عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

من داخل القدس الثانية

أسقف دير المحرق بأسيوط يسرد لـ"الوفد" تفاصيل رحلة العائلة المقدسة من الخوف إلى الأمان

الوفد داخل القدس
الوفد داخل القدس الثانية

أسقف دير المحرق بأسيوط يسرد لـ"الوفد" تفاصيل رحلة العائلة المقدسة من الخوف إلى الأمان

 

«قُمْ وَخُذِ الصَّبِيَّ وَأُمَّهُ وَاهْرُبْ إِلَى مِصْرَ» بهذه الكلمات أرشد الملاك الذى ظهر إلى القديس يوسف البار عند اشتعال غضب هيرودس الملك الذى استشاط من مولد المسيح وبات يذبح البراءة قلقًا منه على عرشه المهزوز.

 

 وكانت مصر هى الملاذ الآمن والقِبلة الهادئة التى ذكرها الإنجيل، وهرعت إليها العائلة المقدسة لترتمى فى أحضانها وتبدأ مسار الهروب ورحلتها من الخوف إلى الأمان. 

أيقونة مسار العائلة المقدسة فى مصر

ومع بزوغ شمس الصباح حملت العذراء مريم طفلها وركبت حِمارًا يصحبهما يوسف النجار نحو الصحراء وقادتهم العناية الإلهية إلى أرض الكنانة فى سلام، استمرت العائلة المقدسة تترحل فى 25 محطة حتى موضع استقرارها الأخير «دير المحرق» بجبل قسقام فى أسيوط، المكان الذى مكث فيه المسيح لمدة أكبر من غيرها، وشهد معجزات أخبرت العالم عن هذه المنطقة، ويعد مقصدًا للمسيحيين ويعرف بـ«القدس الثانية».

 ذهبت عدسات «الوفد» إلى المستقر الأخير لرحلة العائلة المقدسة، ها هو الطريق الذى عبرت منه العذراء وهى تحمل صغيرها ولكنه الآن يصلح للإقامة لا جفاء ولا خوف، يبرز مدى اهتمام الدولة بتمهيد الطريق وتسهيل الحركة، ولكن بالنظر إلى ما عانت منه العائلة المقدسة ستشعر بالمعجزة الإلهية التى حملتهم نحو بيت صغير فى وسط الصحراء، ليصبح هذا البيت أول كنيسة فى التاريخ الإنسانى كله، تصبح مع الوقت ديرًا عامرًا بالرهبان.

بدأت جولتنا فى هذه المنطقة الروحية نحو بوابات شاهقة عتيقة مفتوحة كأحضان أم تستقبل صغيرها أتى إليها متعبا من عناء السفر، وبمجرد أن تطأ قدمك تجد أطفالًا يرنمون ويعزفون الألحان القبطية فى فناء كبير تصحبك هذه الأجواء إلى عالم مختلف تُشعرك بنفحات العائلة المقدسة، متخيلًا كيف عاش المسيح وهو الطفل يلهو بأمان فى رحاب أمه البتول، يقف فى الأمام الراهب لعازرالمحرقى، راهب فى مُقتبل العمر، بشوش الوجه، لبق اللسان، يستقبلنا بيد ممدودة وبسمة مشرقة يمشى بنا نحو مبنى حديث لنلتقى بنيافة الأنبا بيجول، أسقف ورئيس دير العذراء مريم- المحرق، قبل جولتنا فى ثنايا الدير وزيارة المذبح المبارك والكنيسة الأثرية، وموضع البئر، والحصن الأثرى، وكنيسة الشهيد مارجرجس. 

«الوفد» داخل القدس الثانية

 يجوب بنا الراهب لعازر فى الدير ويحدثنا عن الأيقونات التى تُزين حوائط الكنيسة وتأتى فى مدخل الكنيسة من جهة اليمين «أيقونة العذراء القروية» تبدو أم المسيح بزى وملامح سيدة من الريف المصرى، وتسير على جنبات الكنيسة تجد أيقونات للعذراء تحتضن المسيح مرسومة وفق ثقافات متنوعة وأيقونات للقديسين والهروب الشهيرة وأيقونة مجمعة لمسار العائلة المقدسة. 

