عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

كنيسة مارجرجس فى دير المحرق هدية مصر للعالم المسيحى

«الوفد» يكشف محطة جديدة بالقدس الثانية

بوابة الوفد الإلكترونية

مرت على ذاكرة التاريخ القبطى العديد من الأحداث التى تركت أثرًا فى وجدان أبنائها، تحفظها العديد من المناطق الروحية فى مصر التى كرمها الكتاب المقدس وباركتها العائلة المقدسة فى رحلة دامت لسنوات جعلت أرض الكنانة محطة لا يستطيع العالم أن يتخطى دورها فى حفظ التراث المسيحى الذى يعود لقرون عديدة من الاندثار.

ترك السابقون فى تاريخ الكنيسة إرثًا حضاريًا عظيمًا ولا ينكر العالم فضل مصر فى حفظ التراث والتاريخ الذى عاشه الأقباط منذ دخول المسيحية أرضها على يد القديس مارمرقس الرسول، مؤسس الكرازة المرقسية، إلى جانب دور الكنائس فى حفظ تاريخها وتذكير أجيالها المتعاقبة بما يملكون من كنوز تاريخية وبشرية عظيمة.

ووسط الصحراء وعلى أعلى جبل قسقام فى محافظة أسيوط يقبع دير المحرق المعروف لدى الأقباط بـ«القدس الثانية» باعتباره الأرض التى احتضنت العائلة المقدسة فى محطتهم الأخيرة فى مصر وعاشوا فيها لمدة 6 أشهر و5 أيام. 

يعتبر دير المحرق من أبرز النقاط التى دونت رحلة هروب العائلة المقدسة فى مصر والتى ترحلت بين 25 محطة شمالًا وجنوبًا، واستمرت حتى موضع استقرارها الأخير فى أسيوط، المكان الذى مكث فيه المسيح لمدة أكبر من غيرها وشهد معجزات أخبرت العالم عن هذه المنطقة المقدسة. 

توصلت «الوفد» إلى دير المحرق لتستكشف هذه المنطقة المباركة بنفحات الطفل يسوع المسيح وهو فى أحضان أمه البتول بصحبة خطيبها القديس يوسف النجار، واستقبلنا فى جولتنا الراهب لعازرالمحرقى، راهب بشوش الوجه فى مُقتبل العمر، لبق اللسان، يروى تفاصيل وتاريخ هذه المحطة الختامية التى لا تزال محط أنظار العالم وتعتبر قِبلة يقصدها الآلاف دائًما.

محطات «الوفد» فى دير المحرق بأسيوط «القدس الثانية»

وفى نقطة جديدة، بعدما اصطحبنا الراهب المحرقى إلى أبرز نقاط الدير وهى «الكنيسة الأثرىة» التى عاش فيها المسيح وهو طفل يلعب ويلهو، وتتجسد المعجزات فى خروج الماء من المبئر المبارك وتحمل اسم العذراء، ثم انتقلنا إلى محطة جديدة وهو «الحصن الأثرى» الذى يواجهه أبواب الكنيسة وهو صنيعة الآباء الرهبان ويُعد محطة هامة فى تاريخ الدير إذ أسسه الآباء بحكمة بالغة وإبداع بإمكانيات بسيطة ويحمل بين جدرانه تاريخًا عظيمًا. 

وفى حديثه، كشف الأب الراهب عن تاريخ الحصون بالأديرة التى ظهرت فى وادى النطرون لأول مرة بالقرن الرابع وكانت نتيجة لأفكار الرهبان آنذاك لحماية أنفسهم من هجمات البربر الذين اعتقدوا أن الأديرة أماكن عامرة وغنية يمكنهم سرقتها، فكانوا يشنون هجمات لسرقة وقتل الآباء الرهبان، وكان بناء الحصون يأخذ شكل القلاع الحربية المنتشرة حينها فى منطقة الشرق الأوسط وخاصة بمنطقة الشام، وتم بناء هذا الحصن بغرض الدفاع والحماية. 

