عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تجار الأزمات

بوابة الوفد الإلكترونية

 

 

 

 

فى ضوء ما انتهت إليه لجنة تسعير المواد البترولية تقرر زيادة أسعار لتر البنزين بنسبة وصلت إلى (14,30%)، واستثنى القرار السولار من الزيادات المقررة حيث تم تثبيت سعر بيعه مراعاة لمحدودى الدخل من المصريين الذين ترتفع عليهم أسعار كل السلع والمنتجات نتيجة استخدام السولار فى عمليات نقل البضائع، كما أنه يستخدم فى سيارات الأجرة أيضاً، ورغم هذا شهدت الأسواق زيادة فى أسعار العديد من المنتجات، فالتجار أصبح كل همهم تجريد المواطنين من أموالهم بشتى الطرق، مستغلين كل الأحداث الدولية والمحلية بدءاً من حرب روسيا وأوكرانيا وأحداث غزة، حتى رفع أسعار البنزين الذى تعمل به السيارات الملاكى لا النقل ولا الأجرة. 

ولمواجهة جشع التجار، قامت الحكومة بإطلاق مبادرة لتخفيض أسعار السلع الأساسية مثل السكر، وزيت الطعام، والأرز والفول، والعدس، والألبان، والجبن الأبيض، والمكرونة، بنسب تتراوح بين 15 و25%، كما تم التوافق أيضاً مع اتحاد منتجى الدواجن والبيض على تخفيض الأسعار بنسبة 15% على الدواجن الحية والمجمدة والبيض، بجانب توفير منتجات اللحوم والدواجن والبيض بكميات كبيرة لتلبية احتياجات المواطنين فى ظل وجود مخزون من السلع الغذائية يكفى فترات طويلة.

فيما قال الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، إن «الحكومة تدرك أن التحديات صعبة على مستوى العالم أجمع، وخاصة فى المنطقة، ولذا سيتم تنفيذ ما تم التوافق بشأنه مع الصناع والتجار؛ من أجل تفعيل مبادرة انخفاض الأسعار، وسنتابع التنفيذ أولاً فأولاً، وهو ما ينعكس إيجاباً على توافر وانخفاض أسعار السلع واستقرار الأسواق»، مؤكداً أن جميع السلع التى تتضمنها المبادرة سيتم إعفاؤها من أية جمارك أو رسوم لمدة 6 أشهر، مضيفاً أن أى قرار نحتاج إليه لخفض أسعار السلع سنتخذه على الفور.

ورغم ذلك بمجرد زيادة أسعار البنزين ارتفعت أسعار المواصلات فى العديد من المناطق بين نصف جنيه إلى جنيه كامل فى المواصلة الواحدة، رغم عدم صدور قرار من الإدارة المحلية بزيادة أجرة السرفيس، كما زادت أسعار العديد من السلع خاصة الخضراوات والفواكه التى كانت أسعارها مرتفعة من الأساس.

السادسة عالمياً

وكشف تقرير صادر فى يناير الماضى عن البنك الدولى بعنوان «أمن غذائى»، عن ارتفاع معدلات التضخم للسلع الغذائية عالمياً، لكنه أكد أن مصر من بين أكثر الدول تأثراً بموجة التضخم فى العالم بمعدل 37,3% ما جعلها تحتل المرتبة السادسة عالمياً فى التضخم.

 ولكن البنك الدولى أشار إلى نقطة أخرى فى تقريره وهو حساب معدل التضخم الحقيقى للسلع الغذائية، بعد طرح معدلات التضخم فى كل بلد- أى انخفاض القيمة الشرائية للعملة- ووفق هذا المعيار جاءت مصر فى المرتبة السادسة.

