رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين
رئيس حزب الوفد
د.عبد السند يمامة
رئيس مجلس الإدارة
د.أيمن محسب
رئيس التحرير
د. وجدى زين الدين

 

فى أحيان كثيرة أنزل محطة المترو (جمال عبدالناصر) وأخرج فى الاتجاه المؤدى إلى شارع رمسيس، والسبب أننى اذهب لأرى وألقى نظرة على بائعى الكتب.. فهناك البعض يفترش الأرض لبيع الكتب القديمة.. وأنا من المدمنين شراء الكتب، فوقع فى يدى رواية (زوربا اليوناني) للكاتب اليونانى (نيكوس كازنتزاكيس) المولود فى 1883.. فاشتريتها مع بعض الكتب الأخرى. على أمل أن أقرأها.. وبالفعل فقد تناولتها وقرأت فيها ثلاثة فصول.. وبدون الدخول إلى أسلوب الرواية بالتحليل.. فإن هناك أمرا ما جعلنى أتوقف وأتأمل لذلك قررت أن أكتب.. من المؤكد أن هناك من قرأ الرواية قبلى.. قد يكون عديدا وكثيرا.. وقد يكون قليلا ومحدودا.. ويحلو للبعض أثناء القراءة أن يكتب مثلا.. (إلى هنا).. أو يوقع باسمه وتاريخ القراءة عند الفصل الذى وصل إليه.. ومثل هذا الأمر قد يمر عابرا أمام أعيننا ولا نعيره أدنى اهتمام.. لكننى توقفت وتأملت الأمر وشرد خيالى وزادت التصورات فى داخلى.. فى رواية زوربا وعند الصفحة (37) وجدت تلك الإشارة أو تلك التدوينة تقول (تذكر الأهوال الرهيبة التى لاقيناها فى السادس من أكتوبر عام 1973.. نقيب: أحمد حسن محمد حسان.. توقيع: 6/10/1973 المدفعيون).. هذا التوقيع من النقيب احمد حسن كان يوم المعركة السادس من أكتوبر.. كم كنت أود أن يكتب الساعة التى كتب فيها تلك التدوينة.. مثل تلك الأمور تجعلك تفكر فى تلك الحرب.. ومدى الأهوال وتتخيل ما قد بذل من تضحيات.. وما كتبه سيادة النقيب مؤكد هو مجرد ملاحظة من كثير من الملاحظات.. وأن الأهوال التى خاضها سلاح المدفعية هى جزء من أهوال أخرى فى قطاعات كثيرة أخرى.. هى ملاحظة عادية قد تمر على أى شخص.. ولكن لماذا هى لم تمر عليّ مرور الكرام؟ إن الملاحظات والتدوينات التى نجدها ونلاحظها بشكل عابر، وقد تكون مصادفة وتمر وتتسرب من مخالب النظر دون أن يوقفها ليتأملها، وربما لو حدث ذلك لخرج لنا آلاف الأفكار والتحليلات الثرية.. والنقيب أحمد حسن ترك الرواية وكتب ملاحظة أخرى عند الفصل الرابع فى 4/2/1974 عند الصفحة (43).. فى الحقيقة عندما تتوقف عندها تجد أنها تجسد لك الكثير والكثير.. لقد أخذتك تلك الملاحظة المسجلة فى السادس من أكتوبر.. لكى نتأمل ونتخيل وتسترجع كل تاريخك.. فإذا كان النقيب أحمد يسجل تلك الملاحظة فى إحدى صفحات رواية زوربا.. فإنك تعود بالزمن للوراء.. لتسأل نفسك يوم السادس من أكتوبر كنت فى أى مكان وأى سنة دراسية كنت والوقت الذى سمعت فيه خبر عبور قواتنا المسلحة لخط بارليف والراديو الترانزستور بحجرين قلم.. وكنت تركز فى الخبر.. مثل تلك الملاحظة تعيد لك الزمن الذى مضى وتتذكر وتتأمل. وبعد مرور كل تلك السنوات والتى قاربت على نصف القرن تسأل أين أنت سيادة النقيب.. ولماذا لم تكتب الكثير من الملاحظات وتعطينا إشارة عن مدى الأهوال التى واجهتموها. تحية تقدير وإجلال لأبطال حرب أكتوبر.

 

أستاذ الفلسفة وعلم الجمال

أكاديمية الفنون