كنيسة مارجرجس فى دير المحرق.. الأثر الباقى فى تراث الأقباط

 وبعد انتهاء جولتنا بالكنيسة التى عاشت فيها العائلة المقدسة ودشنها المسيح بيده المباركة، وزيارة أثر الرهبان، بدأ الحوار عن المحطة الأحدث داخل الدير العريق وهى كنيسة الشهيد مارجرجس، المبنى الذى تصل إليه بعد مرور طرقات مُزينة بالأشجار الفارعة، تجعلك تنتقل بين الأزمنة من جزء أثرى يعود للقرون الأولى، إلى جزء آخر فى حِقبه زمنية جديدة. 

 

حقيقة الاسم الأول لكنيسة مارجرجس بالمحرق 

كنيسة العذراء قديمًا المشهورة حاليًا بـ«كنيسة مارجرجس» بمجرد أن تطأ الأقدام أبوابها تفوح رائحة البخور المباركة وينساب منها شعور روحانى يختلط بالإبداع الفنى ومعالم الحداثة والألوان اللامعة، يُحيط بمذبحها حامل الأيقونات الرخامى وتعلوها آيات الإنجيل المحفورة بخطوط مميزة.

أسباب تقدير الكنيسة القبطية لـ«أمير الشهداء»

اشتهرت هذه الكنيسة باسم القديس الشهيد مارجرجس، فالكنيسة القبطية تُقدر كل من يستشهد على اسم المسيح دون النظر إلى جنسيته ويحتل الشهيد مارجرجس الفلسطينى مكانة كبير ويُلقب بـ«أمير الشهداء»، نظرًا لما تعرض له من عذبات قاسية وحُكم عليه 70 ملكًا وواليًا على مدار 7 سنوات، وهناك نسبة كبيرة من كنائس مصر تحمل شفاعة هذا الشهيد.

الراهب لعازر يروى لـ«الوفد» تفاصيل تاريخية عن كنيسة مارجرجس بدير المحرق

<< فى البداية، حدثنا عن تاريخ كنيسة مارجرجس فى دير المحرق؟

- يعود تأسيس كنيسة مارجرجس إلى آواخر القرن الـ18 وبداية القرن الـ19، وبدأ الدير منذ عام 1876 ميلادية بإنشاء الكنيسة على أنقاض كنيسة العذراء وتم الانتهاء منها عام 1880 م. 

<< ما قصة الكنيسة التى بُنيت على أنقاضها كنيسة مارجرجس؟

 - كانت الكنيسة المهدومة تحمل اسم العذراء مريم، ولكن تقرر تغيير الإسم حتى يمكن التميز بينها وبين الكنيسة التى تقع بجوارها -الكنيسة الأثرية- وبدأ الانتهاء من التأسيس تم إطلاق اسم الشهيد مارجرجس عليها. 

<< أبرز ما يميز كنيسة مارجرجس بدير المحرق؟ 

- تتميز هذه الكنيسة لأكثر من سبب أبرزهم يمكن أن نقول حامل الأيقونات الرخامى المصنوع على الطراز البيزنطى ويختلف عن الكنائس الأخرى التى تتبع فى تأسيسها والأيقونات داخلها الفن القبطى، وأيضاً تمتاز بوجود «الرفات مباركة وجسد القديس الأب ميخائيل البحيرى».

<< ما قصة المقصورة الخشبية التى يقصدها العديد من الأقباط؟ 

- تحتضن المقصورة الخشبية فى بداية الكنيسة، جسد القديس الأب ميخائيل البحيرى الذى يعد أبرز الرهبان بالدير وتنيح عام 1923م، ويسترسل الراهب عن سيرة القديس الراحل أنه كان أبًا مثاليًا فى الحياة الرهبانية، لذلك قرر المجمع المقدس الاعترف بقداسته عام 1963م، وخلال عام 1991 اجتمع مجمع رهبان مع رئيس الدير آنذاك الأنبا ساويرس المتنيح، وقرروا استخراج الرفات من مدفن الآباء الموجود أسفل الكنيسة وتم وضعه هنا فى المقصورة الخشبية تكريما ومحبة له. 

<< ما القصة التاريخية وراء حامل الأيقونات الروخامى بالكنيسة؟

- تتفرد هذه الكنيسة بحامل الأيقونات الموجود فيها باعتباره هدية للدير من روما، وتروى القصص أن هناك شابًا من المنطقة الشرق الأوسط يُرجح البعض أنه من منطقة الشام، اشترى قطع الرخام من روما وأرسلها إلى الدير بصُحبة عدد من رسامين القدس للعمل على رسم الأيقونات بالطراز البيزنطى وأيضاً يمتاز هذا الحامل باللون الذهبى فى الخلفيات والمختلف عن الفن القبطى. 

