رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

فى الحومة

المحاماة تفتقت مع أول الخلق، فنشأت مع الخصومة وأينعت مع العدالة وترعرعت مع الجماعة الإنسانية، إذا نامت المحاماة نما الظلم، وكلما خفت الظلم سهرت المحاماة على رعاية العدالة فلا تنمو إلا فى أحضانها ولا تزدهر إلا برعايتها تغذيها وتنميها، تسهر المحاماة فتزهر العدالة.

المحاماة ليست محاباة بل مواساة، نجدة وشهامة، كرامة ورفعة، صبر ومثابرة، صدق وإخلاص، قوة وأمانة، يخرج حكم القاضى ليصيب الهدف الذى يشير إليه المحامى، وكأن المحامى هو قوس القاضى الذى تخرج منه سهام العدالة وعينه التى يبصر بها أهدافه الحقة، فلو ضعف المحامى كلَّ بصر القاضى وشوش عليه وجارت الحكومة لديه.

المحاماة حامية الثقافات وهادمة الحضارات، فبها تنهض الدول ويسطع نجمها، وبها تأفل أخرى ويذهب بريقها، ذهبت أثينا ولم تعد عندما حاد المحامون فساد المجرمون، فظهر فساد السوفسطائيين، فملكوا ناصية البيان، ولم يبق للحق بنيان، فاهتز صرح العدالة واضطرب ميزان العدل ورجحت كفة الباطل، وتوارت شمس معارف اليونان، كل ذلك لم تحول المحامون إلى مجادلين شكاكين فغرسوا معاول الهدم فى صرح حضارتهم فنسجوا الظلام على هذه الرقعة من الأرض فصارت بقعة من رسوم درست بعدما كانت أكبر وأجل الحضارات ثم ولت لما غاب المحامون.

المحاماة شرف عظيم ينبع مما تعالجه، فإذا كان للطب أهمية لأنه يعالج الأبدان، فإن المحاماة تسهم فى عمارة الأرض فلا عمران بلا عدالة ولا عدالة بلا محاماة.

المحاماة كلمة حق، وحق هذه الكلمة ألا يقمعها أحد أو أن يخرس لسانها أو أن يكمم منطقها أو يمنطق سكوتها، إن تأخرت مات مظلوم وظلم صاحب حق.

لسان المحامى لا يصيبه العى، ولا يعييه تكاتف أهل الباطل ولا يبطله تقادم الأزمان بل تزيده صلابة وحدة، العدالة خيل عربى أصيل والمحامون فرسانها يحكمون لجامها ولا تلجمهم أرباحها عن النطق بالحق وإقامة العدل. فالمحامى حر فى قبول أو رفض الوكالة، لكنه كرهًا أو طوعًا يحمل الرسالة ليؤدى الأمانة، لا يضر المحاماة سلوك بعض المنتسبين، كما لا يضر الدين سلوك بعض المتدينين، ولذا فإن المحاماة رسالة قبل أن تكون وكالة. وستظل دوماً منارة للحق والأمانة  وحصناً للعدل، والعدل أساس الملك فلا وطن دون عدالة ولا عدالة دون محاماة.