ليست وليدة اللحظة

وعن تكرار ارتفاع الأسعار وقت الأزمات، قال الدكتور صالح عزب، الخبير الاقتصادى، إن هذا الأمر انتشر بشدة منذ التعويم الثانى للجنيه المصرى، لافتاً إلى أن هناك نوعين من الاقتصاد هما الاقتصاد المستقل المكتفى ذاتياً، والاقتصاد التابع مثل مصر التى بدأت منذ اتباعنا روشتة صندوق النقد الدولى، حيث تحولنا لاقتصاد تابع سريع التأثر بأى تغيرات دولية، ولأنه اقتصاد دول نامية ضعيفة والهيكل الاقتصادى بها هش، لذا عندما تكون التأثيرات الخارجية سلبية تعصف بالاقتصاد وهذا ما يحدث حالياً، فالتعويم الأول كان محكوماً، أما التعويم الثانى فلم يكن كذلك حسب تعليمات صندوق النقد الدولى،

وأشار إلى أن شروط الصندوق تأتى دائماً بالضرر على الدول ما جعل العديد منها تتكاتف وتطالب بوقف شروط الصندوق التى لا تراعى ظروف الدول النامية، فالصندوق يشترط دائماً تقليل الإنفاق الحكومى عن طريق إزالة الدعم وتغيير سعر الصرف، وهذا الأمر يصلح فى الدول المتقدمة وليست النامية ذات الإمكانيات والقدرات الضعيفة.

وتابع «عزب» أن الأداء الحكومى سيئ فيما يتعلق بضبط الأسواق الداخلية، فالدول الرأسمالية لديها رقابة على الأسواق، أما فى مصر فلا توجد رقابة، كما أن الأسواق توجد بها تشوهات كبيرة، فالأسعار لا تعكس التكلفة الحقيقية للإنتاج، وهنا يأتى دور الدولة فى فرض رقابة على الأسعار وليس تسعير السلع ومنع الاحتكارات ومنع تخزين السلع، وضرب عزب مثالاً بارتفاع أسعار البصل من 3 جنيهات إلى 30 جنيهاً، مضيفاً أنه عند زيادة أسعار سلعة ما يرتفع الباقى بنسبة واحدة وهذا يدل على عدم انضباط السوق.

وأكد أن هناك تقصيراً من الحكومة متمثلاً فى هيئة السلع التموينية ووزارة التموين وجهاز حماية المستهلك فى أداء أدوارهم، كما أن البرلمان لا يحاسب الحكومة، لافتاً إلى أن هناك تسيباً فى تطبيق القوانين وفوضى، حيث يوجد لدينا قانون صادر عام 1998 بمنع الاحتكار، ولا يتم تطبيقه فهو حبر على ورق.

وأضاف أن هناك فئة ممن يطلق عليهم أغنياء الحرب، وهذه الفئة زادت بصورة كبيرة، بسبب عدم وجود رقابة، وهذه الفئة تتكون من مجموعة من التجار الكبار المسيطرين على السوق الذين يضعون القواعد والشروط حسب أهوائهم، ويتحكمون فيه عن طريق تخزين السلع بكميات كبيرة، بالإضافة إلى الوسطاء الطفيليين غير المنتجين الذين يتدخلون بين المنتج والمستهلك ويتحكمون فى الأسعار، فهم من يملكون رأس المال، وانتماؤهم لجيوبهم فقط وليس لوطنهم، وأموالهم فى الخارج.

 

تجار الأزمات 

والتقط أطراف الحديث الدكتور حسين سيد، الخبير الاقتصادى والمالى والمحاضر الدولى، مشيراً إلى أن سبب زيادة أسعار البنزين يرجع للعديد من العوامل أهمها ارتفاع أسعار البترول عالمياً، والحرب الروسية الأوكرانية، والحرب على غزة، ونقص الإمدادات البترولية خاصة بعد قرار أوبك تخفيض إنتاج البترول الفترة الماضية والمستمر خلال عام 2024، بالإضافة لوجود فجوة بين الإنتاج المحلى والاستهلاك، ما يزيد من الفاتورة الاستيرادية بالعملة الأجنبية التى تؤدى إلى زيادة أسعار مشتقات البترول.