يصحبنا الراهب البشوش من الكنيسة الأثرية المليئة بالمُصلين قبل لحظات من بدء صلوات الرهبان، ثم نذهب إلى الحصن الذى صنع بإبداع، ونتجه إلى الكنيسة مارجرجس، ويبدو عليها الحداثة والتطوير، ويُحيط بمذبحها حامل الأيقونات الرخامى وتعلوها آيات الإنجيل المحفورة بخطوط مميزة، ثم نتبع الراهب لعازر ونمر فى طرقات مزينة بالأشجار.

وبابتسامة ويد مرحبة يستقبلنا نيافة الأنبا بيجول، لنبدأ الإبحار فى المحطة الأخيرة ويخبرنا عن محاور وتفاصيل الرحلة المباركة التى شُرفت بها مصر، وما يميز دير المحرق، وكيف تسير الحياة الرهبانية وعن تطوير وجهود الدولة فى إحياء هذا المسار.

**بدايةً، حدثنا عن أسباب هروب العائلة المقدسة فى أرض مصر؟

بدأت رحلة العائلة المقدسة إلى مصر بعد ميلاد السيد المسيح فى بيت لحم الفلسطينية، حين جاء المجوس من المشرق ليخبروا هيرودس الملك أن هناك طفلا قد ولد، وأنهم اتبعوا حركة النجوم وظهر نجم ساطع وكان معروفًا حينها أن هناك نبوءة تقول إنه سيولد ملك ويظهر حينها نجم، فجاءوا حتى يبحثوا عن المولود ملك اليهود. 

حين سمع الملك عن مولد من سيُسلبه العرش خاف واضطرب فاجتمع بالكهنة وسألهم عن بلدة هذا الطفل فعلم أنه فى بيت لحم، واستدعى المجوس حتى يعرف مكان ميلاد السيد المسيح بعدما ذهبوا وقدموا الهدايا مثلما ذكر الإنجيل، وكان الملك ينتظر عودتهم حتى يقتل الطفل يسوع ولكن الملاك ذهب إلى المجوس وقال لهم لا ترجعوا إليه، فذهبوا بلادهم ولم يخبروه تلبيةً لإرشاد الملاك، غضب هيرودس من سخرية المجوس، فأمر بقتل جميع أطفال بيت لحم الذين أعمارهم تتراوح من المهد حتى عامين.

**لماذا أمر هيرودس بقتل الأطفال فى هذه الفئة العمرية؟ 

كان تحديد هذه المرحلة العمرية من الطفل المراد قتله بسبب أن الملك الطاغى حين جمع أفكاره وجد أن المجوس حتى يصلوا إليه من بلاد المشرق لابد أنها استغرقت وقتًا وهو العمر التقديرى للمسيح فى هذه الفترة بحسابات من لحظة ظهور النجم الساطع حتى وصول المجوس إلى هيرودس، لذا أمر بقتل جميع الأطفال حتى يضمن أن يسوع بينهم. 

**ما سبب اختيار العائلة المقدسة للهروب إلى مصر تحديدًا؟

قبل أن تطول هذه المذبحة المسيح ظهر ملاك إلى يوسف النجار خطيب العذراء مريم وقال له «قُمْ وَخُذِ الصَّبِيَّ وَأُمَّهُ وَاهْرُبْ إِلَى مِصْرَ، وَكُنْ هُنَاكَ حَتَّى أَقُولَ لَكَ»، فأخذهم إلى أرض الكنانة ليحتموا به من بطش الملك، وكانت رحلة شاقة جدًا ومروا خلالها بشتى أنواع المخاطر واللصوص والحرارة الشديدة. 

