عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

عندما أتأمل تجارب دول فى آسيا وأمريكا اللاتينية وأوروبا الشرقية وكيف انتقلت من أوضاع كارثية متخلفة إلى حالة نمو وتطور متسارعة ومدروسة، أتساءل: هل مصر حالة مستعصية على التطور، ولماذا منذ حملة نابليون بونابرت على مصر (1798 – 1801) ونحن نبحث عن ذاتنا وعن فرصة تاريخية لنمو مستدام ولم ننجح أو نخرج من متاهات البحث عن هوية. قفزت لخاطرى هذه الأفكار أو الرؤى وأنا مأخوذ بمشهدين مهمين–الأول: مرتبط بالذكرى الثالثة عشرة لرحيل الرئيس الأسبق حسنى مبارك يوم 11 فبراير 2011، حيث حكم الرجل ثلاثين عامًا وترك السلطة رغما عنه – والمشهد الثانى لرئيسة الأرجنتين السابقة كريستينا فرنانديز دى كيرشنر التى ودعها شعبها بالحب والدموع بعد 8 سنوات قضتها بالسلطة (2007 – 2015) رئيسة منتخبة غيرت وجه الحياة فى الأرجنتين وانحازت بقوة للفقراء ورسمت لبلادها خريطة تحالفات جديدة استبعدت منها الولايات المتحدة الأمريكية..

لماذا تغيرت الأرجنتين خلال 8 سنوات، ولم تتغير مصر بعد أكثر من 200 عام من البدايات التعرف على العصر الحديث؟ لقد اقتربت من الاقتناع بفكرة أن إمكانية تطورنا تزداد تعقيدًا، وقد نبه لذلك الدكتور طه حسين فى مؤلفه البديع «مستقبل الثقافة فى مصر» بقوله: إن مصر منذ ما يقرب من خمسة عشر قرنًا وقد انتقل ارتباطها الثقافى من الشمال إلى الشرق وأن الأوضاع التى سادت ما يعرف بالعالم العربى من قرون وحتى يومنا هذا قد ربطت مصر عضويًا ببنية التخلف المتجذرة فى الأطر السياسية والاجتماعية والثقافية فى محيطنا الإقليمى، وأنه من المستحيل على مصر أن تفلت من حالة الغرق فى المحيط العربى المتجمد منذ قرون».. ومن الإنصاف التسليم بأن سنن التطور من صناعة أصحابها، ولا يجب أن نحمل الواقع العربى المتهالك مسئولية إضعاف مصر. لكى نكون أقوياء فبأيدينا وافكارنا وليس بيد عمر أو زيد.

الفارق بين تجربة 30 سنة من حكم مبارك ترك مصر بعدها «مضطرًا» أمام ثورة حقيقية، وبين تجربة رئيسة الأرجنتين التى احترمت الدستور وتركت السلطة بعد فترتين رئاسيتين مدتهما 8 سنوات، أن هذه السيدة رسمت خريطة سياسية جديدة للأرجنتين ولم تترك نفسها لغوايات السلطة حتى تتعفن داخل دواليب سياسية قديمة..

وإعادة للسؤال الأساسى الموجع : لماذا تقدم الآخرون خلال 8 سنوات ولم نتقدم نحن فى مصر خلال 200 سنة؟.. أعتقد أن بلدًا مثل الأرجنتين لم يتغرب عن هويته كما حدث لنا، ولم يخطئ قادة الأرجنتين فى تحديد هوية حلفائهم ولم يقايضوا مصلحة بلدهم بمصالحهم هم، لأنهم ببساطة يحترمون دستور بلدهم ويعلون من قيمة وقدر القانون.. رئيسة الأرجنتين أدركت بوعى مصادر القوة فى بلدها وفتحت المجال العام أمام الجميع–معارضيها قبل مؤيديها.. إنها حكمة التاريخ الغائبة عنا منذ قرون.