رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

قرار من مجلس الوزراء وحملات على الأسواق:

«حرب تكسير العظام» بين الحكومة والتجار

بوابة الوفد الإلكترونية

بأمر الدولة: اللبن.. الجبن.. السكر.. الزيت.. الأرز.. الفول والمكرونة سلع استراتيجية ممنوع التلاعب فيها

خبراء: القرار الأخير سيؤدى إلى ضبط الأسواق بشروط

رئيس اتحاد جمعيات حماية المستهلك: تعاون الأجهزة الرقابية الرسمية والشعبية والمستهلكين أمر واجب

رئيس الغرفة التجارية بالشرقية: لا بد من إلزام التجار بوضع الأسعار على المنتجات

 

تشهد الأسواق فى مصر حالة من الجُنون غير المبرر، فكل يوم ترتفع أسعار كافة السلع، تتساوى فى ذلك السلع المستوردة والمنتجة محليا على حد سواء.

هذا الارتفاع فى الأسعار أثار حالة من الغضب الشديد بين كافة فئات المجتمع خاصة فئتى محدودى ومتوسطى الدخل الذين أصبحوا فى عداد الفقراء، وبما أن هذا الارتفاع المستمر فى الأسعار ليس له سبب واضح أشارت أصابع الاتهام إلى التجار من مستغلى الأزمات وآكلى أقوات المواطنين، الذين استغلوا الظروف العالمية من حرب روسيا وأوكرانيا حتى حرب غزة لرفع الأسعار وفقا لأهوائهم، وهو ما دفع الدولة مؤخرا لتضرب بيد من حديد على كل من تسول له نفسه التلاعب بالأسواق واحتكار السلع على حساب المواطن، واعتبار 7 سلع أساسية سلعا استراتيجية فرضت لها الدولة حماية خاصة.

وأصدر مجلس الوزراء برئاسة الدكتور مصطفى مدبولى، قرارًا ينص على اعتبار 7 سلع أساسية وهى «زيت الخليط، والفول، والأرز، واللبن، والسكر، والمكرونة، والجبن الأبيض» من المنتجات الاستراتيجية طبقا لنصوص قانون حماية المُستهلك والتى تحظر حبس تلك السلع والمنتجات عن التداول سواء من خلال إخفائها، أو عدم طرحها للبيع، أو الامتناع عن بيعها أو بأى صورة أخري، وذلك لمدة ستة أشهر تبدأ من تاريخ العمل بهذا القرار.

ونص القرار على إلزام حائزى السلع السبع لغير الاستعمال الشخصى من المنتجين والموردين والموزعين والبائعين، ومن فى حكمهم بالمبادرة فورًا إلى إخطار مديريات التموين والتجارة الداخلية المختصة على مستوى الجمهورية بنوعية وكميات ما قد يكون مُخزنا لديهم من هذه السلع، على أن يتم الالتزام بضوابط وإجراءات التوريد التى يصدر بتحديدها قرار من وزير التموين والتجارة الداخلية.

جاء هذا القرار بعد أن استولى عدد من التجار ورجال الأعمال على السوق، وأصبح كل ما يفكرون فيه هو كسب الأموال الطائلة دون مراعاة المواطنين خاصة محدودى الدخل منهم، وليس ذلك فحسب فمع ارتفاع الأسعار تزيد عمليات الغش التجارى وتقل جودة المُنتجات، وتنتشر المُنتجات غير الصالحة، ولذلك أصبح لابد من وضع ضوابط وقوانين رادعة لضبط الأسعار بالأسواق وحماية المُستهلك من جشع تجار الأزمات، وإصرارهم على المُبالغة فى رفع الأسعار برغم انخفاض أسعار أغلب السلع والمحاصيل الزراعية عالميا.

