رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

على مائدة القرآن

(قوارع القرآن)

د. عبدالراضي عبدالمحسن
د. عبدالراضي عبدالمحسن عميد دار العلوم القاهرة الاسبق

هى الآيات المفحمات الصادعات المسكتات بالحجة البالغة والبرهان المبين الذى لا يملك الإنسان معه إلا الخضوع والانصياع والإذعان للوازمه والتسليم بمطلوبه.

وهذا الانصياع والانقياد يكون عقلا ووجدانا معا إذ إن تأثير الخطاب القرآنى فى النفس الإنسانية يكون وجدانيا: (لو أنزلنا هذا القرآن على جبل لرأيته خاشعًا متصدعًا من خشية الله)، ويكون جسديا كذلك: (الله نزَّل أحسن الحديث كتابًا متشابهًا مثانى تقشعر منه جلود الذين يخشون ربهم ثم تلين جلودهم وقلوبهم إلى ذكر الله).

وهذا لا يتنافى مع وجود مَنْ لا يستشعر ذلك الأثر القرآنى إما بسبب أنه لا يدرك معانيه ودلالاته وإما بسبب هجر القرآن والتغافل عنه حتى غدا قلبه مصفحا مغلقا إزاء القرآن، فأصبح قلبا صخريا حجريا كما قال تعالى: (ثم قَسَتْ قلوبكم من بعد ذلك فهى كالحجارة أو أشد قسوة وإن من الحجارة لما يتفجر منه الأنهار وإن منها لما يشقق فيخرج منه الماء وإن منها لما يهبط من خشية الله).

أما القلب والعقل الطبيعى فلا يملك إلا أن ينصدع بتلك القوارع كما انصدع قلب جبير بن مطعم عند سماعه آية سورة الطور: (أم خُلقوا من غير شىء أم هم الخالقون أم خلقوا السموات والأرض).

فقد أسلم ابن جبير عند سماعها لأنها جعلته ينصاع ويذعن للإيمان بالله الواحد الخالق الذى تُلزم به مَنْ يعقلها.

فالآية تستخدم طريقة السبر والتقسيم التى تعتمد على طرح الاحتمالات المتعددة كأسباب لخلق العالم والإنسان، ثم تستبعد تلك الاحتمالات واحدا تلو الآخر لعدم معقوليتها ولعدم اتفاقها مع الواقع وحقيقة الوجود، فلا يتبقى سوى احتمال واحد هو الصحيح، فالبشر لا يمكن أن يكونوا قد خُلقوا من غير خالق خلقهم لأن البديهة تلزم بأن كل حدث وراءه مُحْدِث وكل فعل لابد له من فاعل، وكذلك لا يمكن أن يكون الإنسان قد خلق نفسه أو خلق غيره فكلاهما مخلوق، ولا يمكن أن يكون إنسان قد خلق السموات والأرض لأنها موجودة قبل أن يُخلق هو كما أنها أكبر من كل البشر وطاقتهم، كما أنها محيطة بهم وهم جزء صغير جدا، وهى أعلى منهم.

إذن لا يتبقى سوى احتمال واحد صحيح أن يكون الله هو الذى خلق الإنسان والعالم.