الحصن الأثرى من الخارج

**مدى مكانة مصر فى الكتاب المقدس؟

مصر البلد الوحيد فى العالم الذى عاش به يسوع غير مسقط رأسه، وفخر للمصريين أن تباركها زيارة العائلة المقدسة، وكانت هناك نبوءة قبل ميلاد المسيح تقول إنه سوف يأتى إلى هنا، وقال «إشعياء» أحد أنبياء العهد القديم بسفر(إش 1:19) «هُوَذَا الرَّبُّ رَاكِبٌ عَلَى سَحَابَةٍ سَرِيعَةٍ وَقَادِمٌ إِلَى مِصْرَ، فَتَرْتَجِفُ أَوْثَانُ مِصْر»، والسحابة يقصد بها العذراء وتكررت النبوءة وهو ما حدث فى رحلتهم أرض الكنانة كما تكرمت وتباركت فى سفر إشعياء (إش 25:19) «مبارك شعبى مصر» ونلاحظ هنا حرف الياء فى كلمة شعبى أى يقصد بها أنها خاصتى، والحقيقة أن الله اختص مصر بهذه البركات، هناك نبى من العهد القديم اسمه «هوشع» ذكرها فى (هو1:11). 

**كيف بدأت رحلة العائلة المقدسة فى مصر؟

 جاءت العذراء والمسيح فى رحلة شاقة استمرت 3 سنوات وعدة أشهر من فرما بسيناء وانتقلوا من مكان إلى آخر فى 25 مسارا حتى وصلوا هنا «دير المحرق فى أسيوط» آخر محطة للعائلة المقدسة على أرض مصر، وظهر الملاك مرة أخرى ليوسف النجار وقال له «قُمْ وَخُذِ الصَّبِيَّ وَأُمَّهُ وَاذْهَبْ إِلَى أَرْضِ إِسْرَائِيلَ، لأَنَّهُ قَدْ مَاتَ الَّذِينَ كَانُوا يَطْلُبُونَ نَفْسَ الصَّبِيِّ». 

**أين عاش المسيح بعد نهاية رحلته فى مصر؟ 

حين عادت العائلة المقدسة إلى القدس عاشوا فى بلدة تدعى بـ«الناصرة» لذا يعرف السيد المسيح فى بعض الكتابات بـ«الناصرى» وعرفوا أتباع مخلص الأمة بـ»النصارى». 

كنيسة مارجرجس

**مدى أهمية منطقة دير المحرق فى مسار العائلة المقدسة بمصر؟ 

ورد ذكر مصر فى إصحاح (إش19:19 ) بنبوءة عن وجود مذبح وسط أرض مصر، وكانت حينها أرض الكنانة تتبع الوثنية ولم يكن هناك هيكل سوى «هيكل سليمان» بفلسطين، وكانت هذه نبوءة تحمل جانبين أحدهما يبشر بنشر المسيحية فى مصر وآخر يعنى وجود مذبح بيد يسوع فى وسط أرضها، وهو ماحدث فى «المحرق» حين عاش بها المسيح وهى منطقة تتوسط مصر جغرافيًا أيضًا. 

**ما المدة التى عاشتها العائلة المقدسة فى دير المحرق؟ 

استغرقت العائلة المقدسة فى رحلتها بمحطات أخرى أيامًا ولكن على أرض دير المحرق عاش المسيح وأمه مريم وخطيبها النجار أكبر فترة خلال تواجدهم بمصر وهى تقدر بـ 6 أشهر و5 أيام حتى عادوا إلى فلسطين مرة أخرى بعد موت هيرودس. 

**كيف كانت منطقة الدير عند وصول العائلة المقدسة ؟ 

جميع ما توصلت إليه الكتب كانت تصورات وأيضًا هناك تقليد أى ما نُقل شفهيًا، وورد عن هذه المنطقة أنها كانت صحراء آمنة وجد بها بيت صغير مصنوع من الحجر اللبِن -يذكر أنها من صنع التجار المارة من هنا- استصلح يوسف النجار البيت للعيش ومع مرور الوقت عندما شعروا بالعطش ولم يجدوا من يساعدهم ظهر بئر من الماء وكانت هذه ضمن معجزات المسيح. 

