عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حكاية وطن

كانت المحليات على مدى عقود متتالية أكبر بؤر الفساد فى مصر، وتلقى الرشاوى وإهدار المال العام باعتراف نظام السلطة السابقة عندما جاء على لسان أحد قيادات الدولة أن الفساد فى المحليات «أصبح للركب»! وسيطر الحزب الوطنى المنحل فى ذلك الوقت على مقاعد تلك المجالس، كما سيطر على مقاليد الدولة كلها، ومع اندلاع ثورة 25 يناير 2011، تم حل كافة المجالس الشعبية المحلية على مستوى الجمهورية، ولكن حتى الآن، أى منذ أكثر من 13 عامًا، لم يتم انتخاب مجالس محلية جديدة، فى الوقت الذى تقدمت فيه الحكومة أكثر من مرة بمشاريع قوانين خاصة بنظام الإدارة المحلية، كان آخرها المشروع المقدم فى أبريل 2017، والذى ناقشته لجنة الإدارة المحلية بمجلس النواب ولكن حتى الآن لم يعلن البرلمان بشكل رسمى عن النسخة النهائية المقرر طرحها على الأعضاء للتصويت، ذلك على الرغم من ضرورة إجراء تلك الانتخابات، التزاما بالدستور الحالى «دستور 2014»، الذى تضمن فى مواده الانتقالية البدء فى تطبيق النظام الجديد للإدارة المحلية بشكل تدريجى خلال خمس سنوات من تاريخ نفاذ الدستور.
ويعتمد النظام المنصوص عليه فى الدستور بشكل أساسى على اللامركزية الإدارية والمالية لوحدات الإدارة المحلية، مع منحها قدرًا كبيرًا من الاستقلالية وسلطة اتخاذ القرارات، وهو يضع تبعًا لذلك التزامًا صريحًا على عاتق السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية بإجراء انتخابات المجالس المحلية قبل بداية 2019، بالإضافة إلى تهيئة الجهاز الإدارى بالدولة وتأهيل العاملين به على كيفية التعامل مع تلك المجالس وفقًا للاختصاصات الجديدة الممنوحة لها بموجب الدستور.
عدم إجراء انتخابات المجالس المحلية حتى الآن رغم مرور السنوات الخمس التى حددها الدستور لعدم صدور القانون المنظم لها، يراه البعض مخالفة دستورية، وفراغًا تشريعيًا، ويرى البعض الآخر أن تجاوز مدة السنوات الخمس على إقرار القانون ليست أزمة دستورية، لأنها تنظيمية وليست ملزمة، وإقرار القانون فى أى وقت سيكون صحيحًا، ولكن فى كل الأحوال لا بد أن يصدر هذا القانون المهم، الذى يأمل الجميع فى أن يكون له دور كبير فى القضاء على الفساد ومواجهة البيروقراطية والروتين الموجود منذ عشرات السنين، كما يأمل الجميع من كل القوى السياسية فى أن يمثل القانون الجديد للمحليات طفرة حقيقية فى الانتخابات المحلية، ويمنح تكافؤ الفرص للجميع ويطبق بشكل حقيقى اللامركزية فى المحافظات والقرى والمراكز والمدن، وأن يكون المحافظ ورؤساء مجالس المدن والقرى أصحاب القرار فى التطوير وتقديم الخدمة للمواطن.
تعتبر مصر من أوائل الدول التى اعتمدت نظام الإدارة المحلية، وذلك عندما أنشأت ما سمى بـ«مجالس المديريات» كفروع للإدارة المركزية فى جميع أنحاء البلاد بموجب «القانون النظامى المصرى»، الذى أصدره الخديو توفيق عام 1883.
ثم جاء دستور 1923، الذى اعترف بنظام الإدارة المحلية على نحو صريح وأوضح اختصاصات والتزامات تلك المجالس، ومن بعده أخذت كل الدساتير المتعاقبة بنفس النظام حتى دستور 1971، الذى صدر بموحبه القانون رقم 43 لسنة 1979، بشأن نظام الإدارة المحلية السارى حاليًا، وبموجب دستور 2014 الحالى، ينقسم نظام الإدارة المحلية فى مصر إلى وحدات الحكم المحلى والتى تتمتع بالشخصية الاعتبارية مثل «المحافظات، المدن، المراكز، الأحياء، القرى»، والتى لها الاختصاص الأصيل فى إنشاء وإدارة جميع المرافق العامة الواقعة فى دائرتها.
يتفق ذلك مع أن الإدارة المحلية أحد أسباب التقدم فى أى دولة، وهذا ما تم رصده فى الدول التى حققت طفرات اقتصادية وخدمات جيدة لمواطنيها، وإذا استطعنا أن ننفذ منظومة جيدة للإدارة المحلية فى مصر بشكل يتواكب مع الأنظمة العالمية للإدارات المحلية، فذلك سيكون نجاحًا كبيرًا للجمهورية الجديدة.