عن الإخلاص. 

٦. استحواز التعلقات الدنيوية بالمال والجاه والسلطة على النفس فلا تترك حيزًا بالروح والقلب لمحبة الله وأُنس القرب منه.