عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

ندى

وقعت فى غرام القاهرة عندما حضرت الحفل الضخم لافتتاح قناة السويس والذى بلغ عدد المدعوين إليه ألف أجنبى، بدعوة من الخديو إسماعيل عام 1869، وعبرت عن إعجابها الشديد بعظمة الحفل، حيث قالت «يا إلهى لم أر فى حياتى أجمل من هذا» وكان قد تجمع قناصل الدول والجاليات الأوروبية لاستقبالها ومرت تحت أقواس النصر التى أقيمت ابتهاجًا بقدومها.

عندها كتبت الإمبراطورة «أوجيني» لزوجها الإمبراطور نابليون الثالث «لقد خلعت القاهرة رداءها العتيق وبدت فى أبهى حللها، فحفلات الرقص والموسيقى التى أشاهدها خير شاهد على ذلك». وحرصت خلال زيارتها على تفقد الآثار المصرية التى أعجبت بها وكان تعليقها على ذلك «حيا الله المصريين أنهم يعطون للموت اهتمام الناس بالحياة». 

حكايات الإمبراطورة أوجينى عاشقة الآثار الفرعونية شيء من الخيال، فحبها للآثار المصرية وغرامها الشديد وولعها بمصر سطر حكايات مهمة عن حياتها والنهاية الحزينة لها.

فمنذ ميلادها فى 5 مايو 1826 إلى رحيلها فى 11 يوليو 1920، شهدت أحداثا عظمى قلبت تاريخ العالم، كالحرب الروسية الفرنسية، أو افتتاح قناة السويس، أو الحرب العالمية الأولى.

ولدت الإمبراطورة أوجينى بغرناطة فى إسبانيا، وربما يفسر هذا سر قربها من الشرق، اسمها الكامل أوجينى دى مونيتو كوتيسه، درست وتلقت علومها فى فرنسا، وأجادت الكثير من اللغات كالإسبانية، الفرنسية والإنجليزية، وربما تكون قد أتقنت بعض الكلمات العربية عشقًا لمصر.

وإذا كان جمال أوجينى لا يقارن كما تذكر الكثير من الكتب التاريخية، وهو ما جعلها شخصية آسرة وجاذبة، فإنها فى الحقيقة كانت صاحبة شخصية قوية وحازمة، ما جعل التاريخ يفتح لها بابا لتتبع أدوارها السياسية التى لا يمكن إغفالها، فهى التى أنهت عصرا من الحروب بين قطبى أوروبا فى القرن السابع والثامن عشر- فرنسا وانجلترا-، حين زارت الإمبراطورية التى لم تكن تغيب عنها الشمس برفقة زوجها «نابليون الثالث»، منهية فترة خصومة طويلة، وردت الملكة فيكتوريا وزوجها ألبرت الزيارة، وهنا شعر الشعب الفرنسى أنه أمام إمبراطورة حقيقية، فزادت شعبية أوجينى لدرجة أن الشعب الفرنسى أطلق على ابنها الذى ولدته «ابن فرنسا».

زارت أوجينى مصر، وأحبتها، ووقعت فى عشقها وفى عشق تاريخها وشعبها وحكامها أيضًا، كانت البداية هناك بفرنسا، حيث يذكر أن الإمبراطورة أوجينى ولعت وشغفت بالآثار المصرية من خلال عرض أقيم فى باريس عام 1867، وقد عرض فيه بعض من آثار الأقصر ومعبد دندرة بقنا، ومن حينها أصبح قلب أوجينى معلقًا بمصر، ووقعت فى غرام أم الدنيا.

وفى 23 أكتوبر 1869، وقبل حفل افتتاح قناة السويس بقرابة شهر كامل، وبالتحديد فى يوم 16 نوفمبر 1869، لامست أقدام أوجينى أرض مصر، بدعوة خاصة من الخديو إسماعيل.

جاءت الإمبراطورة الجميلة دون زوجها الإمبراطور، والذى كادت الصراعات والحروب حوله آنذاك تفتك به وبفرنسا، وقد بالغ إسماعيل فى الاحتفاء بالإمبراطورة دون جميع المدعوين، فمنذ أن خطت على أرض مصر، وقف الخديو فى استقبالها بميناء بورسعيد، وأول شيء فعله هو أنه أمر بإطلاق اسمها على الرصيف الذى رست عليه سفينتها.

كانت أوجينى آنذاك فى الثالثة والأربعين، امرأة مكتملة، ناضجة، متألقة، وساحرة أيضًا، وتعيش حياة بذخ غير عادى، وهى التى عُرفت بأنها ما لبست فى قدمها حذاء إلا مرة واحدة مهما كان ثمنه باهظا.

بدأت الإمبراطورة أوجينى زيارتها لكثير من الأماكن داخل مصر، حيث زارت الأقصر وآثارها، ثم كان انبهارها بمظاهر الترف والبذخ فى احتفالات قناة السويس، فقالت: «لم أر فى حياتى أجمل ولا أروع من هذا الحفل العظيم».

فهل كان إسماعيل يريد أن يجذب نظر حبيبة قديمة بما رأته على أرض المحروسة، حيث تذكر بعض الحكايات أنه قد أحب أوجينى أثناء دراسته لمدة ثلاث سنوات بفرنسا، ولم تكن حينها قد أصبحت إمبراطورة؟ الإجابة فى الحلقة القادمة.

حفظ الله مصر وأهلها

[email protected]