عاجل
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

«تصحيح المسار رؤية لفكرة القدوة»، أحد الكتب المهمة ويناقش فكرة نركز عليها لأننا نرى أنها هامة، خاصة فى فترة من فترات العمر.. ويبين لنا كيف يمكن أن تكون القدوة سلبية وسيئة ومدمرة.. ويعطينا لذلك أمثلة واقعية تحتاج إلى أن نتأملها بعمق لأننا نتمكن من خلالها فهم الكثير من التدهور الحادث لبعض المسائل فى حياتنا المعاصرة.

القدوة هى النموذج البشرى الذى يجسد شخصك ويحل محلك فى مخيلتك، ويسبقك فى التمتع بخصائص وسمات وملامح كاريزمية رسمتها أنت لنفسك فى خيالك، ويحظى بسمات شخصية تروقك كثيراً، سواء فى الملمح، أو السلوك، أو التوجه الفكرى، فتجد نفسك مسلماً له بوصفه متمتعاً بالكمال. بالطبع، يتبع ذلك قبول توجهه الفكرى أو السلوكى، وقد يمتد الأثر إلى محاكاة صفاته الشخصية، مثل لكنة الكلام والمشية والضحكة وأحياناً نسخ تعبيرات الوجه والانفعالات وتقليد ردود الفعل.

بيد أن انتقاء القدوة غالباً لا يخضع للتدقيق من قبل الشخص المعجب، فقد تكمن عناصر الجذب الأولية فى اختيار القدوة بالانبهار بالقوة أو المظهر أو البطولة الموقفية أو الثراء العاطفى، لذلك من الممكن أن يحتل أحد الأبوين مكان القدوة لقاء الحب والحنان ودفء الرعاية، أو ربما يلتقطها المعجب من أحد نجوم المجتمع أو أبطال السينما.

ثمة محددات نفسية تشارك فى اختيار الشخص المعجب للشخص القدوة، مثل استكمال بعض أوجه النقص لديه، فصاحب العوز المالى غالباً ما يبهره شخص رأسمالى، فينصّبه قدوة تتفق مع أحلام الثراء، أو على الأقل يستمد منه فى محاكاة خيالية قصة بناء الثروة، وهو يظن أنه فى الطريق الصحيح إلى بناء النسخة المماثلة من القدوة.

تكمن خطورة بعض أنماط القدوة السيئة فى ارتباطها أحياناً بالكاريزما العبثية للشخص القدوة، والمعروف شيوعاً بـ«الروشنة»، أو تلك الصفات الغنية بروح الدعابة وخفة الظل، والتى غالباً ما تلقى قبولاً لدى الأشخاص محدودى الخبرة، مثل فئة المراهقين أو الشباب محدودى الثقافة أو قليلى الذكاء، وليس خفياً على المدقق فى التحول الأخلاقى داخل المجتمع المصرى تأثير نجوم الفن على صناعة القدوة السيئة، ولعل أشهرهم ذاك «الكوميديان» الذى ذاع صيته، وبدأت نجوميته بتحقير التعليم وإفشاء السخرية من التعليم والمعلم، والسخرية من ناظر المدرسة، والذى صبغ جيلاً بأكمله بأخلاق «الروشنة» ولقنهم «إفيهات» السخرية اللفظية وتحقير التعليم والسخرية من احترام الآخر، وأدخل بعض الإيماءات الجنسية فى قاموس التواصل بين الشباب، سواء باللفظ أو بالإيماءات، ولم يكتف هذا النموذج بتدمير وقار التعليم ونعت مكياله بالـ«باذنجان» بل تسلل تباعاً إلى ترسيخ ثقافة التحرش الجنسى من خلال بعض الأعمال الكوميدية، سواء باللفظ أو الإسقاط المعنوى على المرأة واختزالها فى كينونة الوعاء الجنسى.

هنا يتبين لنا أن أمثال تلك النماذج واتخاذها قدوة، تكون الكارثة على المجتمع.. وهذا يوضح لنا الكثير من المساوئ التى نعانى منها.. السبب يكمن فى اتخاذ نماذج القدوة الرديئة والسيئة.. والسبب هو انخفاض المستوى الفكرى أو التدنى الفكرى والثقافى.. نحن فى حاجة إلى القدوة الإيجابية والتى تساعد على النهوض بالمجتمع، على أية حال، فإن قراءة كتاب الدكتور بهى به الكثير والكثير من القيم الإيجابية.

 

أستاذ الفلسفة وعلم الجمال

أكاديمية الفنون