ورصدت "الوفد" فى جولتها بالأسواق تفاوتا فى أسعار السلع الغذائية، حيث يتراوح سعر كيلو السكر ما بين 30 و35 جنيها، ويصل فى مناطق أخرى إلى 40 جنيهًا، وفى القرى مثل قرى محافظة الجيزة، فلا يوجد رقيب على الأسعار، فالتجار يتلاعبون بها كيفما يشاؤون حيث المُبالغة فى أسعار كل شيء، بما فى ذلك الخضراوات التى تزرع فى هذه القرى، بل إن أسعارها تزداد فى كثير من الأحيان عن الأسعار فى المُدن، بالإضافة إلى تقليل الأوزان بما فى ذلك وزن رغيف العيش المُدعم، فضلًا عن غش بعض المُنتجات.

والتقت "الوفد" مع عدد من المواطنين الذين يعانون من الغلاء المُبالغ فيه، وقالت أم محمد صاحبة الـ 60 عامًا انها بعد وفاة زوجها لا تمتلك إلا المعاش الذى يعينها على تربية أبنائها الثلاثة، وأضافت أن الحصول على السلع الأساسية مثل الأرز والسكر والزيت أصبح مشكلة كبيرة بالنسبة إليها، فالكميات التى تأخذها من التموين لا تكفى شيئا، وبالتالى فهى تضطر إلى شراء كميات من الأسواق بأسعار مبالغ فيها، لذلك تتمنى أن يفعل القرار الذى أصدرته الحكومة مؤخرا لحمايتها وحماية ملايين المواطنين من ذوى الدخل المحدود.

وقالت سيدة تقيم بمنطقة الهرم أن راتبها وراتب زوجها لم يعد يكفى لسد احتياجتهم الأساسية بسبب ارتفاع الأسعار الجنونى، فاغلب المنتجات ارتفع سعرها بشكل مبالغ، وأصبح شراء اللبن والأجبان مشكلة كبرى فى كل بيت حيت يحتاج هذا البند إلى ميزانية خاصة بعد أن وصل سعر كيلو اللبن السائب إلى 34 جنيها، والمعلب يتراوح بين 40 و45 جنيها، وهو ما زاد من أعباء العديد من الأسر خاصة أولئك الذين لديهم أطفال فى عمر التكوين.

ومع تعالى صرخات المواطنين بسبب الأسعار تدخلت الحكومة بقرار اعتبار هذه السلع سلعا استراتيجية ستضرب بيد من حديد على كل من تسول له نفسه التلاعب فيها، كما قامت بشن العديد من الحملات لضبط الأسواق، وأطلقت مبادرة لتخفيض أسعار السلع الإستراتيجية بنسبة 15 %، مثال: «الأرز والسكر والزيت والمكرونة والجبن والبيض والألبان، وايضا توفير بعض المنتجات بكميات كبيرة لتكفى احتياجات المواطنين من اللحوم والمجمدات والدواجن».

التطبيق أهم

وبعد كل هذه الإجراءات بقيت عدة تساؤلات: ما آلية تفعيل قرار مجلس الوزراء؟ وما تأثيره على الأسواق؟ وما مدى التزام التجار به؟ وما دور المُستهلك والأجهزة والهيئات الرقابية فى تنفيذه لضبط الأسعار ومواجهة جشع التجار؟

أجابت عن هذه التساؤلات الدكتورة سعاد الديب رئيس الاتحاد النوعى لجمعيات حماية المستهلك، موضحة أنه بعد إصدار رئاسة الوزراء قرارا بشان عدم احتكار السلع الاستراتيجية، يجب أن يتم وضع السعر النهائى على كل سلعة من قبل المُنتج حتى تصل السلعة للمُستهلك وعليها السعر.

وأشارت لمشاركتها فى اجتماع بجهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية، برئاسة الدكتور محمود ممتاز، للتعاون فى ضبط الأسواق ومواجهه جشع التجار، تحدثت فيه عن قرار مجلس الوزراء الخاص بالسلع الاستراتيجية، موكدة أنه تم إصداره فى 14 أكتوبر الماضى، ولكن التجار تلاعبوا به وبالسوق واستغلوا الأزمات المحلية والعالمية، والقرار الجديد يعنى أن من يتم ضبطه يبيع بغير السعر المُعلن المُوضح على السلعة، أو من يحتكر السلع ويبيع بالسوق السوداء سوف يتعرض للعقوبة والتى تبدأ من الغرامة وصولًا للحبس.

