رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

«لذلك كنت أقرأ الثلاثية وقت مرضى وأنا مستريح كل الراحة أقرأ قدر طاقتى فإذا تعبت وقفت دون أن أحس بلهفة على ما فتنى. مع ذلك كنت أحس إذا عدت لها أننى كنت فى شوق شديد إليها، لأنها تأخذنى من جديد بين أحضانها بكل حنان، هذه هى براعة نجيب ومهارة فنه المهذب. أنه لا يهجم عليك بمخالب وأنياب، بل ينفذ إلى روحك نفاذ أبخرة الخمر، لطيفًا مترفقًا مهذبًا. أنه يملكك دون أن تحس أنه يأسرك أيضاً.

من أجل هذا لم أنصحك أن تقرأ فى هذا النوع من المرض «اللص والكلاب»، فإنك لن تستطيع أن تلقيها من يدك إلا إذا فرغت وشعرت أنك تجرى وتلهث كالكلاب».

هى القدرة على أن يجعلك تتماها مع شخصيات الرواية وتتابعها وتشاركها أوجاعها وآلامها وأفراحها أيضاً.. تلك سمة مهمة عند المبدع يلتقطها يحيى حقى من خلال قراءته للثلاثية.. قدرة التماهى التلقائى مع شخصيات الرواية.. وهذا الأمر ليس بالهين وهذا إن دل فهو يدل بشكل صريح على مدى القدرة الإبداعية وامتلاكه تلك القدرة على امتلاك ذات المتلقي..وهذا يعنى أن المبدع لا يقدم للمتلقى فنًا منفصلًا عنه بل هو مشارك فيه بشكل أو بآخر. وهذا هو الذى يجعله يتفاعل ويتواشج مع العمل.. معناه أن المبدع تمكن بكل عبقرية أن يجعل شخصيات عمله تخرج إلى الواقع وتعيش مع المتلقى وتصبح فاعلة فى الواقع.. أى ليس هناك أى فاصل بين العمل والواقع.. فأنت تشعر من خلال الثلاثية بالست «أمينة» أنها تعيش بجوارك وأنت تعرفها.. حتى السيد «أحمد عبدالجواد» أنت تراه كل يوم وتعرف أبناءه.

يشير أيضاً يحيى حقى إلى أن نجيب محفوظ فى تفاصيل الرواية أو الأحداث أو تعرضه لتفاصيل الشخصية.. هى بمثابة تفاصيل تبلغ لدرجة عالية من الاحكام والانضباط فهى كما يقول (الوسط الذهبى).. أى أنه يفهم كيف يتحكم فى تفاصيله بحيث لا تسبب الزهق والملل ومن ثم البعد عن العمل أو إلقاؤه إلى حين.. أحداثه فيها يسر ولا توجد تعقيدات توقف حبل التواصل عند المتلقي.. نجيب محفوظ كان بارعًا فى كيفية أن يعرض لشخصياته وتفصيلاتها بدون أدنى درجة من الترهل والتكرار.. بل هو يعطيك ما يجعلك تتماشى معه وتتلهف أيضاً أن تسير معه لتعرف المزيد والمزيد.. وتلك مهارة خاصة تميز بها نجيب محفوظ.

تكمن براعة نجيب محفوظ أنه يجعل المتلقى يتماهى مع شخصيات الرواية فتجد يحيى حقى وهو يقرأ ذلك العمل العظيم الثلاثية نجده يتماهى معها ويشاركها وجدانها ويتعاطف معها.. لقد أصبحت الست (أمينة) أحد شخصيات الواقع الملموس الذى نعيشه لذلك شعر يها يحيى حقى وتعاطف معها وود لو أنه بإمكانه أن يساعدها، ونفس الأمر عندما يتماهى مع كمال.. أحد أبناء السيد أحمد عبدالجواد.. إن هذه القدرة الرائعة التى يتميز بها نجيب محفوظ هى التى تجعل العمل يبقى ويمكن للأجيال أن تتناوله ويعتريها ذلك الإعجاب وتلك النشوة التى حلت بيحيى حقى.. ولنعترف بأن ذلك الأمر لا يتوافر لدى من يكتبون أو يظنون أنهم يكتبون.. الكتابة فن وإبداع تميز به البعض دون الكثيرين. وللحديث بقية.

 

 

أستاذ الفلسفة وعلم الجمال

أكاديمية الفنون