<< يتوسط الكنيسة «مقعد كبير مزخرف»، ما قصته؟

- يفسر الراهب فى حواره قصة المقعد الخشبى المنقوش بالزخارف المعرف بـ«كرسى الأسقف» عادة يكون فى أغلب الإيبارشيات والكنائس التى تضم الكراسى الرسولية، وهو تمثيل لرئاسة الكنيسة، ويجلس عليه قداسة البابا تواضروس الثانى أثناء زيارته للكنيسة. 

<< مدى اختلاف المنجلية فى كنيسة الحصن عن كنيسة مارجرجس؟

- المنجلية فى كنيسة مارجرجس متطورة تطورًا طبيعيًا وتختلف عن المنجلية فى كنيسة الملاك ميخائيل الموجودة داخل الصحن وهو تطور ملحوظ نظرًا لحداثة كنيسة أمير الشهداء، ويروى الراهب أن «المنجلية» بالحصن فريدة ويتجاوز عمرها الـ900 عام تعتبر من أقدم القطع الخشبية الأثرية المستخدمة فى الكنيسة القبطية كلها. 

وتضم الكنيسة الحديثة منجليتين، بينما تحتفظ كنيسة الحصن بخصوصية المنجلية الواحدة التى تستطيع تحريكها من الأسفل إلى الغرب لتقوم بمهمتها الروحية.

<< مدى الأهمية الروحية لوجود المنجلية فى الكنيسة القبطية؟

- تعتبر المنجلية إحدى أبرز الأداوات التى تحتاجها الكنيسة خلال قراءة الكتاب المقدس فى القداس الإلهى، إلى جانب الأوانى المكونة من «الصينية» المصنوعة من الفضة أو المعدن لوضع الخبز المبارك والكأس الذى يصب فيه من قارورة الأباركة، وأثناء القراءات فى الليتورجية كانت قديمًا باللغة القبطية فقط، ومع مرور الوقت وبداية القرن الـ11 بدأت اللغة العربية تنتشر فشعرت الكنيسة أن هناك أعدادًا من المُصلين لا يتحدثون سوى العربية فتقرر حينها استخدام اللغتين، لذا استخدمت الكنائس منجليتن إحداهما تنظر إلى الهيكل تكون القراءات باللغة القبطية، وبعد انتهاء الشماس الأول يبدأ شماس آخر ينظر فى اتجاه الغرب نحو المصلين يُعيد القراءات باللغة العربية. 

وفى كنيسة الحصن توجد منجلية واحدة نظرًا لمساحته الصغيرة فصنعها الرهبان بميزة تُمكنها من الإستدارة والتنقل من اتجاه الهيكل واتجاه الغرب فى آن واحد. 

<< أشهر الأيقونات الموجودة فى كنيسة مارجرجس؟

- تضم الكنيسة حامل الأيقونات التى تروى كل منها قصة روحية كبيرة، وأشهر الأيقونات التى رسمها «نيقونا توادرى» أحد الرسامين الموجودين لرسم الحامل الرخامى، هى أيقونة العذراء مريم والسيد المسيح مكتوب أسفلها «إهداء من الحاجة صبيحة من ناحية طنطا إلى كنيسة دير المحرق عوض يارب فى ملكوت السماء». 

<< ما قصة السيدة المسلمة التى أهدت أيقونة العذراء للكنيسة؟ 

- يذكر التاريخ عن قصة الحاجة صبيحة، أنها سيدة مسلمة صالحة وتحب الخير، ويقال إنها جاءت إلى الدير فى القرن 19، وكانت تحب العذراء مريم حبًا جمًا ويروى التاريخ أيضاً أنها شاهدة على معجزة صنعتها العذراء داخل الدير فأرادت أن تترك ذكرى هنا وطلبت من أحد الفنانين الموجودين أن يرسم أيقونة على نفقتها الخاصة تعبيرًا منها عن حبها للسيدة العذراء مريم.