عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

تشير لفظة الاغتراب إلى فقدان الإنسان لأمر ما.. فقدانه لذاته مثلا بشكل أو بآخر.. وهناك العديد من التعريفات للاغتراب.. منها فقدان الذات ومنها انعدام المعنى والمغزى.. ومنها فقدان المعايير.. الخ، لكن ما نود التركيز عليه هنا هو الحديث عن «التكنولوجيا المعاصرة» وكيف أنها أفقدت الإنسان ذاته وعقله.. لقد أصبح الإنسان المعاصر أسيرًا لكل التقنيات المستحدثة.. لقد تعملقت الأجهزة التى ينتجها العقل البشرى بحيث أصبحت تقف بشكل عدائى للإنسان.. تلك حقيقة بمكن لنا أن نشاهدها كل لحظة خلال اليوم.. انظر إلى الناس فى الشوارع هى لا تلتفت للطريق، هى تسير وفى يدها ذلك الجهاز السرطانى (الموبايل) إما أنها تنظر إلى الشاشة لمتابعة الشات والردود من الطرف الآخر وإما أنها فى حالة اتصال مع طرف آخر.. وعليه يكون كل التركيز على الموبايل دون الانتباه إلى ما يحدث حولها.

عليك أن تلاحظ كل من يقود سيارة تكتشف أنه يضع الموبايل على أذنه ويسوق.. السؤال كيف له التركيز؟ وكيف له الانتباه إلى ما يحدث فى الطريق؟ ترى ماذا يحدث لو أن المكالمة التى يتلقاها تجعله فى حالة من العصبية والنرفزة.. ترى هل سيقود السيارة بشكل جيد؟ الأمر فعلا مرعب ومدهش ومقرف بكل المقاييس.. ولا فائدة من التنبيه وأخذ المخالفات، لا أحد يضع تلك الأمور فى الاعتبار.. فكم من الحوادث تتم بسبب ذلك الكائن السرطانى الذى سيطر على الناس وأصبح مثله مثل السرطان وبات من المستحيل العلاج منه.. لقد فقد الإنسان نفسه وأسلمها طواعية إلى ذلك الكائن المرعب.. هو عبد لتلك الآلة، فهى التى تتحكم فيه وفى تفكيره وفى سلوكه.. كل شيء أصبح مرتبطًا بهذا الجهاز..لقد سلم الإنسان المعاصر نفسه بكل طواعية واستسلام ورضوخ لذلك الموبايل. هذه الحالة نقول عنها فى الفلسفة (جدل العبد والسيد).. تلك العلاقة تناولها ماركس وهيجل.. لكن فى الوضع القائم لقد أصبح الإنسان بمثابة العبد الذليل لذلك الجهاز الموبايل وأصبح الحاكم والآمر الناهى فى حياة الإنسان.. وأصبح الإنسان المعاصر عبدا لذلك الجهاز.. هى علاقة مرضية تحتاج إلى العلاج قبل أن يتم التدمير والموت.. إن الإنسان المعاصر لا يمكن أن يتخيل نفسه بدون ذلك الجهاز السرطانى.. اغرب ما فى الأمر أن المتسولين تجدهم يتحدثوا فى الموبايل.. لاحظت ستًا متسولة تجلس فى الشارع.. وتمسك الموبايل وتقول ادعيلى لغاية دلوقتى ربنا مارزقنيش إلا بعشرين جنيه بس. كانت الساعة الحادية عشرة صباحا. فإذا كان الموبايل قد وجد من أجل الأعمال أو الأمور الضرورية.. لكن تجد أنه انتشر مثل الوباء الذى لا علاج له.. الكل يمسك الموبايل.. الفقير والمعدوم والمتسول والمليونير.. الكل أسلم نفسه لذلك الجهاز المرعب.. إنه الموبايل. لقد اغترب الإنسان عن نفسه وأسلم نفسه لتلك الآلة.. فهى التى تسيطر عليه فى كل أمور حياته.

إن التكنولوجيا المعاصرة أصبحت مرعبة بكل المقاييس (وللحديث بقية)

 

أستاذ الفلسفة وعلم الجمال

أكاديمية الفنون