رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حكاية وطن

قبل مباراة منتخب مصر مع منتخب الكونغو الديمقراطية فى كأس الأمم الإفريقية بكوت دفوار كنت مرافقاً لأحد جيرانى فى زيارته لطبيبه الاستشارى الكبير فى بعض الأمراض المزمنة، واتفقنا أنا وجارى على مشاهدة المباراة المهمة معه لأنها تقع فى مرحلة الأدوار الإقصائية بخروج المغلوب، الطبيب كان خلوقاً، ودوداً ذا علم غزير، من أطباء زمان الذين كانوا يضعون المريض فى المقدمة، قبل ثمن الفيزيتا. أفاض الطبيب بعد قيامه بتوقيع الكشف على المريض فى شرح المرض وأسبابه، قال إن هناك عرضاً لمرض، وحتى يشفى المريض لابد من علاج المرض، أى أسباب المرض وليس العرض، قال إن الضغط له أسباب إذا تمت معالجتها يشفى المريض، أو على الأقل يكون أفضل حالاً من حصوله على أدوية الضغط، تكلم الطبيب كثيراً عن العرض والمرض، وطريقة العلاج، وتكلم عن الذين يعالجون بطريقة المسكنات حتى إذا تعافى المريض يعادوه المرض مرة أخرى لأن المرض ما زال موجوداً، وما تمت معالجته هو العرض فقط.

طمأننا الطبيب على حالة المريض، وذهبنا إلى الكافيه لمشاهدة المباراة المهمة بالنسبة إلى منتخب مصر، ولملايين المصريين الذين يجلسون أمام الشاشات فى كل شبر على أرض المحروسة ينتظرون أداء مشرفاً من المنتخب يمسح به آثار ثلاث مباريات كان أداؤه فيها سيئاً للغاية، وصعد إلى الدور الـ16 بفضل شهامة منتخب موزمبيق الذى أخذ فى يده منتخب غانا إلى خارج المسابقة من مجموعة مصر، لإفساح الطريق أمام منتخبنا الذى واصل خذلانه للجماهير المصرية العريضة التى تعتبر من أقوى وأكبر المشجعين لكرة القدم فى العالم، وتعتبر عشقها لهذه اللعبة مثل قطعة السكر التى تحلى بها مرارة الأيام عندما يفوز المنتخب ويحرز البطولات أو على الأقل يقدم العرض المطلوب منه، أو الذى تتوقعه الجماهير.

الأداء الباهت الذى ظهر عليه لاعبونا، ومواصلتهم العروض السيئة فى المباريات السابقة، جعلنى أفكر فى كلام الطبيب الذى ذكره لجارى المريض قبل نحو ساعة من بدء المباراة، وهو أن علاج العرض إجراء مسكن ولا يقضى على المرض، ولابد من التفتيش عن أسباب المرض للقضاء عليه، ويشفى المريض، ويمارس حياته الطبيعية، ويقوم بالعمل المطلوب منه وهو فى صحة جيدة.

المنتخب المصرى مريض بمرض مزمن، هكذا أظهرت المباريات الأربع التى أداها فى مسابقة كأس الأمم الإفريقية، وانكشف وبان فى المباراة الرابعة، وخرجنا من أول مباراة إقصائية بعدما كنا مرشحين للعب المباراة النهائية وحصد البطولة الثامنة، أبطال إفريقيا تاهوا فى الملعب، وظهروا مكسحين أمام أبناء الكونغو، حتى اعتقدت أنا وصديقى أن اللعيبة مصابون بالكساح، وأن بعضهم من ذوى الحالات الخاصة.

خرج المنتخب المصرى خروجاً مهيناً، وأحبط ملايين المصريين، وتناثرت الاتهامات حول من السبب فى الخسارة الذى أخرجنا من البطولة. ومن وجهة نظرى ليس كما قال بعض المحللين، إن السبب فى «أبوجبل» الذى أطاح بضربة الجزاء فى الهواء، وليس فى اللاعب مهند الذى رفض أداء ضربة الجزاء، وتركها لأبوجبل وعمل كالجندى الخائن الذى يهرب من الميدان، وليس فى زيزو ولا تريزيجيه اللذين لم يكونا فى مستواهما، ولا فى مصطفى محمد الذى فشل فى تسجيل ركلة الجزاء رغم أنه سجل هدف التعادل أمام الكونغو فى الشوط الأول من ضربة جزاء، وهذا اللاعب يعتبر أفضل لاعبى المنتخب المصرى ليس لأنه سجل فى جميع المباريات الأربع وهذا يكفيه ولكن لأنه كان يلعب بضمير وإصرار ورغبة فى تسجيل الأهداف ولا العيب فى محمد صلاح أفضل لاعب فى العالم. الذى يحاول البعض إلقاء اللوم عليه، العيب وكل العيب فى هذه الفضيحة الكروية مرض مزمن سبق هذه البطولة بسنوات، وتشخيصه أن المنظومة الرياضية المصرية فاشلة بالكامل، وفى حاجة إلى تغيير، مثل تغيير شرايين القلب، فشل المنتخب فى الملعب هو عرض ولكن المرض الأصلى الذى تعانى منه كرة القدم فى مصر هو اتحاد الكرة، هم الفشلة الكبار الذين يجثمون فوق الكرة المصرية حتى فطسوها، خربوها ويصرون على الجلوس على تلها، الفساد الكروى إن لم يعالج سوف نظل نخرج من كل المسابقات القادمة وقد نخرج من التصفيات، هناك فساد مستشرٍ فى كرة القدم المصرية علاجه البتر، فإذا تم بتر العضو المريض، يعيش المريض، ويبقى لجأنا إلى العلاج الصحيح على الأقل.

الخروج من البطولة لا يتحمله اللاعبون، ولكن تتحمله المنظومة الفاشلة، التى يظهر فشلها عند كل مسابقة، فإما إصلاح وإما فشل فى كل مرة والنتيجة حرق دم المصريين.