**ما سبب انتقال العائلة المقدسة بين المدن فى مصر؟

 يعود السبب وراء تنقل العائلة المقدسة فى مصر إلى تحطيم الأوثان من طلقاء نفسها فقد لاحظ المصريون عند دخول المسيح تحطيم آلهتهم فكانوا يغضبون منهم فتبدأ جولتهم لمدينة أخرى. 

الكنيسة الأثرية

**ما سبب تقديس دير المحرق لدى المسيحيين حول العالم؟

مرت العائلة المقدسة على عدة محطات ذكر عنها أيام قليلة وساعات، ولكن المكان الوحيد الى ذكر عنه الكثير ومكثوا به مدة طويلة هو دير المحرق وأطلق عليه القدس الثانى باعتبار أن المسيح عاش حياته فى أرض بيت المقدس، ولم يعش سوى على أرض مصر وهو صغير وأصبح بيته فى الدير هو «الكنيسة الأثرية»، وبعدما غادرت العائلة المقدسة أخذ المكان شهرة وزاره القديس مرقس الرسول مبشر المسيحية فى مصر منتصف القرن الأول. 

**ما يميز دير المحرق عن غيره؟

كان الدير قديمًا وسط جبل بالصحراء ولكنه الآن وصله الامتداد العمرانى، وما يميزه إلى جانب أن العائلة المقدسة عاشت هنا، أنه الدير الوحيد الذى يضم كلية إكليريكية صباحية، ويضم معهدا للمرتلين، وتصلى الكنيسة الأثرية باستخدام اللغة القبطية فقط. 

**هل جاء المسيح مصر مرة أخرى بعد رحلة العائلة المقدسة؟

قليل من يعرف أن المسيح جاء مصر وهو كبير مع تلاميذه والرسل والملائكة بعد قيامته من بين الأموات وتحتفل الكنيسة المصرية يوم 6 هاتور حسب التقويم القبطى الموافق 15 نوفمبر، بعيد تدشين الكنيسة الأثرية بيد المسيح وكرس هذا المكان بنفسه وجعلها أقدم كنيسة فى العالم والوحيدة التى دشنها المسيح بيده. 

**كيف حافظت مصرعلى دير المحرق عبر التاريخ؟ 

يذكر التاريخ دور البطريرك ثاؤفيلس الـ 23 من تاريخ البطاركة فى الكرسى المرقسى، فى القرن 4م حين جاء إلى هنا ليرى المعجزات التى انتشر الحديث عنها بين الشعب، ووجد المكان بسيطا فأراد أن يحافظ عليه فقام بتأسيس كاتدرائية كبيرة.

**كيف وصل إلى الأقباط تفاصيل رحلة العائلة المقدسة فى مصر؟ 

 يقول رئيس الدير إن بطريرك الأقباط الـ23 قال بأن العذراء قد ظهرت له وقالت «اترك هذا المكان بسيطًا كما صنعه المسيح بيده»، وخلال هذا الظهور سردت العذراء ما مرت به العائلة المقدسة فى مصر ودونها فى كتاب يعرف بـ«الميمر»، وأصبحت هذه الوثيقة رئيسية لمسار العائلة المقدسة تحتفظ به الكنيسة المصرية حتى الآن، وهناك نسختان منه واحدة داخل الدير وأخرى بالمتحف. 

** السبب وراء تسمية دير المحرق؟

«المحرق» هو اسم المنطقة، وهناك سببان وراء تسمية الدير بهذا الاسم الأول نسبة لوجود نبات ضار «الحلفا» كانوا يقومون فى الماضى بحرقه، والسبب الثانى هو انحسار الماء عن هذه المنطقة وكانت تُحرق النباتات.

