رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تأملات

لسنا من دعاة التهليل، ولسنا من الميالين إلى غرس الإحباط، لكن مجرى أحداث وتطورات الحرب على غزة يكشف بعد نحو شهرين من عملية طوفان الأقصى عن جوانب مذهلة بشأن صمود المقاومة ويكشف عدم صحة ما ذهب اليه البعض بأنها – المقاومة–ربما لم تعد للأمر عدته. أقول هذا رغم أن المعارك ما زالت جارية على الأرض لم تحسم بعد، ورغم ضخامة وفداحة الخسائر التى لحقت بغزة وأهلها، شعبا ومقاومة، إلى حد إشارة الإتحاد الأوروبى إلى أن الدمار الذى أصاب غزة أكبر مما تعرضت له مدن ألمانيا فى الحرب العالمية الثانية.

كان من المفترض أن يفت ذلك فى عضد الغزاويين ويجعلهم يستسلمون ويثورون ضد المقاومة ولكن العكس هو الذى حدث، إلى حد تشكيك الكثيرين داخل إسرائيل من جدوى الحرب ونتائجها. وإذا كان هذا جانبا من الصورة فإن باقى الجوانب تشير إلى ملامح يجب أن يتوقف عندها المرء كثيرا. أشير هنا إلى ما ذهب اليه أحد المعلقين الإسرائيليين من مساعى الدولة العبرية لرفع معنويات مواطنيها بوصف عناصر المقاومة بالجبناء بقوله: ليتهم كانوا جبناء لخرجوا من فوهات الأنفاق رافعين الأيادى والأعلام البيضاء.

وإذا كان بعضنا أصيب بالعمى–حفظ الله لك بصرك وبصيرتك–فلم يعد يرى قدرة المقاومة على الصمود فينعق فينا كالبوم بأن الخراب قد حل بقطاع غزة، دون أن يرى ما هو غير ذلك من نجاحات، فلك أن تدهش من تأكيد كاتب إسرائيلى وبلاغته فى وصف فشل جيش الاحتلال كما يقول فى مواجهة تنظيم «لا يملك قوة جوية ولا دبابات ولا يملك سفنًا ولا أسلحة غربية دقيقة أو قبة حديدية لحماية مواطنيه. مضيفا : لقد مر شهران والجيش الإسرائيلى لا يسحق غزة، رغم أنه لم تفرض عليه قيود دولية ولا تعوقه معارضة داخلية».

لا شك أن كل ذلك يتم بثمن فادح نلمسه ونراه رأى العين أمامنا فى مشاهد البؤس والدمار فى غزة، ولكن المهم فى كل ذلك هو النتائج التى ستفرزها نهاية الحرب. فى اعتقادى أن ذلك ربما سيقلل كثيرا من سقف التوقعات الإسرائيلية وهو ما يمثل نجاحا للمقاومة بغض النظر عن خسائرها فى ضوء تباين قوة الطرفين على النحو الذى أشار إليه بوضوح التعليق السابق المشار إليه للكاتب الإسرائيلى.

فغزة لن تكون محررة كما كانت قبل 7 اكتوبر، وقد تكون أسيرة، وإسرائيل ستحاول أن تفرض رؤيتها الأمنية لإدارة القطاع، وهناك سيناريوهات عدة فى هذا الصدد ولكن تكلفة الحرب الضخمة على إسرائيل أيضا وطول أمدها فضلا عن أنه يقوض مفاهيم القوة التى عملت على غرسها، سيلقى تبعاته على الأوضاع هناك وسيكون له تداعياته السلبية سواء على الاقتصاد أو حتى رؤية المواطن الإسرائيلى لوضع دولته وقدرتها على حمايته. لعله من المفيد هنا الإشارة إلى ما ذكرته تقديرات أولية لوزارة المالية فى حكومة الاحتلال من أن تكلفة قوات الاحتياط بجيش الاحتلال منذ بدء عملية «طوفان الأقصى» فى 7 أكتوبر وحتى نهاية نوفمبر الماضى، بلغت 5.5 مليارات دولار. هذا فضلا عما كشفت عنه صحيفة هاآرتس الإسرائيلية عن جانب آخر يتعلق بواقع الإصابات بين الجنود الإسرائيليين فى المعارك حيث أكدت وجود أرقام تظهر زيف ادعاءات الاحتلال بشأن عدد الجنود المصابين فى العدوان على قطاع غزة، مشيرة إلى أن الأعداد أكبر بأضعاف.

ربما لا يلقى هذا الطرح قبول الكثيرين ولكن الدرس الأساسى لما يجرى أن العدو الإسرائيلى لا يعرف سوى لغة القوة، وأن هذا هو الفهم الذى ينبغى على العرب جميعا القبول به واستخدامه فى إطار من الحنكة السياسية.

[email protected]