رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حكاية وطن

ثورة 30 يونيو لم تكن ثورة لإنهاء حكم «مرسى» بعد 368 يوماً قضاها فى السلطة فقط، ولكنها كتبت شهادة وفاة جماعة الإخوان منذ تأسيسها عام 1928، على يد حسن البنا، ولن تقوم لها قائمة أخرى بعد أن لفظت أنفاسها الأخيرة، وتبدد حلمها فى حكم مصر 500 عام كما كانوا يزعمون. كانت الجماعة تريد إسقاط مصر كمقدمة لإسقاط جميع الدول العربية بعد زرع الفتن الطائفية فيها وتحويلها إلى دويلات فسقطت الجماعة، وتفكك تنظيمها، وعادت مصر دولة قوية ثابتة واثقة من نفسها بفضل شعبها الذى وضع يده فى يد قواته المسلحة وشرطته ووثق فى القائد البطل الذى وضع روحه على كفه، وهو ينفذ مطالب المصريين بإسقاط حكم المرشد، والذى طمأن المتظاهرين الذين خرجوا بالملايين إلى الميادين يوم 30 يونيو يهتفون «يسقط يسقط حكم المرشد» وينادون القوات المسلحة بمساندة ثورتهم، فطمأنهم «السيسى» قائلاً: تتقطع أيدينا لو امتدت على المصريين، وتشجع الشعب، واحتفل فى الميادين بإزاحة حكم الجماعة الإرهابية تحت حماية الجيش.

سطر المصريون فى 30 يونيو ملحمة تاريخية خالدة للحفاظ على هوية الوطن وكتبوا بأحرف من نور ميلاد مسار جديد من مسارات العمل الوطنى المصرى الخالص، لتنطلق مسيرة البناء والتنمية الحقيقية والحديثة على كافة المستويات، ترتكز على دعائم قوية من التلاحم الشعبى والاصطفاف الوطنى لمجابهة التحديات.

رسخ حكم الإخوان الذى ثار عليه الشعب حالة من الاستقطاب الحاد، وقسم المجتمع بين مؤيد للمشروع الإسلامى الذى يمثله «مرسى» وجماعته دون أن يقدموا دليلاً واحداً على هذا المشروع، وبين مناهض له يوصف فى أغلب الأحيان بـ«العلمانى»، وبدلاً من أن يتفرغ الشعب للعمل والإنتاج اتجه إلى التناحر والعراك بين التأييد والرفض.

كما افتعل حكم الإخوان الأزمات الرامية إلى تشتيت جهود الأمن والحد من اكتمال البناء الأمنى، وكان أبرز المشاهد إحياء ذكرى أحداث محمد محمود ومجزرة استاد بورسعيد، وإحداث قلاقل أمنية من آن لآخر بالعديد من المحافظات، كما أفرج نظام الإخوان عن سجناء جهاديين من ذوى الفكر المتطرف استوطنوا سيناء وسعوا إلى تكوين إمارة إسلامية متطرفة تستمد العون من أنفاق التهريب إلى قطاع غزة التى حظيت بكل الدعم والحماية من الرئيس الإخوانى ذاته، نفذت هذه الجماعة فعلاً خسيساً بالإجهاز على 16 شهيداً من رجال الأمن وقت الإفطار فى رمضان استمرت فى عهد الإخوان الأزمات الغذائية والارتفاع المتواصل فى أسعار السلع والخدمات دون تدخل حكومى يسعى لوقف جشع التجار، وكان هناك اتجاه واضح من الإخوان لتغيير هوية مصر الثقافية والعمل على ارتدادها لحساب توجهات رجعية متخلفة، بدءاً من منع عروض الباليه بدار الأوبرا إلى إقصاء قيادات وزارة الثقافة والفنون والآدب، مقابل إحلال قيادات تدين بالولاء للجماعة الداعمة للحكم. ناصب الإخوان الإعلام العداء وأصبح هدفاً مباشراً لتحجيمه، بل وإقصاء رموزه وسعت الجماعة بكل قوة لأخونة مؤسسات الدولة الصحفية والإعلامية، فى محاولة واضحة لتأسيس الفكر الإخوانى من جهة، والحد من تأثير الإعلام من جهة ثانية، قام الإخوان فى فترة حكمهم بمعالجة سلبية للغاية لمباشرة إثيوبيا بناء سد النهضة، كشفت الافتقاد لأسس التعاطى مع الأزمات الممتدة منها أو الناشئة، فضلاً عن سوء إدارة الحوار مع القوى السياسية وبثه على الهواء بما ساهم فى توتر العلاقات مع الجانب الإثيوبى وأجهض أسس الحوار السياسى معه.

كل هذه الانزلاقات الخطيرة التى وقع فيها الإخوان عن قصد ضاعفت من إصرار الشعب المصرى على إنهاء حكمهم لإنقاذ البلاد من قبضتهم الإرهابية، والحفاظ على هوية الوطن، ورهن المصريون بعزيمتهم القوية على أن الشعوب حينما تنتفض لا يمكن أن يقف أمامها عائق، ونجحوا فى تغيير أحداث التاريخ المصرى الحديث والمعاصر، وكتبوا بأحرف من نور مساراً جديداً من مسارات العمل الوطنى المصرى الخالص، وها هم يحتفلون غداً بالذكرى العاشرة لثورتهم المجيدة، التى أكدت التلاحم الشعبى والاصطفاف الوطنى لمجابهة التحديات، والدفاع عن الحق فى البقاء.