يمكننا وصف شخصية الرئيس الصينى شى جين بينج، بالشخصية السياسية المهيمنة، وأسلوبه التواصلى الحازم. ويرى الكثيرون فى الغرب أنه المستبد الذى كانوا يخشون دائمًا أن يواجههم يومًا ما. بالنسبة إلى شى شى جين بينج والأشخاص المحيطين به كانت مكافحة ما تسميه إدارته «العالمية الغربية»، والمحاولات الغربية للتغلغل فى السياسة الصينية من خلال المشاركة الاقتصادية والثقافية، بمثابة المهمة الرئيسية لهم.
الآن وصل تهديد شى جين بينج إلى الفناء الخلفى الخاص للغرب. يؤكد تقرير حديث صادر عن لجنة الأمن والاستخبارات البرلمانية البريطانية (ISC) طبيعة النوايا الصينية على أنها «طموح على مستوى عالمى، لتصبح قوة عظمى تكنولوجية واقتصادية، تعتمد عليها الدول الأخرى». هذا بالطبع يشكل تهديدًا للأمن القومى للغرب. هذا ما تؤكده أيضا وكالة المخابرات المركزية ومكتب التحقيقات الفيدرالى فى الولايات المتحدة، الذين اعتبروا الصين فى السنوات الأخيرة أكبر خصم لهم.
فى عهد شى، كان الحزب الشيوعى الصينى لا يرحم فى التعامل مع المعارضة الداخلية، وإغلاق المجال لما كان فى السابق نقاشًا محليًا شرعيًا، ووضع وسائل الإعلام والمنظمات غير الحكومية تحت قيود ضخمة. امتد الكثير من هذا إلى العالم الخارجى، حيث قام عملاء الدولة بملاحقة أعدائهم فى جميع أنحاء العالم، مما أدى إلى مزاعم عن وجود شرطة فى الصين فى الخارج.
على الرغم من ذلك، يشير تقرير مركز الدراسات الدولى إلى الصين إلى مستوى من النوايا الاستراتيجية المتماسكة وتهديد منهجى وخطير للقوى الغربية. إحدى الظواهر اللافتة للنظر فى السنوات الأخيرة هى تزايد الحديث عن تهديد الصين بالتوازى تقريبًا مع تراجع الثقة الغربية بالنفس. يُنظر إلى الاستثمار الصينى الآن على أنه محرك محتمل رئيسى لنوايا الدولة الصينية وتأثيرها.
لقد كان الغرب هو سبب سوء حظه. لقد تعامل مع عدد من قضايا تغيير النماذج فى السنوات الخمس عشرة الماضية، والتى أدى الكثير منها إلى تأجيج هذا التآكل. كانت نهاية «الحرب على الإرهاب» اللامتناهية فى أفغانستان حالة خاصة - تراجع محبط بعد إنفاق تريليونات الدولارات، وترك السكان المحليين تحت رحمة نفس القوات التى تحرروا منها فى الأصل.
شاهدت الصين هذا الدليل العالمى على عدم الكفاءة بمزيج من الدهشة والشماتة. ولا تستطيع الولايات المتحدة وأوروبا لوم أى شخص آخر على هذا الفشل.
من المؤكد أن الغرب لا يثق بالصين، لكن الصين لديها كل الأسباب لعدم الثقة بالغرب أيضًا، بعد أن رأت نتائج تدخلها حسن النية، وافتقارها إلى القدرة على المتابعة وإحداث التغيير نحو الأفضل.
القليل من التأمل فيما يحدث فى الغرب قد يجلب بعض الفهم للسلوك غير المتسق، والطرق التى يمزج بها فى كثير من الأحيان الحديث السامى عن القيم مع السعى الأكثر لتحقيق المصالح التجارية والمادية. وقد نتج عن ذلك وجود الصين، حيث تعمل على رسم مسارها الخاص وتنشئ مساحة خاصة بها فى العالم كما لم يحدث من قبل. وفى الحقيقة الصين شريك عالمى صعب، لكنها ليست شريكًا مجنونًا. من الواضح أن عقلية العالم الغربى قد تعرضت لتحدٍ من خلال السؤال عن كيفية التعامل مع الصين فى عصر أصبحت لها فيه المزايا الاقتصادية والجيوسياسية والعسكرية.
سيستمر شى وزملاؤه فى الحصول على اليد العليا، حتى وهم يتعاملون مع القضايا المحلية التى هى أكثر خطورة بكثير من أى تهديدات أو إدانات صادرة من العالم الغربى.