رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حكم المواساة بعبارة "إن في الله عزاء من كل مصيبة"

دار الإفتاء المصرية
دار الإفتاء المصرية

قالت دار الإفتاء المصرية، إن التعزية في اللغة: التصبُّر؛ وتعزى؛ أي: تصبَّر، وشعاره أن يقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، والعزاء يعني: الصبر، وعَزِيَ يَعْزَى من باب تَعِبَ: صبر على ما نابه وأصابه، وعزَّيته تعزيةً؛ أي: قُلت له: أحسن الله عزاءك؛ أي: رزقك الصبر الحسن والعزاء، وكل ما يُقال للمصاب بغرض تسليته، وتذكيره بالصبر، وحمله عليه؛ يطلق عليه: تعزية.

حث الشرع الشريف على تقديم التعزية لأهل الميت

أضافت دارالإفتاء، أن تقديم التعزية لأهل الميت من مظاهر الأخلاق الحسنة التي حثَّ عليها الشرع الشريف، ووعد عليها بالثواب والجزاء في الدنيا والآخرة؛ إذ إنها من المروءات المحمودة التي تُعدُّ من باب المشاركة والمؤازرة وجبر الخواطر بين الناس؛ فقد روى مسلم في "صحيحه" عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ نَفَّسَ عَنْ مُؤْمِنٍ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ الدُّنْيَا نَفَّسَ اللهُ عَنْهُ كُرْبَةً مِنْ كُرَبِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ، وَمَنْ يَسَّرَ عَلَى مُعْسِرٍ يَسَّرَ اللهُ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَمَنْ سَتَرَ مُسْلِمًا سَتَرَهُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَاللهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ».

استحباب تقديم التعزية لأهل الميت وبيان ثوابها

المقرر شرعًا استحباب تعزية أهل الميت؛ وقد وَعَد الشرع المُعزِّي بالثواب العظيم؛ فقد روى الترمذي وابن ماجه في "سننيهما" عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ عَزَّى مُصَابًا فَلَهُ مِثْلُ أَجْرِهِ».

وورد في "سنن ابن ماجه" أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَا مِنْ مُؤْمِنٍ يُعَزِّي أَخَاهُ بِمُصِيبَةٍ، إِلَّا كَسَاهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ مِنْ حُلَلِ الْكَرَامَةِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ»، وعن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآله وسَلَّمَ: «مَنْ عَزَّى أَخَاهُ الْمُسْلِمَ فِي مُصِيبَةٍ، كَسَاهُ اللهُ حُلَّةً خَضْرَاءَ يُحْبَرُ بِهَا»؛ قِيلَ: يَا رَسُولَ اللهِ، مَا يُحْبَرُ بِهَا؟ قَالَ: «يُغْبَطُ بِهَا» رواه البيهقي في "شعب الإيمان".

حكم مواساة أهل الميت بعبارة: "إن في الله عزاءً من كل مصيبة"

دار الإفتاء المصرية

أما عبارة: "إن في الله عزاءً من كل مصيبة" فقد رواها الحاكم في "المستدرك"، والطبراني في "المعجم الأوسط" عن أنس بن مالك رضي الله عنه، حيث قال: "لَمَّا قُبِضَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ قَعَدَ أَصْحَابُهُ حُزَّانًا يَبْكُونَ حَوْلَهُ، فَجَاءَ رَجُلٌ طَوِيلٌ صَبِيحٌ فَصِيحٌ، فِي إِزَارٍ وَرِدَاءٍ، أَشْعَرُ الْمَنْكِبَيْنِ وَالصَّدْرِ، فَتَخَطَّى أَصْحَابَ رَسُولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ حَتَّى أَخَذَ بِعَضَادَيِ الْبَابِ، فَبَكَى عَلَى رَسُولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ سَاعَةً، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ فِي الله عَزَاءً مِنْ كُلِّ مُصِيبَةٍ، وَخَلَفًا مِنْ كُلِّ هَالِكٍ، وَعِوَضًا مِنْ كُلِّ مَا فَاتَ، فَإِلَى الله فأَنِيبُوا، وَإِلَيْهِ فَارْغَبُوا، فَإِنَّمَا الْمُصَابُ مَنْ لَمْ يَجْبُرْهُ الثَّوَابُ، فَقَالَ الْقَوْمُ: أَتَعْرِفُونَ الرَّجُلَ؟ فَنَظَرُوا يَمِينًا وَشِمَالًا، فَلَمْ يَرَوْا أَحَدًا، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: هَذَا الْخَضِرُ أَخُو النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ".