وأكد «سيد» أن المصريين فى الفترة الماضية عانوا وما زالوا يعانون ارتفاعاً غير مسبوق فى أسعار كل السلع والخدمات، وارتفع معدل التضخم لمستويات قياسية، نتيجة ارتفاع أسعار السلع الاستراتيجية عالمياً، وانخفاض سعر صرف الجنيه أمام الدولار، وخفض الاستيراد ما أدى لانخفاض المعروض، وبالتالى زيادة أسعار السلع، لعدم تلبية احتياجات المستهلك المصرى من الإنتاج المحلى بشكل كامل، ومن المتوقع صعود معدلات التضخم، لحين انقضاء أسباب التضخم العالمية والمحلية، لافتاً إلى أن التجار فى مصر يستخدمون الدولار شماعة للمبالغة فى زيادة الأسعار، فهم يعتبرونه شماعة لتعليق أسباب ارتفاع الأسعار إليه، بينما السبب الحقيقى هو جشع التجار لأن بعض المنتجات تكون محلية بنسبة 100%، ويجب ألا تتأثر بارتفاع سعر الدولار.

وتابع الخبير الاقتصادى أن الأسواق المصرية شهدت زيادة فى معدلات الأسعار بشكل كبير وغير مبرر لا تعكس الزيادة الفعلية فى الأسعار وفقاً للأسعار العالمية والعوامل المحلية، نتيجة قصور دور الدولة فى الرقابة على الأسواق، واستغلال التجار لتحقيق مكاسب كبيرة على حساب محدودى الدخل، موضحاً أن زيادة أسعار البنزين لا تؤدى إلى زيادة أسعار السلع والخدمات المرتبطة باستخدام السولار ما دام سعر السولار دون زيادة، حتى إن أسعار معظم السلع فى مصر فاقت أسعار السلع المثيلة فى الدول الأخرى بشكل ملحوظ.

وتساءل الخبير الاقتصادى: لماذا لا تضع الدولة تسعيرة جبرية على بعض السلع الأساسية التى يستخدمها محدودو الدخل مثل: الزيت والسكر والشاى والأرز؟ ولماذا نجد تفاوتاً كبيراً فى أسعار السلع الأساسية من منطقة لأخرى؟ مع استمرار ارتفاع الأسعار بشكل غير مسبوق؟

ويرى الخبير أنه يجب تعديل قانون العقوبات لتغليظ العقوبة على التاجر الذى يتلاعب بالأسعار لتصل إلى الغرامة والحبس معاً، لردع التجار الجشعين، بالإضافة إلى زيادة كفاءة وفاعلية رقابة الحكومة على الأسواق بشكل مستمر وفى كل الأسواق، مع توفير آليات تساعد على استقرار سعر صرف الجنيه أمام الدولار، وتحسين قيمة الجنيه المصرى من خلال خلق طلب على المنتجات المصرية بالأسواق العالمية، وتوافر النقد الأجنبى فى الأسواق.

كما يرى أن للمستهلك المصرى دوراً مهماً وحيوياً فى الحد من ارتفاع الأسعار من خلال ترشيد استهلاكه، والإبلاغ عن حالات الاستغلال، وأن يتمسك بحقه فى الحصول على فاتورة ضريبية إلكترونية أو إيصال ضريبى إلكترونى لضمان التزام التجار بالأسعار المعلنة وفقاً لقوى السوق، دون احتكار أو استغلال، والإقبال على الشراء من خلال مبادرات الدولة لتخفيض الأسعار، وعلى الدولة إلزام كل التجار للاشتراك فى هذه المبادرات، وإلزامهم بعدم اختلاق أزمات وتصديرها للمستهلك المصرى بهدف تعمد زيادة الأسعار بشكل مبالغ فيه لتحقيق مكاسب شخصية.

