رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

كنوز الوطن

قالوا فى الأمثال إن أقوى الأشجار ترتفع من بين شقوق الصخور، ولهذا فكل من اعتمد على ذاته واجتهد وعافر وواجه المحن صنع لنفسه مكانة وحفر بصمته، وظلت جذوره ثابتة راسخة، وبقى نجاحه ملهمًا لكل من جاءوا بعده، والحاج محمود العربى واحد من المعافرين، قاتل ليصنع اسمه، وجاهد ونحت فى الصخر ليحقق حلم أمن به، خاض المعركة بصبر وتحمل المتاعب من أجل هدفه، فكان نجاحه كبيرًا والأهم أنه نجاح دام واستمر وأنتج من يحافظ عليه ويكمل المسيرة، بقى اسم العربى ملهمًا للآخرين، ليس فى النجاح فقط بل فى الانتماء أيضاً، الانتماء للمجتمع الذى تربى وعاش فيه، وانتماء للصنعة التى أحبها، والوطن الذى عشقه، لم يتعامل العربى يوما مع مجتمعه الذى عاش فيه وخاصة قريته بتكبر بل كان الأبسط والأكثر تواضعًا والأسرع فى تقديم الدعم والمساندة لغيره، وفى صنعته لم يغلق بابها على نفسه ولم يحتكرها بل فتح الطريق لكل من اجتهد وساعد كل من طلب الدعم، وتبنى تقديم أجيال من أصحاب المهارة فى تخصصه الصناعى، أما وطنه فكان مقدمًا عنده على كل شيء، لم يبخل عليه ولم يتهرب من واجب تجاهه، بل كان سباقًا فى مسارات الخير، لم يزايد يومًا على بلده ولم يسع للتربح أو الضغط على دولته، لم يساوم على استثماراته كما يفعل بعض رجال الأعمال حاليًا، ولم يعش العربى حياة البذخ التى اشتهر بها أبناء هذه الفئة رغم أنه كان يملك أن يفعل ما يشاء، لكن المال عنده لم يكن سوى وسيلة لصناعة ما يبقى، والحياة عنده ليست رغدًا وابهة وإنما بناء يستمر وعمل يدوم ويبقى اسمه، فكانت مشروعاته الصناعية العملاقة، وفى الوقت نفسه كان دوره الاجتماعى الذى تجسد فى الكثير من المشروعات سواء بناء المستشفيات أو المدارس أو المعاهد الدينية وغيرها من المشروعات الخيرية التى تسهم فى نهضة المجتمع وبناء إنسان قادر على صناعة المستقبل دون السقوط فى فخ العوز أو أن يسلك طريقًا غير سوى يضر به وبالمجتمع.

كان العربى نموذجًا حيًا لرجل الأعمال الذى يجمع بين الوطنية الخالصة والإبداع فى طرق النجاح، ليس لنفسه فقط بل لكل من حوله، لم يتردد فى أن يسعد الجميع بمشروعات تفتح الرزق لهم ولأولادهم فى مجال الصناعة والتكنولوجيا الحديثة لأنه كان يؤمن بدور العامل فى بناء الاقتصاد المصرى من خلال منظومة عمل شاملة.

عندما تقرأ كتاب «سر حياتى» الذى يحكى قصة الحاج محمود العربى تجد فيه رسائل عديدة لا يستغنى عنها كل من يريد النجاح الحقيقى فالكتاب يحكى مشوارًا من الجهد والعرق، والإخلاص والتفانى وفيه سر خلطة النجاح وكيف يحقق الإنسان حلمه ولا يستسلم للصعب، ولا يتنازل عن قيمه ولا أخلاقه، فالهوية والقيم كانت دستور الحاج محمود العربى الذى لم يخالفه فى مشواره بل سار عليه واحتمى به أمام كل تحد.

إن قصة محمود العربى يجب أن تدرس وأن تكون عبرة لكل رجال الأعمال ليس فى مصر، على الأقل حتى نجد رجال أعمال وليس انتهازيين ونجد صناعًا وتجارًا يعرفون معنى الضمير والمسئولية وليس محتكرين ومتربحين.