عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حكاية وطن

يحتفل المصريون اليوم بمناسبتين وعيدين فى يوم واحد، وهما عيد الشرطة المصرية وهو يعد تخليدا لذكرى موقعة الإسماعيلية عام 1952، التى راح ضحيتها خمسون شهيدا وثمانون جريحا من رجال الشرطة المصرية على يد الاحتلال الإنجليزى فى 25 يناير عام 1952، بعد أن رفضوا تسليم سلاحهم وإخلاء مبنى المحافظة للاحتلال الإنجليزى بعد أن جاءتهم التوجيهات من فؤاد باشا سراج الدين وزير الداخلية آنذاك. تم إقرار هذا اليوم إجازة رسمية عام 2009، تقديرا لجهود الشرطة المصرية فى حفظ الأمن والأمان واستقرار الوطن واعترافا بتضحياتهم.

فى هذا اليوم الذى يعتبر من الأعياد القومية لمصر، نترحم على الشهداء الأبرار الذين ضحوا من أجل مصر، ونقدم التهنئة لجميع أبطال الشرطة، العيون الساهرة على حماية الوطن.

بدأت قصة معركة الشرطة فى صباح يوم الجمعة 25 يناير عام 1952، حيث قام القائد البريطانى بمنطقة القناة «البريجادير أكسهام» باستدعاء ضابط الاتصال المصرى وسلمه إنذارًا لتسلم قوات الشرطة المصرية بالإسماعيلية أسلحتها للقوات البريطانية، وترحل عن منطقة القناة وتنسحب إلى القاهرة فما كان من المحافظة إلا أن رفضت الإنذار البريطانى وأبلغته إلى فؤاد باشا سراج الدين، وزير الداخلية فى ذلك الوقت، الذى طلب منها الصمود والمقاومة وعدم الاستسلام.

وبدأت المجزرة الوحشية التى قامت بها قوات الاحتلال وانطلقت مدافع الميدان ومدافع الدبابات تدك بقنابلها مبنى المحافظة وثكنة بلوكات النظام بلا شفقة أو رحمة وبعد أن قوضت الجدران وسالت الدماء أنهارا، أمر الجنرال «أكسهام» بوقف الضرب لمدة قصيرة لكى يعلن على رجال الشرطة المحاصرين فى الداخل إنذاره الأخير وهو التسليم والخروج رافعى الأيدى وبدون أسلحتهم، وإلا فإن قواته ستستأنف الضرب بأقصى شدة.

وتملكت الدهشة القائد البريطانى المتعجرف حينما جاءه الرد من ضابط شاب صغير الرتبة لكنه متأجج الحماسة والوطنية، وهو النقيب مصطفى رفعت، وصرخ فى وجهه فى شجاعة وثبات: «لن تتسلمونا إلا جثثا هامدة»، واستأنف البريطانيون المذبحة الشائنة فانطلقت المدافع وزمجرت الدبابات وأخذت القنابل تنهمر على المبانى حتى حولتها إلى أنقاض بينما تبعثرت فى أركانها الأشلاء وتخضبت أرضها بالدماء الطاهرة.

وبرغم ذلك الجحيم ظل أبطال الشرطة صامدين فى مواقعهم يقاومون ببنادقهم العتيقة ضد أقوى المدافع وأحدث الأسلحة البريطانية حتى نفدت ذخيرتهم وسقط منهم فى المعركة 50 شهيدا و80 جريحا، بينما سقط من الضباط البريطانيين 13 قتيلا و12 جريحا، وأسر البريطانيون من بقى منهم على قيد الحياة من الضباط والجنود وعلى رأسهم قائدهم اللواء أحمد رائف، ولم تفرج عنهم إلا فى فبراير 1952.

ولم يستطع الجنرال البريطانى «أكسهام» أن يخفى إعجابه بشجاعة المصريين فقام للمقدم شريف العبد ضابط الاتصال: لقد قاتل رجل الشرطة المصريون بشرف واستسلموا بشرف، ولذا فإن من واجبنا احترامهم جميعا ضباطا وجنودا، وقام جنود فصيلة بريطانية بأمر من الجنرال «أكسهام» بأداء التحية العسكرية لطابور رجال الشرطة المصريين عند خروجهم من دار المحافظة ومرورهم أمامهم، تكريما لهم وتقديرا لشجاعتهم، وحتى تظل بطولات الشهداء من رجال الشرطة المصرية فى معركتهم ضد الاحتلال الانجليزى ماثلة فى الأذهان ليحفظها ويتغنى بها الكبار والشباب وتعيها ذاكرة الطفل المصرى ويحتفى بها.

سلام على روح الشهداء الأبرار، وتحية تقدير لرجال الشرطة البواسل الذين يواصلون جهودهم فى حفظ الأمن والنظام وتطبيق القانون فى ظل احترام حقوق الإنسان وحسن المعاملة.

المناسبة الثانية التى تحل اليوم هى ذكرى ثورة 25 يناير 2011، التى قام بها مجموعات من المصريين، واختاروا لها أن تكون يوم الاحتفال بعيد الشرطة للمطالبة بالعيش والحرية والعدالة الاجتماعية تحولت الاحتجاجات إلى ثورة عارمة عمت أرجاء البلاد فى 28 يناير وعلى أثرها تنحى الرئيس حسنى مبارك عن منصبه، وتولى المجلس الأعلى للقوات المسلحة قيادة البلاد.

لثورة 25 يناير نجاحاتها وإخفاقاتها،. كانت ناجحة لأنها علمت العالم أن الشعوب لا تسكت على الظلم والقهر، عرف الشعب المصرى دون قيادة أن يثور ويغير ويرفض الواقع، وضحى المواطن بحياته من أجل إعلاء القيم وتحقيق العدالة، ولكن سلبياتها تتركز فى المتربصين الذين امتطوا الثورة وغيروا وجهتها فى اتجاه تحقيق مصالحهم.

لولا القوات المسلحة التى انحازت إلى ثورة الشعب فى 30 يونيو، بعد استيلاء الإخوان على السلطة لكان نال مصر ما نال بعض الدول العربية الشقيقة التى اندلعت فيها ثورات الربيع العربى.

انحياز القوات المسلحة المصرية للشعب أدى إلى تصحيح مسار ثورة 25 يناير فى 30 يونيو وتم طرد جماعة الإخوان الخونة وعاد للوطن استقراره وأمانه الذى ينعم فيه اليوم.