رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

حتى نلتقي

لا عجب ولا غرابة فى هذا الكم الكبير من عناقيد الفرح التى تدلت من كل النوافذ العربية، ابتهاجًا بما حققه المنتخب الوطنى المغربى لكرة القدم من إنجازات مدهشة فى نهائيات كأس العالم 2022 بقطر، فالشعوب العربية محرومة من الفرح منذ عقود طويلة، وكل شعب يتلقى نصيبه يوميًا من الكبد والظلم والشقاء بما لا يليق مع العصر الحديث. كل شعب يتعذب حسب مقوماته وتاريخه وجغرافيته، فنادرًا ما تعثر على شعب سعيد إلا من رحم ربى، فهذا الشعب تعرض لاحتلال، وذاك ضعضعته الانقسامات والصراعات الطائفية، وشعب ثالث يلهث كل صباح وراء لقمة الخبز دون جدوى، ورابع كمموا أفواه مواطنيه وطاردوا من يتذمر ولو بعبارة فيسبوكية، وخامس قضموا قطعة من أرضه، وسادس وسابع... الكل فى الهم شرق.

من هنا يمكن لنا فهم المشاعر العربية الفياضة التى كانت تسيل كلما اقتنص الفريق المغربى فوزا على بلد أوروبى. وإذا كان وصول المغرب إلى نصف النهائى يعد إنجازا غير مسبوق، بوصفه صار واحدًا من أربعة فرق كروية بلغت المراحل النهائية، فإن الأمل فى اقتطاف فوز أكبر ظل يداعب أحلام الجميع: العرب بكتلتهم الضخمة ومعهم الأمازيغ والأكراد، فالكل يقطن هذه المساحة الجغرافية المحرومة من السعادة.

أجل... لم تعد كرة القدم مجرد لعبة يتنافس فيها المتنافسون فقط، إلى أن يظفر بالكأس من يظفر ثم يعود اللاعبون والحكام والجماهير إلى بيوتهم سالمين، بل صارت هذه اللعبة الجميلة تمثل عالمنا المعاصر بكل ما يحتشد به من توافقات ومواءمات وصراعات سياسية واجتماعية واقتصادية وفكرية وتكنولوجية، فالفرح بانتصارات المغرب هو، بمعنى ما، فرح بقدرة العالم الثالث على منافسة العالم الأول الذى يستحوذ على الثروة والعلم والتكنولوجيا ويفرض سطوته فى كل شىء، حتى فى اللعب، على شعوب هذا العالم الثالث المسكين.

لقد امتلأت صدور ملايين العرب فضلا عن قلوب الأمازيغ الذين يقطنون بلاد المغاربة بالفخار مع كل نصر يحققه الفريق المغربى، ومع كل وثبة نحو الدور الأعلى تداعب الملايين أحلام الفوز العظيم والقبض على الكأس الذهبية، وهى أحلام مشروعة لا ريب، مادام الواقع شحيحًا لا تقطر منه الأحلام الوردية المشروعة إلا كلما تيسر.

إن الدرس الثمين الذى يجب أن نتعلمه من مشوار المغرب فى مونديال 2022 بقطر هو ضرورة اتباع الأسلوب العلمى الحديث فى تطوير كرة القدم، بل يتحتم أن نتكئ على ها الأسلوب العلمى فى كل شىء، كى ننهض من عثراتنا وكبواتنا، عسى أن نشارك فى صنع الحضارة الحديثة التى يتكفل بها الغرب منذ خمسة قرون، وما نحن سوى لها مستهلكين.

وإذا كان المغرب قد وصل إلى الدور نصف النهائى، فبالعلم والتدريب والإصرار والدأب سنصل إلى ما نصبو إليه من أحلام فى كرة القدم، وفى غير كرة القدم، وكل كأس عالم وأنت طيب.