وأكدت ضرورة تعاون جميع الأجهزة الرقابية الرسمية والشعبية لمراقبة الأسواق، مؤكدة أن جمعيات حماية المُستهلك ستقوم بالإبلاغ عن أى تاجر يبيع بغير السعر المُعلن على السلعة، أو يرفع الأسعار أو يحتكر السلع، كما أن جهاز حماية المُستهلك، وجهاز المنافسة، ومباحث التموين ووزارة التموين، سيقومون جميعا بشن حملات مُكثفة بالشوارع لضبط الأسواق، وستتعاون معهم الرقابة الإدارية وجميع الجهات الرقابية المعروفة، قائلة: «نحن جميعًا نعانى بسبب تلك الأزمة، وأوكد أننا مُستمرون فى مراقبة الأسواق بأنفسنا كى لايظُلم أحد».

وشددت «الديب» على أهمية دور المُستهلك ورفع مستوى وعيه لشراء السلع المكتوب عليها السعر فقط ورفض شراء السلعة غير المدون عليها السعر، وإذا وَجد تاجرا يتلاعب ويبالغ فى الأسعار، فعليه أن يقوم بإبلاغ الجهات الرقابية سواء حماية المستهلك أومباحث التموين أو وزارة التموين أو أى جهاز رقابى أو إحدى جمعيات حماية المُستهلك، والتى ستقوم بدورها بتوصيل الشكوى للجهات الرقابية، وأضافت أن المخالفات تشمل أيضا الغش فى وزن السلع وانخفاض جودة المنتجات وفى هذه الحالات أيضا يجب أن يتم الإبلاغ عن التاجر، موضحة أن هناك من يستغلون الأزمات التى تمر بها البلاد والأحداث العالمية لبيع سلع رديئة بأسعار مرتفعة، وهناك مستهلكون يشترون المُنتج الأرخص برغم عدم جودته لأن سعره فى مقدرتهم، ويكونون مضطرين لشرائه.

أسواق غير كفء

والتقط أطراف الحديث الخبير الاقتصادى الدكتور محمد أنيس، موضحا أن أسواق التجزئة المصرية تتسم بعدم الكفاءة، لأنها لكى تكون كفئا لابد أولًا أن يكون هناك وعى كافٍ لدى المُستهلك، وهذا غير موجود لدينا، وثانيًا لابد من وجود تنافسية عالية بالأسواق، وهذا أيضا غير متوفر، حيث إن لدينا العديد من السلع الاستهلاكية المستوردة التى يحتكرها أباطرة من المُحتكرين، وهو ما يمنع وجود تنافسية أكبر فى السوق، وثالثًا دور الأجهزة الرقابية غائب، وكذلك دور منظمات حماية المُستهلك، فكل من هذه الجهات له دور مهم، ولكن مع اختلال أدوارهم تصنف السوق أكاديميًا بعدم الكفاءة.

وأضاف «أنيس» أن هناك حلولا سريعة لضبط الأسواق ومواجهة جشع التجار، ولكنها غير مُستدامة، مثال قرار رئاسة مجلس الوزراء بشأن السلع الاستراتيجية، فبالتأكيد سيكون له تأثير إيجابى على الأسواق، خاصة فى ظل حالة الغليان التى تشهدها الأسوق المصرية، ورفض المُستهلكين سيطرة التجار والمُحتكرين عليها، أما الحلول المُستدامة التى تعمل عليها حاليًا الحكومة، والتى يجب أن نُسلط عليها الضوء، فهى التحول الرقمى والشمول المالى وهذا ما يعنى أن الأسواق ستنضبط، فكل عملية تجارية سواء كبيرة أو صغيرة، ستتم من خلال البنوك لأن هناك شمولا ماليا ولا يوجد كاش، وبذلك لا يكون هناك مجال للتلاعب من قبل التجار، وثانيًا تتم بشكل رقمى، وبالتالى الأجهزة الرقابية يكون أمامها كل عملية تجارية، ولا يستطيع أى تاجر التلاعب بالأسواق، وأى تاجر يشترى سلعة بغرض احتكارها لتحقيق أرباح طائلة يظهر على السيستم فورًا أمام الأجهزة الرقابية، وتتم مصادرة المُنتجات وتغريمه ماليًا ومحاكمته قانونيًا.