 

مقاطعة التجار الجشعين

 فيما قالت ندى صابر، باحثة فى علوم إدارة المنزل واقتصاديات الأسرة، إن الشارع المصرى تأثر فى الآونة الأخيرة، خاصةً محدودى الدخل، بارتفاع أسعار السلع الاستهلاكية، تزامناً مع ارتفاع أسعار المنتجات البترولية، وتساءل الكثير من المواطنين عن أسباب ارتفاع أسعار السلع المحلية الصنع، وقد يرجع هذا الارتفاع لأسباب كثيرة منها ارتفاع تكاليف إنتاج ونقل المنتجات، وأزمة التضخم العالمية، وجشع التجار، وغيرها من الأسباب التى قد تؤدى لرفع أسعار السلع مع أى أزمة عالمية، ما يؤثر على المواطن المصرى وخاصةً المواطن محدود الدخل، الذى لا يمكنه تلبية احتياجات أسرته حتى الأساسية منها، لذا يجب أن يتكاتف المجتمع المصرى بكل فئاته لمقاطعة التجار الجشعين، وشراء السلع من أماكن البيع التابعة لوزارة التموين والتجارة الداخلية ووزارة الزراعة وغيرها، إذ يتم توفير عربات مخصصة فى المناطق والأحياء المختلفة فى جميع أنحاء الجمهورية لبيع المنتجات والسلع الاستهلاكية بأسعار مخفضة للمواطنين بتخفيف الأعباء عن كواهلهم.

أما عن دور الهيئات الرقابية فى ضبط الأسعار، فأكدت «صابر» أن الجهات الرقابية تسعى لضبط كل من يخالف ويتلاعب فى الأسعار عن طريق لجان رقابية تجوب الأسواق والمحال التجارية فى أوقات مختلفة، لضبط كل من يخالف التسعيرة المحددة من قبل الدولة، ومنهم من يتابع المحال بشكل رسمى ومنهم من يتجول مثل المواطنين العاديين لضبط التجار وتحرير مخالفات فورية لهم، وبالفعل تم تحرير مخالفات عديدة تنوعت بين ارتفاع الأسعار عن الأسعار المعلنة، أو عدم كتابة أسعار المنتج بشكل واضح، أو بيع منتجات مجهولة المصدر وليست لها أى بيانات أو تاريخ صلاحية ما يضر بالمواطن المصرى.

وعن طرق التصدى لجشع التجار، وضعت الباحثة فى علوم إدارة المنزل، عدة نقاط أهمها التوعية بالمقاطعة، واستبدال المنتجات المستوردة بالمحلية، كما حدث فى الأزمة الأخيرة لغزة، حيث اتجه معظم المواطنين لمقاطعة المنتجات التابعة للشركات التى تدعم العدوان، كما قاطعوا أيضاً الماركات العالمية المنتشرة فى مصر سواء ماركات الملابس أو المطاعم وغيرها، ما أحدث طفرة غير مسبوقة وأثر على مبيعات الشركات العالمية، كما أدى لانخفاض أسهم هذه الشركات بشكل منقطع النظير، إذن المواطن قادر على إحداث فرق وقادر على المقاطعة وإيجاد بديل.

وأضافت أنه بناءً على ما حدث ازداد وعى المواطنين بشكل كبير، وأصبح يتردد على أسماعنا، فهل هذا المنتج مصرى؟ وما البديل المصرى الجيد لهذا المنتج؟ أين تتوافر هذه البدائل؟ وبالفعل يبحث الكثيرون عن أماكن بيع المنتجات المحلية البديلة، ويمكن أن يذهب بعيداً لشرائها، كما ازدهرت المصانع المحلية وازدادت خطوط الإنتاج لتوفير وتلبية احتياج وتعطش السوق المصرى للمنتج المحلى.

من هنا يمكن التوجه بحملات توعوية للمواطن المصرى عن أهمية التصدى لجشع التجار ومن يستغل الأزمات لتحقيق ربح فردى على حساب المواطن البسيط الذى يبحث عن قوت يومه، وتشاركنا الحكومة باستمرار أرقاماً خاصة ووسائل عديدة للإبلاغ عن مثل هذه الحالات لعقاب المتاجرين بأقوات الشعب المصرى.