بيان معنى عبارة "إن في الله عزاءً من كل مصيبة"

في بيان معنى هذه العبارة الواردة في التعزية عن سيدنا الخضر عليه السلام؛ يقول ملا علي القاري في "مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح": [(إن في الله)؛ أي: في كِتَابِهِ (عزاء) بفتح العين؛ أي: تَسْلِيَةً (من كل مصيبة)؛ -أي: إشارة- إلى قوله تعالى: ﴿وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ ۝ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ﴾ [البقرة: 155-156]، أو في ثوابه عوضًا من كل محنة وَبَلِيَّةٍ، قال صاحب "النهاية": وفي الحديث: «مَنْ لَمْ يَتَعَزَّ بِعَزَاءِ اللَّهِ». قيل: أراد بالتعزي في هذا الحديث التسلي والتصبر عند المصيبة، وأن يقول: إنا لله وإنا إليه راجعون. قال الطيبي: فعلى هذا يجوز أن يُقَدَّرَ مُضَافٌ في قوله: في الله؛ أي: إن في لقاء الله تعالى تسليًا وتصبرًا من كل مصيبة، وأن يراد إن في الله تسلية على التجريد؛ أي: الله مُعِزٌّ وَمُسَلٍّ نحو قوله: (وفي الرحمن للضعفاء كَافٍ)، وَيُؤَيِّدُهُ الْقَرِينَتَانِ؛ يعني: قوله: (وخلفًا) بفتحتين؛ أي: عوضًا (من كل هالك، ودركًا) بفتح الدال والراء؛ أي: تداركًا (من كل فائت).. (فبالله)؛ أي: فإذا كان الأمر كذلك فبعونه وحوله وقوته (فاتقوا)؛ أي: الجزع والفزع إشارة إلى قوله تعالى: ﴿وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلَّا بِاللَّهِ﴾ [النحل: 127] وفي بعض النسخ موافقًا لما في الْحِصْنِ الْحَصِينِ: فَثِقُوا بكسر المثلثة وتخفيف القاف المضمومة؛ أي: فاعتمدوا به إيماءً إلى قوله تعالى: ﴿وَتَوَكَّلْ عَلَى الْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ﴾ [الفرقان: 58]، (وإياه فارجوا)؛ أي: لا ترجوا سواه؛ فإنه لا إله إلا الله، أو من عنده فارجوا الثواب. (فإنما المصاب)؛ أي: في الحقيقة (من حُرِمَ الثواب) بصيغة المفعول؛ أي: من مُنِعَ المثوبة بسبب قلة الصبر في قضية المصيبة، والصبر الْمُعْتَبَرُ عند المولى هو الذي يكون عند الصدمة الأولى].

الخلاصة

بناءً على ذلك وفي واقعة السؤال: فتعزيةُ أهل الميت بعبارة: "إن في الله عزاءً من كل مصيبة" مستحبةٌ؛ لأن التعزية بصفة عامة مندوبٌ إليها شرعًا، وهذه الصيغة ثابتة في كتب السنة عن الخضر عليه السلام، وقد نص العلماء على استحبابها، ومعناها: إن في كتاب الله تعالى وثوابه، والرضا بقضائه، والتوكل عليه: تسليةً للعبد في جميع المصائب والبلايا.