**هل هناك مدينة رحبت بالعائلة المقدسة فى مصر؟

عانت العائلة المقدسة خلال رحلتها من اضطهاد البعض خوفا منهم على أوثانهم، وهناك بلدة تدعى «مير» فى أسيوط رحبت بهم وعرفت أنها بلدة خصبة أكرمت المسيح. 

**متى أصبح بيت المسيح هنا «ديرًا» ؟ 

يقول الأنبا بيجول انه أصبح ديرًا فى القرن 4 م عندما جاء عدد من الآباء الرهبان وسكنوا هذا المكان وكانوا تلاميذ الأنبا باخوميوس مؤسس حياة الشركة فى الرهبنة، سكنوا بجوار الكنيسة الأثرية – بيت المسيح- ثم تحول المكان إلى دير وعبر السنوات تم وضع الأسوار ثم تطور عبر التاريخ حتى أصبح على الوضع الحالى. 

**ما قصة الحصن الأثرى فى دير المحرق؟

عندما توافدت أعداد كبيرة من الرهبان إلى المحرق ظن البربر أنهم أغنياء ويملكون الذهب فكانوا يهاجمون الأديرة الكبيرة باستمرار، فأنشأ الرهبان بالمحرق حصنًا قويًا لحمايتهم من الهجمات، يؤول الفضل فى إنشاء الحصون بالأديرة إلى الملك زينون الذى اهتم بهذا الأمر بعدما التحقت ابنته تدعى القديسة «إيلارية» بالحياة الديرية وتركت الحكم وأراد والدها أن يحميها؛ فشجع على بناء مبنى بمثابة مدينة شاملة يدخله الرهبان يعبرون إليه بالقنطرة ثم يزيحون القنطرة حتى لا يتمكن البربر من اقتحامه، ويضم المبنى وجود طوابق لحفظ الأطعمة الشرب والنوم وأخرى مخصصة لإنشاء كنيسة وأيضًا طوابق للطوارئ حتى إذا تنيح أحد الآباء يدفنون جثمانه دون إحداث أضرار بالآخرين.

**ما يميز الحصن الأثرى بدير المحرق؟ 

يتميز الحصن فى المحرق عن غيره أنه من بناء الآباء الرهبان بالجهود الذاتية تقريبا فى نهاية القرن السادس وبداية القرن السابع، ولم يتعرض لأى هجوم على مر تاريخه منذ تأسيسه بسبب مباركة هذا المكان لذلك لم تنقطع فيه الرهبنة حتى الآن. 

**كم كان عمر المسيح حين عاش فى دير المحرق؟ 

نحن نقرأ فى الإنجيل أن هيرودس الملك أمر بقتل الأطفال من ابن سنتين فما دون، بسبب واقعة المجوس وظهور النجم، وقدر عمره بعامين أثناء المذبحة، والرحلة فى أرض مصر استمرت 3 سنين و11 شهرا، وحين وصلوا إلى جبل قسقام كانت آخر محطة للرحلة، لذا يقدر عمر المسيح وهو بدير المحرق ما يقارب 5 سنوات. 

** ما قصة كنيسة الشهيد مارجرجس بالدير؟ 

هى واحدة من ضمن كنائس الدير وليست الأساسية لها مكانة خاصة، فالكنيسة القبطية تُقدر كل من يستشهد على اسم المسيح دون النظر الى جنسيته ويحتل الشهيد مارجرجس الفلسطينى مكانة كبيرة ويلقب بـ«أمير الشهداء»، نظرًا لما تعرض له من عذابات قاسية وحُكم عليه 70 ملكا وواليا على مدار 7 سنوات، وهناك نسبة كبيرة من كنائس مصر تحمل شفاعة هذا الشهيد.

