رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

هموم وطن

كان الله فى عون المزارع المصرى، فقد وقع بين مطرقة وزارة الزراعة وسندان تجار الجملة والسماسرة، فقد عاش طوال عمره يبحث عن الربح فلا يجد إلا الفتات، وكان لا يبالى قديمًا بقلة الربح أو انعدامه، لأن الأعباء والأسعار والمسئوليات كانت أقل من الوقت الحالى.

فكان قديمًا يزوج أبناءه فى عدة (مطارح) مفردها (مطرح) وهو ما نطلق عليه هذه الأيام غرف مفردها غرفة، وكانت عملية البناء لاتتوقف الا على قرارا منه، فالأرض أمامه يبنى كيف يشاء، والآن قانون البناء منعه من البناء فى أرضه الزراعية، وعابه أن يبحث عن شقق للإيجار لأبنائه، الذى فشل فى البحث لهم عن فرصة عمل أو تزويجهم، والآن وزارة الزراعة تطلق له العنان ليختار بين محصولين كلاهما مهم، ولا يستطيع الاستغناء عنهما، فالقمح والبصل يزرعان فى آن واحد تقريبًا أو هناك فارق شهر واحد بينهما، والقمح محصول استراتيجى له وللدولة بأكملها، ولا يجب التفريط فى زراعته وتركه لاختيار المزارع، فى ظل الاضطرابات القائمة فى منطقة باب المندب، وإحجام السفن عن نقل البضائع ورفع قيمة النقل والتأمين إلى أرقام خيالية، والبصل أحوج الجميع غنى وفقير هذا الموسم وليس الفلاح فقط بعد أن ارتفعت أسعاره إلى ٤٠ جنيهًا للكيلو الواحد، ورغم مرارة الأسعار إلا أن الشعب المصرى لا يتوقف عن اطلاق النكات بعد ارتفاع البصل والسكر فى آن واحد، فضحكت كثيرًا عندما قال احدهم لو تعرض احدًا لإغمائه فسيبخل عليه المحيطون بفحل بصل، ولو تعرض لهبوط فى الدورة الدموية فسوف يتردد من حوله فى إعطائه ملعقة سكر، ولو تعرض للاثنين معًا فلا مناص من استنشاق ورقة بمائة جنيه.

ما نريد التركيز عليه فى المقال هو ضرورة التفريق بين ما هو مهم وما هو الأهم، فالبصل شغل الرأى العام طوال الشهور الماضية، لانه لا يستغنى عنه فى أى منزل ولا بد أن تجد له وجودًا فى أى طعام يتم اعداده، والقمح لا يختلف عليه اثنان من حيث أهميته الاستراتيجية، ومحصول بنقصه يعرض الأمن القومى للخطر خصوصا إذا كان الوضع فى المنطقة بهذه الخطورة، ولا ننسى تبعات الحرب الروسية الأوكرانية منذ عامين على شحن محصول القمح إلى أراضينا، فما بالنا والأزمة قد انتقلت إلى قاب قوسين أو أدنى من قناة السويس.

والسؤال الذى بجب أن يوجه لوزير الزراعة السيد القصير: ماذا إذا بحث الجميع عن أرباح البصل وتركو زراعة القمح؟

ماذا لو اتسعت الفجوة بين الإنتاج المحلى والكميات المستوردة من القمح فى ظل هذه الظروف الاستثنائية التى تشهدها المنطقة؟

هل اتخذت الوزارة التدابير اللازمة للحفاظ على الرقعة الزراعية الخاصة بالقمح؟ أم انها تركت الأمر لحرية المزارعين فى اتخاذ القرار المناسب لهم من حيث زراعة البرسيم على حساب القمح بسبب ارتفاع أسعار الأعلاف؟

طرح هذا الموضوع ليس من باب تسويد الأوراق أو سد الفراغات فى صفحات الجرائد، بقدر ما هو قلق وخوف وترقب لأية ردود أفعال تنتج عن التقصير فى رسم السياسات الزراعية لدولة اقترب عدد سكانها من 110 ملايين نسمة ولا مناص من وجهة نظر الكثيرين من عودة الدورة الزراعية كما كانت من قبل والله أعلم.