وأكد الخبير الاقتصادى أنه بمجرد تطبيق نظام التحول الرقمى والشمول المالى مع بعضهما، ستتغير صفة الأسواق من عدم الكفاءة إلى الكفاءة، لأنه سيمنع التجار من احتكار السلع والتلاعب بالسوق والمبالغة فى الأسعار، حيث إنه لن تتم أى عمليات بعيدا عن البنوك والنظام الرقمى.

وأشاد «أنيس» بدور الحكومة التى تعمل حاليًا على تفعيل نظام التحول الرقمى والشمول المالى، وهناك اجراءات بين البنك المركزى والحكومة والأسواق التجارية، والتى تعتبر حجر الزاوية الرئيسى فى عملية التحول الرقمي، وفى سوق التجزئة معظم التجار يعملون بنظام الفواتير غير النظام البنكى، وسوف يتغير كل هذا مع تنفيذ قرارى التحول الرقمى والشمول المالى.

كما شدد على دور المُستهلك فى ظل الأوضاع الحالية، والذى يجب أن يكون أكثر إيجابية، فيجب عليه عدم شراء السلع المستوردة، والبحث عن البديل المحلى لها، وعدم شراء السلع المُبالغ فى سعرها حتى لو كانت أساسية، فعلى المُستهلك التحلى بالصبر، ومع الوقت يقل الطلب على السلع وبالتالى سيجبر التجار على تخفيض سعرها، وإذ كان التحرك جماعيا من المستهلكين، فستكون النتائج أفضل، فبعد زيادة سعر أى سلعة بشكل غير مبرر يضطر التاجر إلى تخفيضه رغمًا عنه لإقناع المستهلك بالشراء، كما يجب أن يكون هناك تفاعل إيجابى بين المُستهلك والأجهزة الرقابية، ولابد أن يكون لدى المُستهلك وعى ويقوم بإبلاغ الأجهزة الرقابية عن أى تاجر مُستغل سواء لمُبالغته فى رفع الأسعار أو احتكار السلع.

الغرف التجارية

وعن دور الغرف التجارية أوضح المهندس محمد الزاهد رئيس الغرفة التجارية بالشرقية، أن دور الغرفة التجارية هو تنظيم حركة السوق وضبط الأسعار، وإرسال تقارير دورية بالأسعار إلى الجهات المُختصة لاتخاذ الاجراءات اللازمة، وشدد على أن القانون لا يمنح الغرف التجارية الحق فى معاقبة التجار أو فرض الأسعار على الأسواق.

وأضاف الزاهد أن البعض يطالب الدولة بفرض تسعيرة جبرية على التجار، وهذا مخالف لنظام الاقتصاد الحر الذى تتبعه مصر، والتسعيرة الجبرية تفرض فقط على السلع والمُنتجات المُدعمة من قبل الدولة، مثال «بعض المواد البترولية والخبز والسلع التموينية».

وأضاف أن حل تلك الأزمة يكمن فى إلزام التجار بوضع الأسعار بشكل واضح على كل مُنتج، ما يمنح المستهلك الفرصة للشراء من التاجر الذى يقدم أقل سعر، وبالتالى سوف يلتزم باقى التجار مُستغلى الأزمات بخفض الأسعار وعدم المبالغة والمغالاة، وعلى المستهلك أيضًا عدم تخزين السلع وشراء ما يكفى حاجته فقط، لأن بعض المواطنين يلجأون لشراء كميات كبيرة من السلع وتخزينها لتكفيهم عدة أشهر، ما يتسبب فى تفاقم الأزمة.

وأشار إلى أن هناك العديد من المبادرات التى تشنها الغرف التجارية، ولكنها غير كافية لحل الأزمة وضبط الأسواق، لأنها لا تستطيع الوصول لجميع الأماكن.