**من أشهر المدونات التى حفظت محطة دير المحرق فى رحلة المسيح؟

هناك مؤرخون حفظوا تاريخ الدير إلى جانب وثيقة «الميمير»، ومنهم نيافة الأنبا زخارياس أسقف سخا الذى ذكره فى أعمال أدبية، ثم توارث الأجيال المعلومات المعروفة عن مسار العائلة المقدسة، وفى العصر الحديث اهتم الأنبا غريغوريوس أحد أساقفة الدير بالبحث العلمى وعاش هنا كراهب وكان اسمه هنا الأب الراهب باخوم المحرقى، وكان عالما جليلا وأصبح أسقفا للبحث العلمى والدراسات الحقوقية، وكتب كتابا عن الدير المحرق وتاريخه، وأيضًا اهتم الدير مع الوقت أن يصدر كتابًا خاصًا عن تاريخه؛ فكلف الأسقف السابق المتنيح (الانبا ساويرس) بتكوين لجنة للبحث بصورة دقيقة والكتاب فى هذا الأمر وتم اصداره فى التسعينات بعنوان «دير جبل قسقام قدس- وتراث». 

**ما أبرز المعالم فى المنطقة الأثرية؟

تأتى منطقة بيت المسيح كأول معلم وأساس الدير وتحولت فيما بعد إلى الكنيسة الأثرية «كنيسة العذراء» التى دشنها المسيح بيده، وهناك الحصن الأثرى الذى شيده الأباء الرهبان فى نهاية القرن 6، وكنيسة مارجرجس وعمرها يتجاوز الـ120 عامًا، وأيضًا قلالى الرهبان التى ترجع للقرن الماضى وتم تطويرها فى مراحل مختلفة. 

 **ما أبرز الأيقونات فى الدير؟

يزخر الدير بعدد من الأيقونات منهم أيقونة الهروب من القرن 18م، وهناك أيقونات متنوعة أنسطاس الرومى من القرن 19، وصور القيامة وآخرى عن الصعود المجيد. 

**هل يوجد فى الدير رفات للقديسين؟

خلال أعمال الترميم الأخيرة فى الدير عام 2000 بالكنيسة الاثرية تم العثور على رفات لشاب، وكانت المخطوطات تذكر شابًا يقرب ليوسف النجار خطيب العذراء جاء من فلسطين حتى يعثر على العائلة المقدسة ويخبرهم أن هيرودس أرسل جنوده لقتل المسيح بعدما عرف أنهم هربوا إلى مصر، وأيضًا توجد رفات القديس ميخائيل البحيرى المحرقى ونحتفظ بها حاليًا داخل كنيسة مارجرجس بالدير. 

**ما القصة وراء أيقونة العذراء القروية؟

رسم هذه أيقونة أحد أبناء الصعيد ووضع تصورًا للعذراء بالزى التقليدى شعورًا منه بالقرب وأنها واحده تنتمى إلى هذا الشعب وهى صورة تحمل رموزًا مقدسًة ومعنى إنسانى يعكس مدى محبته للعذراء، وفى كثير من الثقافات والدول حول العالم نجد أيقونات للعذراء والمسيح وفق طبيعة كل شعب والملامح المقربة لكل بلد. 

 **ما قصة الكنيسة الحبشية المهدومة فى المحرق؟ 

كان فى الماضى كنيسة للأحباش داخل دير المحرق، تعلو الكنيسة الأثرية ومع مرور الوقت أصبحت حملًا ثقيلا على المبنى العتيق بسبب ضعف أساسيتها فتقرر إزالتها عام 1940 بالاتفاق مع الرهبان الأقباط، وتم وضع حامل من الخشب منقوش بالصليب الحبشى إلى جانب الصليب القبطى، ويحتل المحرق مكانة خاصة لدى الأحباش وعندما يذهبون إلى القدس يحرصون على المرور إلى هنا، وأيضًا فى المناسبات وأعياد العذراء يحتفلون هنا، ويصوم الأحباش صوما يعرف لديهم بـ«صوم جبل قسقام» مدته 40 يوما، وأيضًا هناك رواية آخرى تعكس مدى ترابط الأحباش بأرض الدير والتى تقول إن هناك ملكة جاءت هنا لتأخذ حفنة من تراب الدير وشيدت فوقه كنيسة هناك. 

