رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

مسافة السكة

لقد أثنى الله عز وجل على عباده القليل، ومدحهم فى كتابه بقوله:»وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ»،» وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ»،» وَلَا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلًا»، وآيات أخرى يذمّ فيها الكثير ويمدح القليل: «وَلَـكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُون» لا يشكرون، لا يؤمنون، فاسقون، يجهلون، معرضون، لا يعقلون، لا يسمعون. كما قال ابن القيم رحمه الله: «عليك بطريق الحق ولا تستوحش لقلة السالكين وإياك وطريق الباطل ولا تغتر بكثرة الهالكين «، فهناك شعور ينتاب الإنسان المؤمن، بأن يشعُر أنه فى زمن عمّ فيه الظلم، وانتشرت فيه الفواحش، وانتشرت فيه الفتاوى، وأصبح القابض على دينه كالقابض على الجمر، يشعُر فيه المؤمن بالحيرة لكثرة الظالمين وكثرة الفاسدين وتوسوس له نفسه بأنه من المُحال أن كلّ هؤلاء الناس على خِلاف الحق!؟ جاءت الآية الكريمة تؤكدُ أنك على حق: «فَلَوْلَا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِى الْأَرْضِ إِلَّا قَلِيلاً مِمَّنْ أَنْجَيْنَا مِنْهُمْ»، هذه الآية تدل على أنَّ الناجينَ قِلة، وعلى أنَّ المستقيمين قِلة، معنى ذلك أنَّ الفسادَ ظهرَ وعمّ، وأنَّ هذه القِلةَ القليلة تنهى عن الفساد فى الأرض، فاليوم لو أُتيحَ لإنسان أن يحصل على مال بغير حق ورفضه لأُتهم فى عقله، لو لم تتبع الباطل لاتهمت بالجنون، عندما تتقى الله فى عملك يتهمك البعض بالغباء ؛ وعندما تأبى اتباع الباطل وتأبى النفاق لابتعد عنك البعض ؛ فاشعر بالسعادة أن كنت من القليل، فحينما يَعمُّ الفسادُ فى الأرض، أكثر الناس لا يبالون أكانَ كسبهم حلالاً أم حراماً ؟أكثرُ الناس لا يبالون أكانت علاقاتهم مع بعضهم مشروعةً أو غيرَ مشروعة؟ أكثرُ الناس لا يبالون إذا كانت أعمالهم أساسها طاعة أو معصية؟ !فمن يتمسك بدينه وبمبادئه يشعر بالغربة حتى وهو بين أقرب الناس إليه أهله! وضرب لنا الله مثلًا امرأة لوط وابن نوح وامرأة فرعون.

فالعبرة ليست فى كثرة العدد، فليس بشرط حينما يجتمع الكثير على أمر ما أنهم على حق، بل غالبًا هم أقرب للباطل! فإذا وجدتَ نفسكَ فى عصرٍ ما مع القِلة الطائعة بعيداً عن الكثرة العاصية، مع القِلة المتبّعة للحق بعيداً عن الكثرة التائهة والضالة المُتبعة للباطل، فأنت من عباد الله القليل الذين أثنى عليهم الله سبحانه وتعالى.

 

عضو مجلس النواب 

[email protected]