رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

خط أحمر

تعيد «الوفد» نشر مقال الزميل سليمان جودة المنشور فى جريدة «المصرى اليوم» وفيما يلى نص المقال:

ما حدث مع اقتراح رآه الدكتور عبدالسند يمامة، رئيس الوفد، يؤشر على أن مسافة ممتدة لا تزال بيننا وبين القدرة على استقبال الرأى الآخر، فضلًا بالطبع عن القدرة على مناقشته.

ذلك أن رئيس الوفد اقترح أن يقوم المصريون فى الخارج بتحويل 20٪ من مدخراتهم عبر البنوك الوطنية، وكان تقديره وهو يقترح ما يراه أن ذلك من الممكن أن يخفف من حدة الأزمة الاقتصادية، وأن يوفر من العملة الصعبة ما يجعل هذه الأزمة تمر.

لم يُخطئ الرجل فى شىء، ولم يُرغم أى مصرى فى الخارج على تحويل جزء من مدخراته من خلال البنوك الوطنية، ولم يطلب الاستيلاء على حصة من تلك المدخرات، ولم يذكر أن ما يقترحه هو الصواب، ولا قال إن ما عداه خطأ.. لم يفعل شيئًا من هذا أبدًا.. ولكنه أحس بأن عليه أن يساهم من موقعه برأى فسارع يساهم.

ولكنه ما كاد يقول ذلك ويعلنه حتى قامت عليه الدنيا ولم تقعد، مع أن ما صدر عنه لم يكن سوى فكرة يمكن أن تكون صوابًا، ويمكن أن تكون خطأ، لا لشىء إلا لأنها فكرة من اقتراح إنسان، وليست شيئًا مُنزلًا من السماء.

ولا بد أنه كان يتمنى لو كان اقتراحه قد جرى استقباله فى هذا الإطار، ولو حدث هذا لربما تم تطوير الفكرة من خلال الإضافة إليها والحذف منها، ولربما أخذها صاحب اقتراح آخر فراح يُعدل فيها ويبدل منها، فنجد أنفسنا فى النهاية أمام فكرة مكتملة، وتصبح بالتالى محل توافق وقبول.

لم يحدث شىء من هذا كله، ولكن التسفيه من الاقتراح كان سيد الموقف، وبدا أن التقليل من شأن الفكرة هو الذى ساد وشاع وانتشر.. وكان وجه الخطورة فى تسفيه الفكرة، وفى التقليل من شأن الاقتراح، أن ذلك سوف لا يشجع أحدًا على أن يطرح أى فكرة يراها، وسوف يخيف كل الذين يشعرون بأن لديهم ما يمكن أن يقدموه من أفكار واقتراحات للصالح العام!.. وقد وصلت الخفة فى التعامل مع اقتراح الرجل إلى حد قيل معه إن رئيس الوفد يريد إرغام محمد صلاح على تحويل جانب من فلوسه من خلال البنوك الوطنية!

والخلاصة أننا فى غالبيتنا لم نتعلم بعد، كيف يمكن أن نستقبل أى فكرة جديدة، ولم نتدرب على ذلك بما يكفى، ولا بد أننا مدعوون إلى أن نتعلم وأن نتدرب على هذا الأمر، وأن ندرك أنه لا أحد يملك الحقيقة بمفرده، وأن الحقيقة تبقى مسألة نسبية بين عقل وعقل، وأن علينا أن نتعامل مع كل مقترح جديد على هذا الأساس.. إننى أخشى أن أقول إن كثيرين بيننا فى حاجة إلى العودة للمدرسة من جديد، بشرط أن تكون مدرسة من النوع الذى يعلم ويدرب، لا مدرسة من النوع الذى يعطى شهادة.