**تاريخ مدرسة الرهبان ومتى تحولت الكلية الإكليريكية بالدير؟

التعليم بالنسبة للراهب شىء مهم وعندنا من ضمن رؤساء الدير أسقف اسمه الأنبا باخوميوس الأول (1896- 1928) أنشأ مدرسة للرهبان لتثقيفهم وتعليمهم، وعام 1930 أنشأ مبنى كمدرسة للرهبان ودى تحولت فى عهد البابا شنودة الثالث إلى الكلية الاكليريكية وافتتحها عام 1973. 

**ما قصة معهد القديس ديديموس؟

كان القديس ديديموس ضريرًا وتم تخصيص هذا المعهد فى بادئ الأمر للمرتلين من فاقدى البصر واستثمار طاقتهم وقدرتهم القوية على الحفظ وتعليمهم ألحان الكنيسة، وتم إنشاؤه عام 1979 وحاليًا يلتحق به الجميع. 

**من أبرز القديسين والآباء عاشوا بالمحرق؟

هناك قديسون وشهداء عظماء ونذكر من العصر الحديث القديس الأنبا ابرآم أسقف الفيوم والجيزة تنيح 1914، له دير خاص «دير العزب»، كان راهبًا ورئيسًا للدير هنا، ثم ذهب الفيوم وأصبح أسقفًا وخدم الفقراء، وخرج من تعاليمه القديس ميخائيل البحيرى الذى تنيح عام 1923، احتفلنا العام الجارى بالمئوية رحيله.

** هل يسمح بزيارة الدير طول العام؟

يفتح أبواب الدير للجميع ويستقبل المسلمين طوال العالم وهناك مواسم يكون إقبالا كبيرا فى الفترة من 18 -28 يونيه احتفالًا بالعذراء التى يحبها الجميع، يتم إغلاق الدير فترة الصوم الكبير حتى يستطيع الرهبان أن يمارسوا العبادات. 

** برأى نيافتك، مدى أهمية السياحة الدينية بالمجتمع؟

السياحة الدينية مهمة للغاية سواء كانت داخلية بين الديانات فى مجتمع واحد وهناك أخرى خارجية تأتى بنتائج كبيرة للدولة، تساهم فى تشغيل العمال ورفع مستوى المعيشة، وتعد رحلة العائلة المقدسة كنزا تنفرد به مصر. 

** ما شروط قبول طالب الرهبنة فى الدير؟ 

يجب أن يكون شابًا فى عمر الـ30، دائم التردد على الدير لمدة تتراوح من عام إلى عامين حتى تفتر قدراته عن كثب ويختبر نفسه، وأيضًا يجب أن يكون لديه اهتمامات روحية. 

**كيف تكون حياة الراهب المحرقي؟

يطبق الراهب خلال يوم برنامجا خاصا يبدأ بالتسبيحة اليومية فى منتصف الليل ثم صلاة القداس حتى 6 صباحًا ثم يذهب إلى العمل المكلف به من الدير ثم يأخد قسطا من الراحة ويستكمل بصلاة عشية وقت الغروب، ويقرأ، وتكون زيارته لأسرته حسب رغبة كل راهب. 

**كيف تصف دور الدولة المصرية فى إحياء مسار العائلة المقدسة؟

 لعبت الدولة المصرية دورا كبيرا فى إحياء مسار العائلة المقدسة استثمار هذه الميزة سياحيًا، وأود أن أشكر الرئيس عبدالفتاح السيسى على جهوده فى تسليط الضوء على هذه الرحلة المباركة وتمهيد الطرق المؤدية لكافة المحطات وتأمين رحلات الزوار، بالإضافة إلى الترويج الكبير للرحلة والاهتمام بكل المحطات وأيضا توفير أماكن للعمل اليدوى والفنادق فى المناطق المحيطة، وكل هذا مشروع قومى وله مردود على مصر وتحقيق سُبل تطوير المشروعات الصغيرة لتحقيق خطة تنمية الرئيس السيسى.